حلم المليون كتاب في غزة

22 ابريل 2016
أحلامها لن تتوقف (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -
تحت شعار "القرّاء لا يسرقون واللصوص لا يقرؤون"، أطلقت مها أبو شمالة (23 عاماً) مبادرتها التي تهدف إلى جمع مليون كتاب وتوزيعها على رفوف خشبية في الشوارع العامة في مختلف محافظات قطاع غزة. هي تسعى وزملاؤها إلى توفير الكتب للجميع وتشجيع الناس على القراءة، خصوصاً أنّ الثقافة برأيها هي إحدى أدوات المقاومة والصمود.
لا حدود لطموح الغزّاويين، وما من شيء يمكن أن يعرقل تحقيق الشباب أحلامهم في ظلّ الإصرار الذي يتمتعون به. هذه هي حال مها التي واجهت عراقيل عدة. تقول: "قصدنا المؤسّسات والمسؤولين لدعم الفكرة. قوبلت بالرفض، حتى من قبل بعض الأكاديميين العاملين في الجامعات والمكتبات. لكنّ الأمر لم يستمر على تلك الحال".

تعيش مها في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، وقد أطلقت فكرتها في عدد من الأماكن العامة في مدينتها، من خلال إنشاء مكتبات عامة في الشوارع والميادين الأساسية، قبل البدء بتعميمها على المحافظات الأخرى. تقول: "بداية، كان المشروع عبارة عن مبادرة شبابية تهدف إلى وضع رفَّين وكتب عند باب جامع العودة. هناك، وجدنا الدعم المطلوب بعدما شجعتنا بعض المؤسسات والمدارس، بالإضافة إلى بعض الشخصيات النافذة في المدينة. ودفعنا ذلك إلى الانطلاق من رفح".

يستهدف المشروع جميع فئات المجتمع، خصوصاً الشغوفين بالقراءة والمهتمين بزيادة معرفتهم وثقافتهم. وترى مها أنّ القراءة حق للجميع وعامل ضروري لزيادة المعرفة والوعي والارتقاء بالمجتمع، فيما تعلم تمام العلم بأنّ المجتمع في غزة غير مستعد بعد لمثل هذه الأفكار بسبب كثرة الأزمات والمشاكل والمصاعب التي يعاني منها. تضيف: "ندرك جيّداً الظروف الصعبة التي يعيشها الغزاويون، إلا أننا نسعى إلى تطوير وتعزيز قدراتنا، علماً أنّ حربنا مع الاحتلال الإسرائيلي لا تقتصر على البندقية بل هي معركة عقول، ويجب علينا أن نتفوق عليهم حتى نتحرّر".

في الوقت الحالي، تدير مها مركز "لمسة وفاء" الشبابي التطوعي. يضمّ المركز فريقاً مكوّناً من خمسين شاباً وشابة لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والعشرين. ويعمل جميعهم على جمع الكتب لتنفيذ مبادرتهم من خلال التواصل مع المؤسسات المهتمة والشخصيات الداعمة. تجدر الإشارة إلى أنها حصلت على دعم من قبل مجموعة من المؤسسات والجمعيات، من قبيل مركز عبد الحوراني للدراسات، ومؤسسة القدس، ورابطة العلماء الفلسطينيين، بالإضافة إلى وزارة الأوقاف. وتأمل الحصول على دعم وزارة الثقافة.



إلى آليات عمل الفريق لجمع الكتب، تقول مها إنّ "بعض المؤسسات تعطينا كتباً من إصداراتها. ونعمل على جرد وترتيب وأرشفة جميع الكتب التي نملكها، نتيجة إيماننا بأهمية تقديم كتب متنوعة وهادفة وذات محتوى مفيد، بعيداً عن تلك الحزبية التي يمكن أن تحدث جدالاً أو تسبب المشاكل". تضيف: "ليس لدينا أي توجهات سياسية ولسنا مهتمين بإصدارات الأحزاب. نهتم فقط بالكتب التي تتحدث عن فلسطين"، لافتة إلى أنّ "الثقافة مسؤولية". تتابع أنّ المبادرة تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة، بالتالي لا بدّ من التعامل معها بكل جدية والتزام.

يعمل الفريق على نشر ثقافة القراءة وترويج الكتب من خلال وضعها على رفوف خشبية في الشوارع العامة، مع تعيين شخص يتولى الإشراف على المكتبة. وفي ما يتعلق بآلية توزيع الكتب، تقول مها: "نسعى إلى تعزيز ثقافة تبادل الكتب، ويتوجب على القراء وضع كتاب في المكتبة في مقابل آخر يستعيرونه". تضيف: "نعمل على توفير كتب للبيع بمبالغ رمزية من أجل تطوير عمل المكتبات وخدماتها".
بحسب مها، لا تحصل المبادرة على دعم مادي من أي مؤسسة. كل ما تفعله وفريقها هو عبارة عن مجهود شخصي. تقول إنّ والديها يدعمانها، خصوصاً أنها وحيدة. لذلك، يقدّمون لها كامل الدعم لإنجاح مبادرتها، بالإضافة إلى الحرية الكاملة للعمل حتى ساعات متأخرة. تقول: "هما سندي، وأنا أناضل من أجل إنجاح الفكرة وجعلهما أكثر فخراً بي".

نجحت الحملة التي انطلقت في منتصف شهر مارس/ آذار الماضي، في جمع نحو عشرين ألف كتاب حتى الآن. وهذا العدد ليس بسيطاً ولم يكن متوقعاً. وإيمان مها بقدرتها وأعضاء فريقها على إنجاح هذه المبادرة والوصول إلى الرقم مليون، يجعلهم قادرين على الاستمرار في حملتهم وتحقيق طموحاتهم. وتشدّد على أنّ "حلمنا الكبير لا يقتصر على مليون كتاب. نحلم أن تُقام مكتبة في كل شارع من شوارع قطاع غزة. هذا ما نأمل في تحقيقه".
المساهمون