الأهل أول المعنّفين للأطفال في السعوديّة

15 يناير 2015
العنف ضد الاطفال يبدأ من البيت(GETTY)
+ الخط -
يعزّز عدد غير قليل من قضايا العنف ضد الأطفال، المعلن عنها في الإعلام السعودي، إحصائية هيئة حقوق الإنسان السعودية، والتي تذهب إلى أن الوالدين هما المتهم الأول في 60 بالمئة من تلك القضايا، وإن أكدت الوقائع تحمّل الأب الوزر الأكبر فيها.

وتشهد قضايا العنف ضد الأطفال في السعودية تزايداً ملحوظاً، والتي غالباً ما تثير الرأي العام السعودي، على الرغم من إنشاء السلطات برنامج "الأمان الأسري الوطني" في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 في محاولة لمواجهة موجة تزايد العنف ضد المرأة والطفل، وإصدار نظام "الحماية من الإيذاء"، قبل عام ونصف العام، والذي أقرّت لائحته التنفيذية العام الماضي.

وتصف الدكتورة عائشة المانع، إحدى مؤسسات برنامج الأمان الأسري، ظاهرة العنف ضد الطفل بأنها "مؤلمة جداً، وهي ليست بالجديدة، وإنما الإعلام بدأ يتداولها ويسلّط الضوء عليها بصورة أكبر من السابق"، مشيرة إلى أن "الجهات الأمنية صارت تتدخل، ويتم عرض القضايا على القضاء".

وبيّنت المانع أن الإشكالية هي في تطبيق قانون حماية الطفولة، الصادر في بداية ثمانينات القرن الماضي، والذي أقره مجلس الوزراء السعودي.

وشددت على ضرورة إدراج برامج للتوعية في المدارس منذ الصفوف الدنيا، وبرامج حماية للطفل المعنّف، وتوعية الرأي العام بأنواع التعنيف، إضافة إلى تدريب المدرسين والأطباء على ملاحظة أي عنف يظهر على الطفل، لافتة إلى ضرورة التنبّه إلى العنف النفسي وليس فقط العنف الجسدي.

وتقول المانع: "صادفت طوال سنوات عملي التطوعي في المستشفى، حالات عنف يصعب حصرها، ولكن عندما يتم التبليغ عنها يأتي الردّ بأن الشرطة لا صلاحيات لها بالتدخل في شؤون الأسرة".

وأكدت أن العديد من قضايا العنف لا يتم التبليغ عنها، إما بسبب الخوف من المعنِّف أو ثقافة العيب السائدة وفق العادات والتقاليد، مشددة على أهمية وجود آليات لتطبيق قانون حماية الطفل، والمبلّغ عن العنف، مثل إدارات الشؤون الاجتماعية، بحيث يكون لها سلطة التدخل، إضافة إلى التوعية وتحديد مفهوم الإيذاء والعقوبات المترتبة عليه.

حالات عنف تم التبليغ عنها

وكانت محكمة الأحوال الشخصية بجدة أصدرت، قبل نحو شهر، حكماً يقضي بنزع ولاية 6 أطفال عن أبيهم ومنحها لأمهاتهم الأربع المطلقات، بعد أن ثبت أن الأطفال، وهم أربع فتيات وولدين، يتعرضون للتعذيب والضرب من قبل الأب.

كما حققت الجهات الأمنية بشرطة منطقة جازان، قبل فترة وجيزة، في قضية طفل سعودي (14 عاماً)، تعرّض للضرب في أجزاء متفرقة من جسده من قبل والده الذي يشغل منصب مسؤول بقطاع أمني في جازان، الأمر الذي استدعى نقله إلى المستشفى.

كما تسلّمت دار الرعاية الاجتماعية بجدة، قبل أسابيع، ثلاث فتيات أكبرهن بعمر 18 عاماً، عقب ظهور آثار تعذيب على أجسادهن. وكشف التحقيق أنهن تعرضن مع إخوتهن، وعددهم 6، للكي بالنار من قبل والدهم، بما فيهم طفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها الثلاثة أشهر. كما تم الإعلان عن قضايا عنف ضد الأطفال أدت في النهاية للموت.

ويقول المستشار القانوني، محمد التمياط، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد الإبلاغ عن حالة العنف، تقوم وزارة  الشؤون الاجتماعية بوضع الطفل المعنّف لدى عائلة بديلة من الأقارب، إنْ وجدت، أو في إحدى دور الرعاية حتى يتم مباشرة الحالة والتحقيق فيها، وبعدها تحال القضية للمحكمة الجزائية، ويصدر الحكم على حسب نوع الجرم المرتكب".

ويعزو الحقوقي، سليمان السلمان، أسباب العنف الموجه ضد الطفل إلى "ثقافة المجتمع التي تجعل الضرب أمراً مشروعاً أقره الدين، إضافة إلى طبيعة السلوك الإهمالي في البيت والمدرسة والمجتمع عموماً". 



أما المستشار القانوني، الدكتور بدر البصيص، فيعتبر أن أسباب العنف الموجّه ضد الأطفال قد تكون نفسية أو سلوكية أو حتى مرضية.

هيئة حقوق الإنسان السعودية

كشفت إحصائية رسمية، صادرة قبل أقل من شهر، عن هيئة حقوق الإنسان بالمملكة، أنه تم تسجيل أكثر من 12 ألف حالة عنف أسري لدى وزارة الداخلية خلال خمسة أعوام. وأكدت أن وزارة العدل سجلت، خلال ثلاثة أعوام، أكثر من 1100 قضية عنف ضد المرأة، ونحو 270 قضية عنف ضد الأطفال.

وكشفت الإحصائية أن عدد حالات العنف الأسري التي بلغت الهيئة في العام 2004، كانت 37 حالة، وزادت في العام 2005 لتصل إلى 296 حالة، وفي العام 2009 كان هناك 311 حالة عنف أسري و72 حالة عنف ضد الطفل، فيما وصلت في العام 2013 إلى 360 حالة عنف أسري و112 حالة عنف ضد الطفل.

من جهته، قال رئيس الهيئة، بندر العيبان، إن الكثير من حالات الإيذاء والعنف الأسري لا تصل للهيئة إلا من خلال وسائل الإعلام.

وبيّنت الدراسة أن نسبة 60 في المئة من حالات العنف ضد الأطفال التي تم تسجيلها خلال العام 2012، كانت من قبل الوالدين.