وسام محمد يوثّق جرائم دير الزور

12 سبتمبر 2015
من خرج على النظام لن يسكته داعش (العربي الجديد)
+ الخط -
بذل كل جهده لإيصال صوت محافظة دير الزور وثوارها ومدنيّيها إلى كل دول العالم، ولكشف ما يرتكبه النظام السوري وتنظيم داعش على حدّ سواء. هو لم يتخيّل يوماً أن الثورة سوف تبلغ في وقت من الأوقات سورية، إذ إن "الجميع يعلم مدى إحكام قبضة النظام الأمنية وبطشه، خصوصاً لكل من يحاول تهديد بقائه".

ويخبر الناشط وسام محمد أنه "في تاريخ 18 مارس/آذار 2011، كانت مباراة في كرة القدم بين فريق الفتوة ممثلاً دير الزور وفريق تشرين ممثلاً اللاذقية، ويملكه فواز الأسد ابن عم الرئيس السوري". يضيف: "كان ثمة انحياز واضح لفريق تشرين من قبل الحكم الذي استفزّ عشرين ألفاً من الجمهور الغاضب. وراحوا يلقون عبوات المياه والأحذية على الحكم الذي قرر إنهاء المباراة في الدقيقة 88، أي قبل انتهاء الوقت الأصلي. وهذا ما زاد من غضب الجمهور. وطوّقت الشرطة والأمن العسكري الملعب البلدي، لأن الفريق تابع لعائلة الأسد".

يقول: "تحوّلت المباراة إلى تظاهرة. لم يخطر ببالنا شعار نرفعه في ذلك الوقت. كان مجرّد التجمهر والوقوف بوجه الأمن يعدّ تمرداً منافياً لقوانين النظام وقد يعرّض حياتك للخطر. بعد دقائق، حضرت مؤازرة أمنية. حينها أدركنا أنه لا بد من الفرار".

بعدها خطط محمد ومجموعة من أصدقائه، لتنظيم تظاهرة داخل حرم كلية الآداب في دير الزور، "وخرجنا بتاريخ 30 مارس/آذار في تظاهرة في بلدة الشحيل، لنصرة درعا". وتوالت التظاهرات في المدينة، وكان أبرزها يُقام يوم الجمعة من كل أسبوع، بالإضافة إلى أخرى متفرّقة في الأيام العادية تنديداً بالقتل والمجازر.

وعن قراره أن يكون الصوت الإعلامي للمدينة، يقول: "كان يحزّ في قلبي أن تغيّب محافظة دير الزور التي تمتلك كل مقومات الحياة من مصادر زراعية ومياه شرب ونفط وتجارة وغيرها، مهملة مع أهلها وثرواتها. وأردت إيصال صوتها إلى الإعلام العربي والعالمي".

في بداية عام 2012، ظهر العمل العسكري على الساحة بعدما كان سرياً. حينها، كان الجيش الحرّ يحمي التظاهرات في مدينة الميادين وهي المدينة الأقرب إلى الشحيل بلدة محمد. وفي يونيو/حزيران عام 2012، تعرّض حيّ الشبكة الذي يسكنه محمد إلى قصف مدفعي بأربع قذائف من قبل قوات النظام التي تمركزت في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي. يؤكد: "لم نكن نتخيّل في يوم من الأيام أننا سنُقصف بأسلحتنا".

بعد ثلاثة أشهر، بدأت طائرات الميغ التابعة للنظام باستهداف المدن والبلدات، وتتالت الغارات على بلدة الشحيل. حينها بدأ محمد نشاطه الإعلامي رسمياً، بتصوير وإعداد التقارير لتوثيق الدمار الذي لحق ببلدته، وكيف يعيد الأهالي ترميم ما استُهدف قصفه. وتحدّث عن أزمة النازحين من مدينة دير الزور، ومعاناتهم في المدارس والخيم. إلى ذلك، تناول موضوعات مختلفة، منها غلاء الأسعار وندرة الطحين والخبز، مسلطاً الضوء على أزمة اللقاحات والأدوية، لا سيّما تلك الخاصة بالأمراض الوبائية كداء اللشمانيا وشلل الأطفال.

ومع دخول تنظيم "داعش" المدينة في عام 2014، اضطر عدد كبير من الناشطين الإعلاميين إلى التخلي عن مهامهم، إذ اشترط التنظيم عليهم عدم مزاولة مهنة الإعلام مع القنوات والصحف العربية والعالمية، وهددهم بالقتل.

يقول "بدأ داعش يظهر على الساحة وبات يهدد حياتنا بشكل مباشر. لم أكن أتخيل أن ثمة سلطة أخرى بعد سلطة النظام، سوف تفرض علينا ما تريده وتمنعنا من التصرّف بحرية والتعبير عن آرائنا. وحزمت أمري: من خرج على النظام، لن تسكته عصابة داعش". لكن التهديدات لم تتوقف، وارتكب التنظيم مجازر وجرائم لا تحصى بحق كل من وقف في وجهه عسكرياً واعلامياً. حينها، نزح محمد أولاً إلى ريف حلب القريب من الحدود السورية التركية، وبعدها دخل تركيا. يشير إلى أنه حينها، "شعرت بالخذلان من قبل قوى الثورة في كل تشكيلاتها التي لم تقم بواجبها الثوري تجاه الذين هجّرهم داعش. لم يلتفت إلى العوائل المهجرة إلا بعض منظمات غير تابعة للمعارضة السورية".

اليوم، يعمل محمد مع إحدى الهيئات الإغاثية المهتمة بكفالة الأيتام في تركيا، لمساعدة عوائل الشهداء، إلى جانب توثيقه انتهاكات داعش بحق الثوار والمدنيين وإعداد مواد صحافية. وهو يأمل "في العودة لمدينتي. لكن حالياً، قد أستقرّ في إدلب غير الخاضعة للنظام ولا لداعش".

إقرأ أيضاً: العودة إلى الحمار في سورية
المساهمون