استمع إلى الملخص
- وثقت المنظمتان تصاعد الاحتجاز والترحيل القسري للاجئين في مصر، خاصة بعد النزاع في السودان، حيث تجاوز عدد المحتجزين 9,000 حالة، مما يتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية.
- دعت المنظمتان المجتمع الدولي للضغط على مصر لإصلاح قانون اللجوء، وإنهاء الاحتجاز القسري، وتوفير حماية خاصة للأطفال، وربط المساعدات الأوروبية بوقف انتهاكات حقوق الإنسان.
انتقدت "لجنة العدالة" و"Global Detention Project"، ما وصفتاه بـ"استغلال السلطات المصرية، التعديلات القانونية والقضائية، لتقنين الانتهاكات ضد اللاجئين وطالبي اللجوء، ما يمثل تصعيدًا خطيرًا في سياسات القمع التي تنتهجها السلطات في مصر.
وأقرّ مجلس النواب المصري، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قانون اللجوء الجديد، وسط انتقادات حقوقية حادة. وقالت المنظمتان إنه "جاء ليؤسس لمرحلة جديدة من الانتهاكات التي تنطوي على تمييز، قيود قانونية وانتهاك للحقوق الأساسية للاجئين، في تجاهل واضح للمعايير الدولية".
وجّهت لجنة العدالة بالتعاون مع مؤسسة Global Detention Project، نداءً إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، فريق الاعتقال التعسفي الأممي، المقرر الخاص بحقوق اللاجئين، لجنة حقوق الطفل، المقرر الخاص المعني بالاتجار بالأشخاص والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ووكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، أكدت فيه أن قانون اللجوء الجديد- الذي تم تمريره من دون مشاورات مع منظمات المجتمع المدني أو المؤسسات الدولية المتخصصة- يعكس نهجًا أمنيًا بحتًا يتجاهل البعد الإنساني للأزمة.
وأضافت المنظمتان في النداء، أن القانون يسعى لنقل إدارة ملفات اللاجئين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إلى لجنة حكومية تُعرف بـ "اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين". "هذه اللجنة- بحسب القانون- تتمتع بسلطات واسعة ومبهمة لاتخاذ قرارات تتعلق باللاجئين من دون معايير واضحة أو ضمانات قانونية كافية"، حسب بيان مشترك للمنظمتين، الجمعة.
كما أشار النداء إلى أن أحد أخطر بنود القانون؛ هو التمييز الواضح بين اللاجئين بناءً على طريقة دخولهم البلاد، حيث يُسمح لمن دخلوا بطرق قانونية بتقديم طلباتهم خلال 12 شهرًا، بينما يُفرض على من دخلوا بطرق غير نظامية تقديم طلباتهم خلال 45 يومًا فقط، ما يُشكل عقبة كبيرة أمام هؤلاء الفارين من النزاعات والكوارث الإنسانية.
وعن التحديات القانونية والإنسانية، قالت المنظمتان في النداء، تضمّن القانون الجديد عددًا من الإشكاليات القانونية والإنسانية التي تهدد حقوق اللاجئين في مصر؛ وعلى رأسها غياب الحماية القانونية؛ حيث يفتقر القانون لضمانات أساسية، مثل الحق في الحصول على محامٍ أو مترجم خلال مراحل التقديم والطعون، وهو ما يضعف من قدرة اللاجئين على الدفاع عن حقوقهم. والتدخل الأمني المفرط: حيث يمنح القانون السلطات التنفيذية صلاحيات واسعة وغير محددة للتدخل في قضايا اللاجئين بناءً على أسباب فضفاضة، مثل "الأمن القومي" أو "عدم احترام القيم الاجتماعية"، ما يُعرض اللاجئين لخطر القرارات التعسفية.
فضلًا عن تحديات قانونية وإنسانية أخرى تشمل إقصاء دور المفوضية، بإقصاء دور UNHCR، تفتقد آلية اللجوء في مصر للشفافية والخبرة الدولية التي تضمن حقوق اللاجئين وحمايتهم. والتمييز الممنهج، حيث يفرض القانون معايير صارمة وغير عادلة للتعامل مع اللاجئين بناءً على طريقة دخولهم، ما يتعارض مع المادة 31 من اتفاقية 1951، التي تمنع معاقبة اللاجئين على دخولهم غير النظامي.
وقالت المنظمتان، إنه في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية في السودان ودول الجوار، وثّقت المؤسسات الحقوقية تصاعدًا كبيرًا في معدلات الاحتجاز والترحيل القسري للاجئين في مصر. فمنذ اندلاع النزاع في السودان في إبريل/نيسان 2023، تجاوز عدد اللاجئين المحتجزين 9.000 حالة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، مع تقارير متزايدة عن ترحيلات قسرية تشمل نساء وأطفالا، وحتى من يحملون وثائق حماية صادرة عن المفوضية.
وعلقت المنظمتان "هذه الممارسات تتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 33 من اتفاقية 1951. علاوة على ذلك؛ تشير التقارير إلى أن اللاجئين يتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية في مرافق مؤقتة تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الصحية والإنسانية".
وأشارت المنظمتان في النداء الأممي إلى أن "القانون الجديد والنهج الأمني المتبع في التعامل مع اللاجئين يهددان بتفاقم الأوضاع الإنسانية في مصر والمنطقة، فاللاجئون في مصر- الذين يفوق عددهم المليون- يعانون بالفعل من نقص في الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية. كما أن سياسات الترحيل القسري تعيد هؤلاء اللاجئين إلى مناطق نزاع نشطة، ما يعرّض حياتهم للخطر ويزيد من تفاقم الأزمات الإنسانية في دولهم الأصلية. وعلاوة على ذلك؛ يؤدي هذا النهج إلى خلق توترات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة، حيث يعزز القانون الجديد من العزلة الاجتماعية ويضع اللاجئين في مواقف أكثر هشاشة، ما يدفع البعض إلى الهروب نحو ليبيا أو البحر الأبيض المتوسط في محاولات خطرة للهجرة.
