تتذكّر العائلات والناجون من مذبحة المسجدين عام 2019 في مدينة كرايست تشيرش، جنوب نيوزيلندا، الحادثة المروعة في ذكراها الرابعة، من خلال تكريم أحبائهم بالرحمة والتسامح ومساعدة الآخرين.
وفي 15 مارس/ آذار 2019، شهدت كرايست تشيرش مذبحة مروعة، وهاجم برينتون تارانت بأسلحة رشاشة المصلين في مسجدي النور ولينوود. وأسفرت المذبحة التي بثها المنفذ مباشرة عبر حسابه على "فيسبوك"، عن مقتل 51 شخصاً وإصابة 50 آخرين، بحسب أرقام رسمية.
وقال إمام مسجد لينوود عبد اللطيف، والذي لعب دوراً مهماً في مواساة الجالية المسلمة عقب تعرض المسجد للهجوم المروع: "بعد مرور أربع سنوات، لا يزال المسلمون هنا يحاولون التعافي من أثر الصدمة، ويعملون على المضي قدماً". وفقد الإمام عبد اللطيف أصدقاء وزملاء من العاملين في المسجد خلال الهجوم، إلا أنه بقي قوياً بهدف دعم الجالية المسلمة في أعقاب ذلك. وعمل على تعزيز التعافي والمصالحة، في جهود تركت أثرها في نفوس كل من حوله.
واحتشد المسلمون حول مسجد لينوود، الذي كان مسرحاً للمذبحة المروعة، بهدف تقديم الدعم والتشجيع لبعضهم بعضا، لا سيما بعدما أصبح المسجد رمزاً للصمود والأمل. وقال عبد اللطيف إنّ "الجالية المسلمة في نيوزيلندا تحاول المضي قدماً والتركيز الآن هو على بناء مجتمع أكثر شمولاً وسلاماً".
تجارب ناجين
وقال ناثان سميث، أحد الناجين من هجوم مسجد كرايست تشيرش، إنه "يعرف كل من قُتل تقريباً، ولا يزال يتذكرهم ويفكر فيهم كل يوم". وعلى الرغم من الألم والصدمة التي عانى منها، أوضح أنه يحاول المضي قدماً وإيجاد السعادة في الحياة، داعياً الآخرين إلى فعل الشيء نفسه.
واختتم حديثه قائلاً إنه من المهم التركيز على الإيجابيات وتقدير الوقت الذي نقضيه مع أحبائنا.
بن جريشام، هو ناج آخر من الهجوم على المسجد، وشارك في تأسيس "ماهيا تي أروها"، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز التماسك الاجتماعي والسلام. وماهيا تي أروها، والتي تعني "احتضان الحب" في الماوري، هي مجموعة شعبية تجمع بين الناس من جميع مناحي الحياة للعمل من أجل مجتمع أكثر سلاماً وشمولية. وتركز المجموعة على بناء الروابط وتعزيز التفاهم بين المجتمعات المختلفة. ويرى بن جريشام، وهو عضو في مجتمع "كرايست تشيرتش" المسلم، أن أفضل طريقة لمكافحة الكراهية والتعصب هي من خلال بناء العلاقات والتفاهم.
وألهمته تجربته الشخصية كناج من الهجوم القيام بدور قيادي في تعزيز التماسك الاجتماعي والسلام.
ندوب
قال فريد أحمد، أحد الناجين من إطلاق النار: "أعطاني التسامح الكثير من السلام وساعدني على الشفاء بسرعة كبيرة". ولاقت رسالة التسامح التي أرسلها أحمد صدى لدى الناس في أنحاء العالم، وتمت دعوته للتحدث في المؤتمرات حول مواضيع مثل بناء السلام وعلاج الصدمات.
أحمد، الذي فقد زوجته خلال الهجمات، قال إن التسامح كان وسيلة لتكريم ذكرى زوجته ومواصلة إرثها من الحب والعطف.
من جهته، تحدث راشد عمر، والد طارق عمر الذي قُتل في حادث إطلاق النار في مسجد كرايست تشيرش، عن شغف ابنه بكرة القدم ومدى افتقاده لمشاهدته وهو يلعب. وكان طارق عمر يبلغ من العمر 24 عاماً عندما قُتل، أضاف أن ابنه درب فريقاً من الأطفال في سن العاشرة وكان دائماً متحمساً للعبة، وأضاف: "تغلبت على حزني من خلال تقديم المساعدة للآخرين".
أما جنة عزت، والدة إحدى الضحايا، فقالت إنها سامحت قاتل ابنها، مضيفة أن "التسامح هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتجنب بها الكراهية والانتقام".
(الأناضول)