استمع إلى الملخص
- تعاني تونس من نزيف هجرة الأطباء، حيث غادر 1325 طبيباً البلاد في عام 2023، مما يهدد القطاع الصحي ومستوى تكوين الأطباء في المستقبل، ويطالب الأطباء بتوسيع القاعدة الضريبية بدلاً من زيادة الضغط على الموظفين.
- تواجه تونس تدهوراً في وضع المنشآت الصحية ونقصاً في الطواقم الطبية، خاصة في المستشفيات الداخلية، حيث لم تنجح الخطط الحكومية في تحفيز الأطباء على العمل في المحافظات الداخلية، وتظل دول مثل ألمانيا وفرنسا وجهات جاذبة للأطباء التونسيين.
أبدى أطباء القطاع الحكومي اعتراضاً واسعاً على زيادة ضريبية على أجورهم، محذرين من تداعيات زيادة الخصم من رواتب الإطار الطبي المتمسك بالعمل في المستشفيات الحكومية على القطاع الصحي في البلاد. إذ تنوي الحكومة، وفق مشروع لقانون الموازنة، زيادة الضغط الضريبي على فئات من موظفي القطاع الحكومي من أصحاب الدخل الذي يتجاوز 1000 دولار شهرياً بنسبة أو معدل سنويّ للأجر يتجاوز الـ40 ألف دينار (13 ألف دولار).
وأبرز مشروع القانون أن نسبة الضريبة على الدخل ستصل إلى 40% من الأجر، ما اعتبره الأطباء مضراً بقدرتهم الإنفاقية، ملوحين باللجوء إلى الأشكال الاحتجاجية الممكنة لتحسين وضعهم المهني والمالي.
أطباء تونس وجزاء سنمار
وقالت النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والاستشفائيين الجامعيين "إن زيادة الضغط الضريبي على الأطباء يضرب في الصميم قطاعاً محورياً في الصحة العمومية". مؤكدة في بيان أصدرته، أمس الاثنين، أن "الأطباء في القطاع الحكومي صامدون رغم الإغراءات المادية ويتمسكون بالعمل في المستشفيات الحكومية إيماناً منهم بنبل رسالتهم المهنية"، واعتبر البيان "أن الأطباء يلاقون جزاء سنمار" بسبب تمسكهم بالعمل في القطاع الحكومي وذلك بإثقال كواهلهم بالضرائب.
وخلال السنوات الماضية عاش القطاع الصحي في تونس نزيفاً غير مسبوق للأطباء الذين غادروا البلاد بحثاً عن مستقبل مهني ومادي أفضل، إذ تكشف الأرقام أن 1325 طبيباً هاجروا خلال العام 2023. ويقول كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والاستشفائيين الجامعيين، محمد عدنان الحنشي إن "الزيادة في الضغط الضريبي على رواتب الأطباء والكوادر الطبية ستكون القطرة التي تفيض الكأس وستدفع بالهجرة نحو مستويات قياسية جديدة".
تكشف الأرقام أن 1325 طبيباً هاجروا عام 2023
وأكّد الحنشي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن" الكوادر الصحية في القطاع الحكومي تعمل ضمن ظروف قاسية نتيجة تدهور الوضع في المستشفيات ونقص الموارد ،غير أنها تلتزم بالواجب الإنساني تجاه أبناء الوطن وتتصدى لتصحير المستشفيات والبلاد من أطبائها". وتابع "الأطباء ملتزمون بواجبهم الضريبي ويدفعون نحو 35% من رواتبهم في شكل ضرائب على الدخل"، مشيراً إلى أن الترفيع في هذه النسبة إلى حدود 40% سيؤثر على قدراتهم الإنفاقية ومستوى عيشهم.
ورفض محمد عدنان الحنشي أن يتحمّل الملتزمون ضريبياً المزيد من الضغوط في إطار ما تصفه الدولة بالعدالة الجبائية. ويرى أن العدالة الضريبية لا تكون بالبحث عن مزيد من الأموال في جيوب الموظفين بل في توسيع القاعدة الضريبية على القطاعات الموازية. محذراً من المساس بمكتسبات الأطباء المهنية والمادية، مؤكداً أن هؤلاء يعملون في ظروف قاسية جداً في المستشفيات الحكومية.
وأشار في سياق متصل إلى أن" نزيف الهجرة لم يعد يشمل الأطباء الشبان فحسب، بل تضمن هجرة كبار الكوادر الطبية و رؤساء الأقسام، وعمداء كليات الطب أيضاً"، قائلاً "سيكون لهذه الهجرة تداعيات وخيمة على القطاع الصحي ومستوى تكوين الأطباء والكوادر الطبية وشبه الطبية مستقبلاً بعد أن حافظ الطب التونسي على درجات عالية من التكوين المعترف بها دولياً".
وتؤهل تونس سنوياً 800 طبيباً بكفاءات عالية معترف بها دولياً لكن في المقابل، تشهد البلاد تدهوراً في وضع المنشآت الصحية بسبب نقص في المعدات والدواء وقلة الطواقم الطبية، ويبلغ مجموع عدد الأطباء الناشطين في تونس نحو 8500 طبيب مقابل 3000 طبيب اختاروا الهجرة إلى أوروبا ودول الخليج فيما تعاني مستشفيات البلاد الداخلية نقصاً فادحاً في طب الاختصاص. ولم تتمكن تونس، على الرغم من كل الخطط التي وضعتها وزارة الصحة، من تحفيز الأطباء على العمل في المحافظات الداخلية، إذ إن 80% من الأطباء الشباب غادروا البلاد إلى دول أجنبية. وتتصدر ألمانيا وفرنسا ودول الخليج وكندا القائمة باعتبارها نقاطاً جاذبة، وفق إحصائيات حديثة لوكالة التعاون الفني في تونس.