عيد سعيد

10 يوليو 2014
الفرح حقٌّ يُؤخذ ولا يُعطى (دان كيتوود/Getty)
+ الخط -

كان عيد ميلادها يمرّ مرور الكرام. تسمع عبارات التهنئة وتمنيات بـ "الفرحة الكبيرة" غالباً و"نيل أرفع الشهادات" أحياناً. تُقابلهم بابتسامة باهتة، وقد أثقلها ترداد هذه العبارات على مسمعها. مع ذلك، ولأنها كانت تستجدي "الحدث" في يوم كهذا، كانت تُحصي كمّ التهاني وتعيش يومها على أطلالها.

كبرَتْ على عبارات تُساوي أعياد الميلاد بالموت. يستغرب المحيطون بها سبب فرح الناس بأيام كهذه. لماذا يبتهجون بالتقدم في السن والاقتراب من الموت؟ هؤلاء لا يرون في هذه الأعياد إلا تذكيراً بمصيرٍ آتٍ إلينا لا محالة.

وإنْ وُجِد قالب الحلوى، فهو لن يغدو أكثر من إتمامٍ لمشهد سيتكرر كل عام تمهيداً للموت. قد يكون هؤلاء على حق في نظرتهم ليوم الميلاد. فهو إعلان عن خسارة سنة من عمرنا والعبور إلى أخرى مجهولة المعالم. صعبٌ عليهم أن ينظروا إليه كتأريخٍ لإنجازاتنا مهما كانت متواضعة. من قال إن الإنجاز يعني جوائز "نوبل". إنه تلك الأشياء الصغيرة التي تجعلنا سعداء. أو ذلك الحلم المشترك ربما بين الكثيرين. بيتٌ صغيرٌ مصنوعٌ من الخشب، وحديقة، ودجاج وبقرتان. حياةٌ بسيطة تضمن لنا على الأقل صفاء ذهنياً في عالم يأخذنا بخبث إلى حافة الجنون.

كأننا لا نعرف الاكتفاء بالنظر إلى قالب الحلوى، ينبعث منه ذلك النور اللطيف الذي نضطر إلى إطفائه لأنه مرتبطٌ بأغنية "سنة حلوة يا جميل". هذا ما يحدث عندما يقرّر بعضنا الفرح بالتقدم في السن، لأن هذا اليوم يختصر ما غرفناه من الحياة خلال العام المنصرم، وما راكمناه خلال ما سبقها.  

لكنّنا شعوبٌ لا تعرف الفرح. تهوى أن تكون أرقاماً في سجلات المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة. تكره المفاجآت وتفضّل السير جنب جدرانٍ ابتلعتها في نهاية المطاف. حتى أطفالها تحولوا إلى صورٍ لتجسيد المأساة. نسوا الأغنية ولحنها الجميل. أطفأوا جميع شموعهم باكراً، ودفعة واحدة. فالسلبية والكآبة لا تجلب إلا المزيد منها.

ربما على من بقي من المحتفلين بأعياد ميلادهم، أن يتمنوا للشرق معرفة معنى الفرح. لأنه هو أيضاً حقّ، يُؤخذ ولا يُعطى.

دلالات
المساهمون