وعن دور الاتحاد الأوروبي، قالت المنظمتان إن الدعم المالي والاستراتيجي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لإدارة الهجرة في مصر من شأنه أن يشجع الممارسات التي تنتهك حقوق اللاجئين وحقوق الإنسان، مثل الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري، مما يؤكد الحاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة للمساءلة.
وأوصت "لجنة العدالة" وGlobal Detention Project في ندائهما العاجل، الآليات الأممية والمجتمع الدولي بشكل عام، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للضغط على السلطات المصرية لضمان إصلاح قانون اللجوء الجديد، حيث دعت "لجنة العدالة" بالتعاون مع Global Detention Project إلى إعادة النظر في قانون اللجوء الجديد الذي أقره البرلمان المصري مؤخرًا، مشددتان على ضرورة تعديل بنوده لضمان توافقه مع الالتزامات الدولية، خاصة اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ومشيرين إلى أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى الشفافية ويمنح السلطات التنفيذية سلطات واسعة لاتخاذ قرارات تعسفية بحق اللاجئين، ما يعرّضهم لخطر التمييز والانتهاكات. وتوصي المنظمتان كذلك بإدراج ضمانات قانونية واضحة، مثل توفير الحق في الاستعانة بمحامٍ ومترجم خلال كافة مراحل العملية القانونية، وضمان عدم التمييز بين اللاجئين بناءً على طريقة دخولهم إلى البلاد.
ودعت المنظمتان إلى إنهاء الاحتجاز والترحيل القسري، بأن ركزتا في توصياتهما على وقف الاحتجاز التعسفي والترحيل القسري للاجئين وطالبي اللجوء في مصر، لا سيما النساء والأطفال. ودعتا إلى إنهاء هذه الممارسات التي تنتهك مبدأ "عدم الإعادة القسرية"، والذي يحظر إعادة اللاجئين إلى مناطق نزاع أو خطر. مع التأكيد على أهمية السماح للمنظمات الدولية والمراقبين المستقلين بدخول مراكز الاحتجاز لمراقبة الظروف الإنسانية، وضمان حقوق المحتجزين. كما طالبتا بإنشاء آليات قانونية تتيح للمحتجزين الطعن على قرارات احتجازهم أو ترحيلهم أمام محاكم مستقلة.
فضلًا عن تعزيز حماية الأطفال اللاجئين، شددت التوصيات أيضًا على ضرورة حماية الأطفال اللاجئين من الاحتجاز، ودعت إلى توفير بدائل إنسانية للحبس، مثل الإقامة المجتمعية. كما أكدت أهمية ضمان وصول الأطفال اللاجئين إلى خدمات التعليم والرعاية الصحية على قدم المساواة مع الأطفال المصريين، بغض النظر عن وضعهم القانوني. وفي إطار الحماية القانونية، أوصت المنظمتان بعدم ترحيل الأطفال أو أسرهم إلى مناطق نزاع، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لهم تضمن حقوقهم الأساسية.
ولتحسين وصول اللاجئين إلى الخدمات العامة، طالبت المنظمتان، السلطات المصرية، بضمان حصول اللاجئين على الخدمات العامة، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، من دون تمييز. كما دعتا إلى تسهيل إجراءات الإقامة والعمل للاجئين، ما يساعدهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي والاندماج في المجتمع. وفي الوقت نفسه، أكدتا على أهمية وضع إطار قانوني صارم لحماية البيانات الشخصية للاجئين، لمنع استغلالها بطرق قد تعرّضهم للخطر.
ودعت المنظمتان المجتمع الدولي، خاصة الاتحاد الأوروبي والدول المانحة، إلى ممارسة ضغوط دبلوماسية ومالية على الحكومة المصرية لضمان احترام حقوق اللاجئين. كما أوصتا بإشراك المنظمات الدولية، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، في مراقبة الأوضاع الإنسانية ودعم نظام اللجوء المصري فنيًا ولوجستيًا. وشددتا على ضرورة فتح قنوات قانونية وآمنة لإعادة توطين اللاجئين في دول ثالثة، تخفيفًا للعبء على مصر وضمان حماية اللاجئين من الانتهاكات.
وطالبتا الاتحاد الأوروبي بربط المساعدات المالية والفنية المقدمة إلى مصر بوقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد اللاجئين وطالبي اللجوء. وقالتا إنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضمن أن شراكته مع مصر في إدارة الهجرة لا تُسهم في الاحتجاز التعسفي أو الترحيل القسري أو التمييز، بل تلتزم بمعايير حقوق الإنسان الدولية وحماية اللاجئين.
يذكر أن لجنة العدالة (CFJ) هي جمعية مستقلة مكرّسة للدفاع عن حقوق الإنسان، ومقرها جنيف، سويسرا. تأسست في عام 2015 من قبل مجموعة متنوعة من المدافعين عن حقوق الإنسان، وتهدف إلى دعم الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعانون من الانتهاكات. أما مشروع الاحتجاز العالمي "Global Detention Project" فهي منظمة غير حكومية سويسرية معنية بتتبع أحدث التطورات في ممارسات وسياسات الاحتجاز المتعلقة بالهجرة، والنداءات العاجلة، والمواقف المرتبطة بها في جميع أنحاء العالم.