وفاة الخبير الاقتصادي أيمن هدهود تفجر ملفي الإخفاء القسري والتصفية السياسية

10 ابريل 2022
توفي الخبير الاقتصادي أيمن هدهود في ظروف غامضة (فيسبوك)
+ الخط -

توفيّ الخبير الاقتصادي المصري أيمن محمد علي هدهود، في ظروف غامضة، فجر اليوم الأحد، بحسب ما أعلنت أسرته، وذلك بعد إلقاء القبض عليه واختفائه منذ مساء الثالث من فبراير/شباط الماضي.
ووثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الغموض الذي أحاط بظروف القبض على هدهود منذ اللحظة الأولى، التي لم يعرف تفاصيلها ولا ظروفها، وبعد مرور أيام حاولت أسرته معرفة مكان احتجازه، لكنها لم تتوصل لمعلومة، حتى فوجئت بأمين شرطة يخبرها "أيمن عندنا"، وبالبحث والسؤال في قسم شرطة الأميرية التابع له محل سكنه، تبين أنه كان موجودا بقسم شرطة الأميرية لأيام، تم احتجازه في مبنى الأمن الوطني في الأميرية. 

وتابعت الشبكة "ثم بعد اتصالات علمت أسرته من مصادر لها بوجوده في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية، لكن المستشفى أنكر وجوده في البداية ثم أقر، بعد إلحاح شديد، بوجوده تحت الملاحظة لمدة 45 يوما ولا يسمح بزيارته إلا بإذن من النائب العام والنيابة العامة". 

وبالفعل توجهت أسرته إلى مكتب النائب العام لاستخراج تصريح بالزيارة ليتم إبلاغها بعدم إمكانية استخراج تصريح زيارة، لأن أيمن هدهود ليس محبوسا على ذمة أي قضية، وبالبحث في جميع نيابات القاهرة ونيابة أمن الدولة وغيرها لم تتمكن الأسرة من استخراج تصريح بالزيارة، حسب الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن أسرته تقدمت ببلاغات إلى النائب العام المصري ووزارة الداخلية والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان باختفائه والمطالبة بالكشف عن مصيره، ولكن دون جدوى حتى أعلنت أمس عن علمها بوفاته. 

أيمن علي هدهود، خبير اقتصادي، تخرّج من الجامعة الأميركية بالقاهرة، وكان عضوا بحزب الإصلاح والتنمية السياسي المصري الذي يترأسه محمد أنور السادات، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو الحزب الذي له أعضاء نواب في البرلمان المصري وساهم في الإفراج عن عدد من السياسيين خلال الفترات الماضية. 

ويعدّ الإخفاء القسري جريمة يرتكبها النظام المصري منذ سنوات بحق سياسيين ومواطنين عاديين، يخضعون غالبا للتعذيب وفترات اختفاء في مقرات الأمن الوطني، قبل ظهور بعضهم في النيابات بعد مدد زمنية متفاوتة. 

وكانت منظمة العفو الدولية، في تقريرها السنوي، عن حالة حقوق الإنسان في مصر خلال عام 2021، قد تحدثت عن جريمة الاختفاء القسري، وقالت إن السلطات أخضعت مئات المعتقلين للاختفاء القسري في مقر قطاع الأمن الوطني وأقسام الشرطة وغيرها من الأماكن غير المعلومة، فضلًا عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، من بينها الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق في أوضاع مؤلمة والحبس الانفرادي لأجل غير مسمى في ظروف مزرية. وقد لقي ما لا يقل عن 56 محتجزاً حتفهم في الحجز جراء تعرضهم لمضاعفات طبية، وتوفي أربعة آخرون عقب ورود أنباء عن تعرضهم للتعذيب، ولم تقم السلطات بالتحقيق في أسباب وملابسات هذه الوفيات.

لا يوجد حصر دقيق بأعداد المختفين قسريا في مصر، بينما قدرت منظمات حقوقية مصرية عددهم خلال السبع السنوات الأولى لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بـ 11224 حالة اختفاء قسري، تشمل الفئات العمرية كافة في المجتمع المصري. من ضمنها 3045 حالة إخفاء قسري في عام 2020 وحده، فضلا عن قتل 59 مخفياً قسراً خارج نطاق القانون من قبل الدولة بعد ادعاء تبادل إطلاق نار وإعلان مقتلهم رغم توثيق اختفائهم، وذلك حسب حصر مركز الشهاب لحقوق الإنسان -منظمة مجتمع مدني مصرية- عن جريمتي الاختفاء القسري والانتهاكات في مقار الاحتجاز، في نهاية عام 2020.

وفي أغسطس/آب 2021، قالت منظمة "كوميتي فور جستس"، إن ظاهرة الاختفاء القسري في مصر لم تعد مجرد حالات يتم رصدها أو توثيقها؛ ولكنها أضحت سياسة ممنهجة ومستمرة لدى السلطات في مصر لقمع الأطياف السياسية المختلفة المعارضة لها، ويؤكد ذلك ويدلل عليه بشكل واضح؛ عدم انضمام مصر حتى الآن للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2006.

وتنتهك جريمة الإخفاء القسري، نصوص الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية. إذ تنص المادة 54 من الدستور المصري على أنّ "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق".

المساهمون