عراقيون يحتفلون بأعياد الميلاد رغم الواقع الحزين

26 ديسمبر 2016
يحرص العراقيون على الاحتفال بأعياد الميلاد (كريس مكجارث/ Getty)
+ الخط -


لا يفوت العراقيون احتفالات رأس السنة الميلادية، لا سيما في المناطق التجارية وأسواق المدن؛ ورغم التشديدات الأمنية لمواجهة الحوادث والتفجيرات المتكررة، يعكس البعض صورة مغايرة يحاولون من خلالها مواجهة عسكرة المدن بإظهار الفرح في المناسبات.

يقول المحتفلون إن لديهم أسبابا تدعوهم للاحتفال بأعياد الميلاد، لكن مختصين يرون أن المحتفلين يجدون في تلك المناسبات فرصة لمواجهة الواقع المرير الذي يعيشونه على مدار السنة.

يتجهز أصحاب المحال المتخصصة ببيع الهدايا لأعياد رأس السنة قبل شهرين من قدومها؛ فهي فرصة للربح تدفعهم لزيادة ساعات العمل. أما الهدايا فهي كثيرة ومتنوعة، "كل شيء يمكن أن يكون هدية في أعياد الميلاد"، بحسب محمد الدراجي، وهو صاحب محل هدايا في حي الكرادة ببغداد.

ويوضح الدراجي لـ"العربي الجديد"، أن "الناس يقبلون على شراء الهدايا. الأمر لا يقتصر على العشاق، فالأزواج يتبادلون الهدايا والأبناء لآبائهم وأمهاتهم والإخوة والأصدقاء في ما بينهم".

افتتح الدراجي محله قبل خمسة أعوام. لم تكن تربطه علاقة بهذه المهنة، لكنه أخذ بنصيحة صديقه الذي يعمل بالمهنة نفسها منذ نحو سبعة أعوام، ويؤكد أنه اكتشف خلال عمله في بيع الهدايا أن الاحتفال بالمناسبات صار يزداد عاماً بعد آخر.

ساعات يد جميلة وأساور ومواد زينة وإكسسوارات وعطور وأنواع مختلفة من الهدايا بأحجام مختلفة، هُيئت لها علب خاصة بألوان وأشكال مبهجة، ترفق معها بطاقات جميلة تهنئ بعيد الميلاد. يقول فرهاد عوني (29 سنة)، إنه في كل مرة يتردد كثيراً في اختيار الهدية الأفضل لزوجته في عيد الميلاد، "فالهدايا الجميلة كثيرة".

ويضيف عوني، الذي يسكن حي السعدون في وسط بغداد، "إنها مناسبة اعتدنا الاحتفال بها، فمنذ ولدت ونحن نحتفل بأعياد الميلاد، جميع أهلي وجيراني يحتفلون. نحن نعيش في منطقة مختلفة الأديان".

منح الأطفال الفقراء هدايا أعياد الميلاد (حيدر حمدان/فرانس برس) 


وبدأت المحال التجارية مع مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، بوضع الزينة وعبارات التهاني بحلول أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة. يقول يوسف عبد الحميد، الذي نشر زينة الميلاد الضوئية على واجهة محله المختص ببيع العصائر في بغداد، إن "المناسبات السعيدة تحيي الأمل بالقلوب، وتغير نظرة الناس للحياة، ونحن بحاجة لشيء من الأمل".

وأضاف عبد الحميد: "لم أكن أعير أهمية للمناسبات في السابق، لكني قبل نحو عشرة أعوام، بعد أن أصبح العراق يعيش وسط دوامة من العنف والخوف والقهر اليومي، قررت أن أحتفل بكل مناسبة"، مستطرداً "عليّ أن أعيش الفرح وأشعر الآخرين به. علينا أن نواجه تلك المآسي ونتجاوزها، وخير طريقة هي أن نحتفل".

وتابع، وهو يشير بيده إلى عجلة عسكرية على رصيف مجاور لمحله يجلس بداخلها جنود، "كأننا في جبهة قتال وليس وسط عاصمة البلاد. هذه المظاهر العسكرية نراها كل يوم. يراها الأطفال والشباب والنساء، لكنها في حقيقة الأمر تؤثر فينا سلباً لأنها تُشعرنا بالقلق، لأجل ذلك علينا أن نحتفل بالمناسبات لكي نشعر بالسعادة التي صرنا نفتقدها".

وينبع التوجه الكبير في العراق نحو الاحتفال بالمناسبات من حاجة الناس إلى بديل لما يفتقدونه من الفرح، بحسب الباحث الاجتماعي جميل العوادي، والذي يقول لـ"العربي الجديد"، إن "المناسبات التي كان يهتم بها العراقيون كانت تنحصر في المناسبات الدينية. لكن ضعف الأمن وانتشار الأعمال الإرهابية الذي أدى إلى وجود مكثف لقوات الجيش والشرطة داخل الأحياء السكنية، ألقى بظلاله على الناس الذين صاروا يفتقدون القدرة على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ما ولّد ضغطاً داخلياً بات لازماً التنفيس عنه بطرق مختلفة، بينها الاحتفال بالمناسبات".

قداس الميلاد في كنيسة عراقية (كريس مكجارث/ getty) 





المساهمون