مليون ونصف مليون مدمن في أفغانستان

02 مارس 2015
ازدادت زراعة الأفيون منذ 2008 (نورالله شرزادا/فرانس برس)
+ الخط -
خلال السنوات الأخيرة، ازدادت ظاهرة الإدمان على المخدرات في أفغانستان. ويعزو الشباب الأمر إلى الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة، وخصوصاً أن الحروب لم ترحم البلاد بعد.

وفي ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة، يبدو أن مواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات لم تكن ضمن أولويات الحكومات الأفغانية المتعاقبة. من جهة أخرى، فإنه لا يمكن لأفغانستان مجابهة محنها المتعددة إلا بمساندة ودعم المجتمع الدولي، وخصوصاً في هذه الظروف الراهنة.

وأشارت وزارة مكافحة المخدرات في تقرير أعدته بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة، إلى وجود نحو مليون ونصف المليون مدمن على المخدرات في البلاد، في ظل قلة الجهود المحلية والإقليمية المبذولة لمكافحة الظاهرة المتفاقمة. وعلى الرغم من أن أفغانستان كانت تنتج نحو تسعين في المائة من أفيون العالم، إلا أنها لم تكن حتى أعوام خلت، من بين الدول الأكثر استهلاكاً للأفيون والمخدرات. لكن الوضع تغير حتى أصبحت على رأس قائمة الدول الأكثر استهلاكاً للأفيون. وقال التقرير إن استهلاك الأفيون ازداد خلال الأعوام الماضية، لتنضم أفغانستان إلى روسيا وإيران.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية برئاسة محمد أشرف غني أحمد زاي، قد تعهدت مراراً بمكافحة ظاهرة تعاطي المخدرات، مطالبة المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم لها في هذا الشأن. في حين وعد مكتب الأمم المتحدة بدعم الحكومة الأفغانية بهدف القضاء على هذه الظاهرة.

وسبق للرئيس التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة والمعني بمكافحة المخدرات، يوريو فيدوتوف، أن أكد خلال زيارته كابول، أن الإدارة تتعاون مع الحكومة الأفغانية بهدف القضاء على ما وصفه بـ "الجريمة" التي تدمر حياة آلاف الأفغان. وناقش خلال لقائه مع المسؤولين سبل تعزيز التعاون الثنائي.

عادة ما يتجمع المدمنون تحت جسور العاصمة كابول. ويزداد الوضع سوءاً في الأقاليم، لاسيما الغربية المجاورة للحدود الإيرانية كإقليم هرات. وتشير مؤسسات حقوقية إلى أن أكثر من ستين ألف شخص يتعاطون المخدرات في المدينة. أما الأسباب، فهي الحروب الدامية التي شهدتها البلاد على مدى الأعوام الماضية، والتي أدت إلى تدهور الوضع المعيشي، ما دفع كثيرين للجوء إلى الإدمان علّهم ينسون همومهم. تجدر الإشارة إلى أن هجرة الأفغان إلى إيران وباكستان تعد أحد أسباب تفاقم ظاهرة الإدمان في البلاد.

في السياق، يقول محمد نقيب وهو من سكان إقليم بادغيس، إنه كان يتعاطى المخدرات خلال عمله في صيدلية في طهران (عاصمة إيران)، حيث عاش أكثر من خمسة عشر عاماً. يضيف أنه "في البداية، أدمن على الحشيش، واستمر على هذا الحال حتى بعد عودته إلى أفغانستان. وبعدما عانى بسبب الفقر والبطالة، بدأ يتعاطى الهيروين".

أما نجيب الله، وهو من سكان مدينة جلال آباد، عاصمة إقليم ننجرهار، فيعزو أيضاً إدمانه على الهيروين إلى البطالة والفقر. يقول: "لو كنت أعمل، لما لجأت إلى الإدمان على المخدرات".

تجدر الإشارة إلى أن المجتمع الدولي أنفق مليارات الدولارات بهدف الحد من زراعة الأفيون. لكن جميع هذه الجهود المبذولة باءت بالفشل، وازدادت نسبة زراعة الأفيون منذ عام 2008. ويبدو أن مواجهة هذه الظاهرة ليست من ضمن أولويات الحكومات الأفغانية والمجتمع الدولي، في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية الهشة التي تمر بها البلاد. لكن على الرغم من ذلك، أحرزت الحكومة الأفغانية تقدماً في إطار علاج المدمنين. وكانت وزارة مكافحة المخدرات الأفغانية قد أشارت إلى وجود 170 مركزاً في البلاد لعلاج المدمنين، وهي قادرة على استيعاب نحو ثلاثين ألف مريض. كذلك، أنشأت بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية العديد من المستشفيات في جنوب وغرب البلاد.

وفي مدينة قندهار جنوب أفغانستان، أنشأت الحكومة المحلية مستشفى خاصاً لعلاج المدمنين، ونجحت في تقديم العلاج لأكثر من 800 مدمن على المخدرات. ويقول مسؤول إدارة مكافحة المخدرات في الحكومة المحلية محمد إسماغيل غوثي إن "المستشفي يقوم بدور فعال، إلا أن تزايد نسبة تعاطي المخدرات بات أمراً مقلقاً للغاية، ويتطلب جهوداً إضافية ودعماً مالياً".
بدوره، يقول الزعيم القبلي حاجي نذير أحمد، الذي يتعاون مع المستشفى، إن الجهود المبذولة في هذا الشأن ضئيلة جداً، وخصوصاً أن الظاهرة تتفاقم يوماً بعد يوم، فيما تبدو الحكومة منشغلة بحلحلة الأوضاع الأمنية والاقتصادية. يضيف أن زراعة الأفيون وتهريب المخدرات، بالإضافة إلى البطالة والفقر المستشري في البلاد، أدت إلى ارتفاع نسبة الإدمان.
المساهمون