تفاقم أزمة جديدة معاناة النساء في قطاع غزة مع استمرار الحرب، وتشمل الفوط الصحية الخاصة بهن التي انقطع وجودها في الأسواق خلال الأيام الأخيرة؛ بسبب إغلاق المحلات التجارية أبوابها وأيضاً المعابر التجارية، وتوقف المصانع المحلية عن العمل، فتحوّل العثور عليها بالتالي إلى أشبه بإنجاز كبير مع استمرار الحرب وآلة القتل والدمار.
وتحاول بعض النساء إيجاد بدائل للفوط الصحية التي زادت أثقال الحرب على كاهلهن، والأعباء الناتجة من انقطاع الكهرباء والماء، وانعدام كل وسائل العيش الآدمي.
تخبر المواطنة مرام إسماعيل (33 سنة) "العربي الجديد" أن "الأمر بدا مقلقاً لي عندما لم أستطع الحصول على الفوط الصحية الخاصة؛ بسبب الحرب على قطاع غزة، وتوقف دخول البضائع الضرورية، قم تفاقمت معاناتي مع استمرار الحرب التي خلّفت نقصاً كبيراً في المستلزمات النسائية ترافق مع غياب الماء وأدوات النظافة في قطاع غزة".
وتؤكد هند عزمي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب أن تتوفر للمرأة احتياجاتها الخاصة، والنساء في قطاع غزة يعانين كوارث صحية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحتهن، والحقيقة أنني شعرت بحرج شديد عندما لم أجد حاجتي من الفوط الصحية، فساءت حالتي النفسية في شكل كبير، وتأثرت سلباً بالوضع العام السائد". تضيف: "الأمور قاسية جداً في غزة، وبالنسبة إلى النساء حتى الفوط الصحية والمناديل أصبحت غير متوفرة، ولا نعرف ماذا ينتظرنا بعد ذلك، ونحاول التغلب على الأمر، لكن لا بدائل صحية آمنة".
وأيضاً تتحدث ساهير حسنين لـ"العربي الجديد" عن أن "الأزمة الإنسانية تهدد صحة النساء في قطاع غزة بعدما باتت الصيدليات ومراكز التسوق تخلو من الفوط الصحية النسائية، ما أشعل القلق من الوضع الصحي للنساء خلال فترة الحيض الشهرية". وتبدي استياءها من انعدام المستلزمات الضرورية في القطاع، وشحّ الفوط الصحية، وتشير إلى أنها حاولت إيجاد حلول بديلة باستخدام الحفاضات الخاصة بالأطفال، رغم المخاطر الشديدة التي قد تتسبب بها. كما تلفت إلى أن النقص الشديد في أدوات ووسائل العناية بالنظافة الشخصية في الأسواق والمحلات التجارية يشمل أيضاً معجون الأسنان والمناديل والصابون".
وتطالب ساهير مؤسسات حقوق المرأة وجميع المعنيين بالشؤون الصحية بنجدة نساء غزة من أزمة إنسانية وصحية قد تتسبب فيها الحرب الحالية على قطاع غزة التي تتمنى أن تنتهي مصائبها الكبيرة على الجميع.
من جهتها، تؤكد عدلة مصطفى أن الصيدليات تخلو من الفوط الصحية بسبب عدم دخول قوافل المؤن والاحتياجات الضرورية يومياً. وتقول لـ"العربي الجديد": "استخدمت حبوب تأخير الدورة الشهرية لتفادي مشكلة عدم توفر الفوط الصحية رغم أنني أعلم بالمخاطر الشديدة التي قد تؤثر في وضعي الصحي، وأنا أبحث في شكل يومي عن هذه الفوط الخاصة التي تحتاجها كل النساء في أي مكان بالعالم، لذا استنكر عدم توفيرها ضمن المساعدات التي تدخل إلى القطاع".
وتسأل لماذا يمنع الاحتلال الإسرائيلي دخول المستلزمات الصحية الخاصة ووسائل النظافة والصابون؟ وتدعو المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان إلى "التحرك فوراً وفي شكل عاجل لإنهاء معاناة غزة ونساءها اللواتي تضاعفت معاناتهن خلال هذه الحرب التي أتت على كل شيء".
من جهتها، تقول عبير أحمد التي نزحت من مدينة غزة إلى وسط القطاع لـ"العربي الجديد": "تعاني معظم النساء النازحات من نقص شديد في الأدوات والمواد الطبية في ظل عدم وجودها في الصيدليات والمستشفيات التي تعاني من عجز متفاقم وغير مسبوق. كما لا تتوفر هذه الأدوات في المحلات التجارية التي تفتح بالكاد أبوابها".
تضيف: "حاولت نساء صناعة بدائل للفوط الصحية، ونجحت بعضهن في استخدام قماش وحفاضات بامبرز للأطفال، لكن أخريات فشلن في ذلك، وعانين أيضاً من عدم توفر وسائل تعقيم. وأنا أطالب وزارة الصحة الفلسطينية بالعمل جدياً لبحث هذه المسألة التي تحرج معظم النساء، وتصيبهن بإحباط شديد مع انعدام توفر أبسط احتياجاتهن الخاصة".
وتقول الدكتورة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، ريم بشير، لـ"العربي الجديد": "المخاطر كبيرة لعدم استخدام النساء الفوط الصحية الخاصة، واستخدام أي بديل ملوّث بدلاً منها مثل كرتون أو قطع قماش غير معقمة قد يتسبب في عدوى بكتيرية لها عواقب وخيمة".
تتابع: "أصيبت نساء في غزة فعلاً بنوع من البكتيريا يسمى البكتيريا العنقودية الذي ينتج من قلة النظافة، وعدم استخدام الفوط الصحية الخاصة. وهذا نوع خطير للغاية من البكتيريا المهبلية التي قد تصل إلى الرحم وقنوات فالوب، ويتسبب في التهابات بالحوض والرحم قد تؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة منها عدم القدرة على الحمل عند المتزوجات".
وتؤكد ريم أن غالبية البدائل التي تستخدم خلال فترة الحرب غير آمنة لصحة المرأة، وتنصح في حال استخدام فوط بديلة من مناديل أو ورق مقوى بأن تكون مؤقتة ولمرة واحدة مع ضرورة غسلها بكحول في حال لم يتوفر الكلور.
ومع استمرار الحرب على غزة، يزداد القلق على صحة مئات آلاف النساء والفتيات اللواتي يواجهن خطر الحرب والموت والمرض في غزة، وأيضاً المخاوف من التداعيات الخطيرة جسدياً وصحياً على النساء بسبب خلو القطاع من الفوط الصحية والوسائل الخاصة بالنساء.
وتؤكد المتخصصة الاجتماعية النفسية حكمت المصري أنّ "المرأة الفلسطينية تعيش واقعاً مريراً في قطاع غزة، منذ اليوم الأوّل للحرب على القطاع، خصوصاً بعدما اضطرت إلى مغادرة مكان سكنها بحثاً عن الأمان تحديداً، مع تعمّد جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف المدنيين العزّل". وتوضح أنّ "هذا الواقع الذي فُرض على المرأة جعلها في حالة من التحدّي والصراع المستمرَّين من أجل البقاء وتحقيق الأمان لعائلتها في بيئة نزوح لا تتوفّر فيها أدنى مقوّمات الحياة".