تونسيون شباب يدمنون القمار الإلكتروني

06 ابريل 2016
اللعبة تقضي باختيار مباراة للرهان والتكهّن بالنتيجة (العربي الجديد)
+ الخط -

انطلق مشواره مع القمار الإلكتروني من مجرّد رغبة في اكتشاف تلك الألعاب الجديد في تونس وما قد تحققه من أرباح بعدما شاهد تعلق أصدقاء له بها. ومنذ أربعة أعوام، أدمنها. يومياً، يقصد محمد أحد محلات الإنترنت في تونس من الصباح حتى المساء، فالقمار الإلكتروني بات يوفر له مداخيل يومية قادرة على تأمين مصاريفه. وتتراوح ما بين 600 و1500 دينار شهرياً (300 - 700 دولار أميركي).

لأكثر من ثماني ساعات يومياً، يلاحق محمد الثراء السهل والسريع. يركّز عينَيه على شاشة الحاسوب، ويبتسم مرّة إذا حقق ربحاً وينفعل مرّة أخرى إذا خسر ما ربحه. وقد يخسر أمواله القليلة في لعبة "بي وين" ليعود إلى منزله صفر اليدين.

ومحمد من مئات الشباب التونسيين المدمنين على هذا النوع من الألعاب التي انتشرت سريعاً في السنوات الأخيرة، وانخرط الشباب فيها في ظل أزمة البطالة التي يعيشونها اليوم. على الرغم من حداثة عهدها، إلاّ أنّها منتشرة بشكل كبير في مدن كثيرة، خصوصاً في الأحياء الشعبية في المناطق الداخلية حيث ارتفعت نسب البطالة وغابت وسائل الترفيه.

مكرم في العشرين من عمره، يلعب "بلات وين" منذ أربعة أعوام، وقد أدمن هذه اللعبة التي تحقق له الأرباح وتوفر له مصاريفه الشهرية على عكس لعبة "برومسبور" التي ترتبط فقط بمواعيد المباريات التونسية. أما "بلات وين" فهي متواصلة، لأنّها ترتبط بكل رياضات العالم الجماعية منها والفردية.

من جهته، يشير شريف وهو صاحب محل إلى أنّ "الإقبال على هذه الألعاب كبير جداً، على الرغم من منع السلطة مثل هذه الألعاب التي تصنّف في خانة ممارسة الميسر من دون ترخيص". يضيف أنها "لعب مفتوحة على جميع الرياضات في دول العالم، وفرص الفوز فيها أكبر من تلك التي توفرها لعبة بروموسبور". ويشرح شريف أنّ اللعبة تقضي باختيار مباراة للرهان عليها بستة أرقام، هي عبارة عن رمز لها. من ثمّ يتكهّن بالنتيجة النهائية أو بعدد الأهداف.

في هذا الإطار، يقول الباحث في علم النفس وعلوم التربية عبد الحميد الزائر إنّ "انتشار القمار الإلكتروني بين صفوف الشباب يوضح مدى إحباط هؤلاء ومحاولتهم البحث عن الكسب السريع والسهل والوفير. ويشاركون في البرامج والمسابقات ذات الأرباح النقدية". يضيف أنّ التفاوت الطبقي في تونس وبروز البرجوازية الجديدة جعل كل فئات المجتمع تنخرط في القمار بجميع أشكاله، لتحقيق رغباتهم في الثراء السهل والسريع".

إلى ذلك، يشير الزائر إلى أنّ "الشاب كلّما حقق ربحاً كلّما أدمن هذه الألعاب بهدف ربح أكبر. وقد يصل الأمر بالشخص إلى الإصابة بمرض خطير يسمّى القمار القهري. وهذا المرض يتمثل في أنه مشكلة في الصحة العقلية، وواحد من أنواع كثيرة من أمراض عدم السيطرة على النفس. وهو عبارة عن رغبة لا يمكن السيطرة عليها في ممارسة القمار، على الرغم من الخسائر التي تطاول حياة الإنسان".



من جهته، يوضح رئيس المدير العام للشركة التونسية للنهوض بالرياضة، محمد الهادي البرقوقي، لـ "العربي الجديد" أنّ "لعبة بي وين تهدد الاقتصاد الوطني وتجعل الشركة تتكبد خسائر مادية كبيرة، لا سيما أنّ المحترفين تركوا لعبة برومسبور وباتوا يقبلون على الألعاب الكبرى بشكل كبير". يضيف أنّ "هذه اللعبة تفسح المجال أمام شبابنا للاحتكاك بشبكات خطيرة تنشط خارج البلاد".

يبيّن موقع "توب 100 بوكمارك" لإحصاءات الإنترنت، أنّ تونس تحتل المرتبة 33 من بين 247 دولة لجهة ولوج مواقع القمار الإلكتروني، وهي تمثل 0.8 في المائة من رقم معاملات القمار في العالم. أما التونسيون، فيشكلون 17 في المائة من جملة زائري موقع "بلانات".

وفي الآونة الأخيرة، تعرّضت محلات إنترنت كثيرة في تونس لحملة إغلاق كبيرة. على سبيل المثال، عمدت الفرقة الجهويّة للشرطة البلديّة في محافظة صفاقس بإغلاق ثلاثة محلات لما يعرف بلعبة الحظ "بلانات وين"، مع حجز جميع المعدّات وأجهزة الحاسوب وإيقاف ثلاثة أشخاص متلبّسين بتهمتَين: الأولى لعب القمار من دون رخصة والثانية مخالفة قانون الصرف في البلاد.

كذلك، عمدت فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني في محافظة أريانة أخيراً، إلى إلقاء القبض على عامل مياوم يتّجه إلى لعبة الرهان الرياضي "بلانات وين" في محل إنترنت بالجهة. وحجزت في المحل جهازا ومجموعة من التذاكر ومبلغا ماليا قدره 500 دينار (250 دولاراً). وقد أذنت النيابة بتحرير محضر موضوعه "لعب الميسر من دون رخصة" والاحتفاظ بالمعني.

المساهمون