على رمال شاطئ غزة المحاصرة، تُلون الطفلة سارة حبيب، أصدافاً بحرية مختلفة الأشكال والأحجام، جمعتها بعد ساعات من اللعب والمرح برفقة صديقاتها في المخيم الصيفي. فقد التحقت ابنة التسعة أعوام، قبل أسبوعين، بالمخيم، لممارسة الأنشطة الترفيهية والثقافية.
وسارة واحدة من بين آلاف الأطفال الذين يحاولون، بتشجيع من ذويهم، البحث عن الراحة النفسية، بعيداً عن ذكريات الحرب. وتقول هبة، والدة الطفلة، إن ابنتها لم تتعاف من آثار الحرب الإسرائيلية، ولا تزال أصوات القصف والدمار تأتيها في الأحلام. وتضيف: "سجلت سارة بالمخيم الصيفي، كي تنسى قسوة الحرب، وما عايشته طيلة أيامها من خوف ورعب، وهي تشعر بأنها أفضل حالاً الآن".
وشنت إسرائيل في السابع من يوليو/ تموز 2014 حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، وتسببت في مقتل نحو 2200 فلسطيني بينهم 578 طفلاً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، فضلاً عن تدمير آلاف البيوت، وتهجير أصحابها.
اقرأ أيضاً:أين يلهو أطفالكم في قطاع غزّة؟
أنور حميد (11 عاماً)، هو الآخر يستمتع بالسباحة والقفز في الألعاب المائية، داخل أحد المنتجعات السياحية، على الشاطئ. ويشارك 3 من أشقائه في مخيم صيفي ترفيهي، واصفًا الإجازة بأنها "ممتعة". ويقول "السنة الماضية كنا خائفين من القصف، اليوم نلعب ونسبح، بدنا نعيش".
وفي أحد المساجد في مدينة غزة، تجلس الطفلة زينة عبيد(8 سنوات)، في حلقة دائرية، برفقة مجموعة من الفتيات يحفظن القرآن الكريم. وأتمت عبيد، حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن، وحصلت على مكافأة من والديها، كما تقول. أما صديقتها شهد الديراوي (9 أعوام)، فقالت:" العام الماضي، حرمتنا الحرب من الخروج من المنزل، والذهاب إلى المسجد والمخيمات الصيفية، اليوم نريد أن نشعر بالإجازة، ونستغلها بشكل جيد".
ولأجل التخفيف من حدة العنف لدى طفلها أنس (11 عاماً)، قامت والدته منى بتسجيله في أحد المخيمات الصيفية، لممارسة الأنشطة الترفيهية، والثقافية. وتقول الأم:"عانى أنس من اضطرابات نفسية، جراء الحرب، ولكنه اليوم بفضل قراءة القصص، وتنفيذ الأنشطة المختلفة، يشعر بالفرح والأمان".
أما دارين رجب (13 عاماً)، فتكاد تطير كفراشة، على حد وصفها، وهي تتعلم العزف على آلة "الناي" الموسيقية داخل معهد "إدوراد سعيد الوطني للموسيقى"، وهو المعهد الوحيد لتعليم الموسيقى في قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007. وتعلم الموسيقى والعزف، يشعر دارين، كما تقول بـ"الحياة، لأنه يزيل ما بداخل الإنسان من أحزان".
وأظهر تقرير نشرته منظمة Save the Children البريطانية الشهر الماضي، في الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية بعنوان (كابوس حي: غزة بعد سنة من الحرب)، أن ثلاثة أرباع أطفال غزة يعانون التبول اللاإرادي بشكل منتظم، فيما يفيد 89 في المائة من الآباء أن لدى أطفالهم متاعب من مشاعر الخوف المستمر، وأن 70 في المائة من الأطفال يخشون حرباً أخرى، وأن 7 من 10 أطفال ممن تمت مقابلتهم يعانون كوابيس بشكل منتظم.
وأوضحت المنظمة إن الشعور العميق بالموت واليأس في غزة، يتضاعف، والتوقعات أكثر قتامة مما كانت عليه في أي وقت آخر.
اقرأ أيضاً:أطفال غزة...كوابيس وخوف واضطراب بعد عدوان إسرائيل