حذر خبراء بيئيون في المغرب من مخاطر ارتفاع مستوى البحر وتآكل الشواطئ، في وقت كشف فيه تقرير دولي عن مخاطر متزايدة تواجه المناطق الساحلية، بعدما أصبحت البلاد "نقطة ساخنة مناخياً". ويقول الخبير البيئي مصطفى بنرامل، الذي يرأس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ"، إن العديد من المناطق الساحلية في المغرب مهددة بأن تُغمر بالمياه في حال استمر ارتفاع مستوى سطح البحر، منها طنجة وأجزاء من مدينة الحسيمة والناظور (شمال شرقي البلاد) وتطوان وبعض القرى المتناثرة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكذلك مدن الرباط وسلا والدار البيضاء والجديدة والمهدية وأصيلة وأجزاء من آسفي والصويرة وآكادير وبوجدور والعيون والداخلة على الساحل الأطلسي.
ويوضح بنرامل، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن ارتفاع مستوى سطح البحر هو نتيجة أولية لتغير المناخ الذي أدى إلى ارتفاع في نسبة رطوبة الهواء وذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي.
ويوضح أن مستوى تجاذب الكواكب قد يكون له أثر في ارتفاع مستوى سطح البحر، لافتاً إلى أن ما عرفه المغرب في فصل الصيف الأخير من ظاهرة انحسار المد على مستوى العديد من الشواطئ دليل على أننا سنشهد أنماطاً من الظواهر الطبيعية الغريبة، التي ستؤثر على الأنشطة البشرية والمستوطنات البشرية والمنظومة الإيكولوجية.
وبحسب تقرير للبنك الدولي يحمل عنوان "تغير المناخ والتأثيرات على الاقتصاد الأزرق في المغرب… آفاق العمل في السياحة الساحلية"، الصادر نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن تآكل السواحل والفيضانات الساحلية يبقى مصدر قلق، إذ يتعرض 42% من الساحل في المغرب لهذا الخطر. ويعتبر هذا الوضع، بحسب التقرير، تهديداً للقطاعات التي تعتمد على الموارد البحرية والساحلية، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية هذه المناطق الحيوية.
في المقابل، أكدت منظمة "الأرصاد الجوية العالمية"، أن مدناً ساحلية مغربية بارزة، على غرار طنجة والدار البيضاء وأكادير، تواجه تحديات جمة تتمثل في التعرية الساحلية وغمر الأراضي، خصوصاً خلال العواصف الشديدة. وبحسب تقرير للمنظمة صدر في سبتمبر/ أيلول الماضي، فإنه على الرغم من الطبيعة الصحراوية لسواحل جنوب المغرب وموريتانيا المطلة على المحيط الأطلسي، فإن هذه المناطق تواجه تهديداً متزايداً من تقدم البحر، ما يعرض التجمعات السكانية والبنى التحتية للموانئ للخطر.
وكانت دراسة أعدها البنك الدولي عام 2021، قد أظهرت أن معدل تآكل المناطق الساحلية في المغرب بلغ نحو 12 سنتمتراً سنوياً على الجانب المواجه للمحيط الأطلسي، وبمعدل 14 سنتمتراً على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ما يشكل ضعف المتوسط العالمي. ويحظى المغرب بواجهتين بحريتين ممتدتين على مسافة 3500 كلم على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
من جهته، يرى رئيس جمعية "بييزاج لحماية البيئة"، رشيد فسيح، أن المغرب ليس بمنأى عن تآكل السواحل وموجات المد العالي المصاحبة للعواصف المطرية والأعاصير من مستويات برتقالية أو صفراء خصوصاً مع تطرف المناخ وتداعيات تغير المناخ. ويقول لـ "العربي الجديد"، إن التآكل الساحلي التدريجي أمر مفروغ منه، لأنه عملية طبيعية مستمرة تؤثر على السواحل في عدة مدن وحول العالم، مشيراً إلى أنه "من المحتمل أن يحدث تآكل ساحلي سريع يهدد المدن الساحلية بموجات تسونامي أو عواصف مطرية مصحوبة بمد عال جداً كما حدث سابقاً بالشريط الساحلي ما بين مدينتي أكادير وسلا".
ويشير إلى أنه "من الصعب التنبؤ بهذه العواصف والأخطار والتآكل لأنه يعتمد على عوامل عدة، بما في ذلك الاحتمالات غير المعروفة للعواصف الساحلية، كما هو موضح في ملف المخاطر المتعلقة بالعواصف الساحلية". ويؤكد ضرورة توخي الحذر واعتماد الإنذار المبكر والقيام بعمليات الإنقاذ والإغاثة الجماعية بالمدن الساحلية المكتظة، موضحاً أن ارتفاع منسوب مستوى البحر يهدد دولاً بكاملها وجزراً جراء الاحتباس الحراري وذوبان الجليد.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (هو مؤسسة استشارية، وإطار للحوار والتشاور والاقتراح في جميع المجالات التي تمس حياة المواطن والأمّة) قد دق، في 30 سبتمبر/ أيلول 2022، ناقوس الخطر في ما يتعلق بتآكل السواحل، مقدراً الكلفة الإجمالية لذلك بنحو 2.5 مليار درهم مغربي (نحو 228 مليون دولار أميركي) سنوياً، وهو ما يعادل 0.27% من الناتج الداخلي الإجمالي.