ناشطون يضغطون لكشف جرائم بنغازي

04 أكتوبر 2020
ليبيون بالقرب من محكمة بنغازي (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت أجهزة أمنية تابعة لمليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المسيطرة على شرق ليبيا، عن تفاصيل جريمة قتل مجهولة تعود لعام 2011، راح ضحيتها مواطن واعتبرتها مديرية أمن بنغازي في ذلك الوقت "من فعل مجهول". في وقت أكد فيه ناشطون مدنيون ممارستهم ضغوطاً على الأجهزة الأمنية من أجل الكشف عن حقيقة الجرائم التي شهدتها المدينة طوال الأعوام الماضية وسجلت "ضد مجهول".
وبحسب منشور لمديرية أمن بنغازي التابعة لمليشيات حفتر، فإنّ فتح ملف القضية وتتبّع الشهود قاد إلى التعرف على الجاني الذي ارتكب عملية قتل بتحريض من والده بسبب اعتداء المجني عليه على مخزن ملابس تعود ملكيته للوالد. وفيما أوضحت المديرية، على صفحتها الرسمية، أنّ الوالد والشهود اعترفوا باسم الجاني، وأقروا بهروبه إلى خارج المدينة، يصف الناشط المدني والسياسي عقيلة الأطرش، المهجّر عن بنغازي، طريقة عرض نتائج التحقيق بأنّها "ساذجة، وتؤكد تورط مليشيات حفتر في انتشار الجريمة". ويتساءل: "إذا كان إحضار الشهود والوصول إلى حقيقة الجريمة بهذه السهولة، فلماذا سجلت ضد مجهول طوال هذه السنين؟". يلفت الأطرش، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أنّ الضغوط التي تمارسها منظمات أهلية وحقوقيون على مليشيات حفتر بعدما كسر المواطن حاجز الخوف من خلال التظاهرات التي طالبت بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين في بنغازي ومدن شرق ليبيا، هي التي اضطرت أجهزة أمن حفتر إلى إعادة فتح تلك القضايا.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وطالب مئات المتظاهرين في بنغازي ومدن أخرى في شرق ليبيا، خلال الأسبوعين الماضيين، بضرورة الكشف عن الفساد والفاسدين في مفاصل الحكم، كما تضمنت مطالب المتظاهرين الكشف عن مصير المغيبين قسراً والجرائم الغامضة.
وإزاء تزايد الحديث عن وفاة مديرة سجن الكويفية في بنغازي، النقيب أسماء الحسناوي، بشكل مفاجئ، في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، طالبت المحامية سحر بانون - التي شغلت منصب وكيل وزارة العدل سابقاً في الحكومة الموازية شرقي البلاد - المحامي العام في بنغازي، بفتح تحقيق عام في مقتل الحسناوي وشقيقتها "فجأة". مشيرة إلى أنّ تقرير الوفاة ذكر أنّ سبب الوفاة "توقف عضلة القلب بعدما ذكر أنّه تسمم غذائي في التشخيص الأول. علماً بأنّ التقرير المبدئي أثبت عدم وجود تسمم".
وبالرغم من تأكيد الأطرش أنّ الضغوط المدنية كانت وراء اضطرار الأجهزة الأمنية إلى فتح ملفات جرائم قتل، فالناطق الرسمي باسم مدير مكتب الإعلام بوزارة الداخلية في الحكومة الموازية، طارق الخراز، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ أجهزة أمن الحكومة تعمل بشكل مستمر على كشف الجرائم ولا تنتظر ضغوطاً من أيّ جهة. ويلفت الخراز إلى أنّ بيانات مديريات الأمن التابعة لوزارته كاشفة تباعاً حقيقة جرائم القتل، تؤكد ما ذهب اليه. لكنّ الأطرش يتساءل عن قدرة الوزارة وأجهزة الأمن على كشف حقيقة جرائم شارع الزيت في بنغازي التي يعتقد قطاع كبير من الليبيين أنّها متصلة بمليشيات حفتر بشكل مباشر، لا سيما أنّ أغلب الجثث التي عُثر عليها على مدى أربعة أعوام في تلك المنطقة على علاقة بمعارضة حفتر. ويكشف الأطرش أنّ ائتلافاً من 19 منظمة مدنية وحقوقية رفقة 31 ناشطاً مدنياً يستعدون لرفع قضية جنائية أمام المحاكم الليبية ضد مليشيات حفتر بشأن جرائم شارع الزيت، مشيراً إلى وعود من قبل شخصيات نافذة في أجهزة أمن حفتر بشأن رغبتها في البدء بالتحقيقات بشأن الجرائم المسجلة "ضد مجهول" في المدينة.
ومنذ إعلان عدوان حفتر على العاصمة طرابلس، انشغلت المنظمات الناشطة في الشأن الإنساني بمتابعة الانتهاكات التي تمارسها الأطراف المسلحة في المحيط المتصل بميدان الحرب، وآخر الإحصاءات المتعلقة بجرائم القتل في بنغازي نشرتها منظمة التضامن لحقوق الإنسان الأهلية غير الحكومية، التي قالت إنّ النصف الأول من العام الماضي شهد 424 جريمة قتل في حوادث عنف مختلفة في البلاد، تصدّرتها بنغازي بـ60 قتيلاً، نصفهم كانوا من ضحايا جرائم القتل.
وشجع إعلان مديرية بنغازي، بشأن الكشف عن تفاصيل جريمة تعود إلى عام 2011، المواطن علي حدوث، على تقديم ما يصفه بـ"التظلم" إلى مديرية أمن المدينة بشأن مقتل خاله الذي عثر على جثته ملقاة في شارع الزيت، مشيراً إلى أنّ "التظلم قد يضمن طريقاً للوصول إلى أسباب مقتله". ويرجح حدوث، كما يقول لـ"العربي الجديد"، أن يكون سبب مقتل خاله خطفه عبر مجموعة مجهولة عن طريق الخطأ، إذ كان يجلس مع جيران له عُرف عنهم موقف معارض لبعض إجراءات أجهزة الأمن المتشددة التابعة للتيار السلفي التي كانت مسيطرة في ذلك الحين.

وتعد قضية اختفاء عضو مجلس النواب، سهام سرقيوة، في يوليو/تموز 2019، من أشهر قضايا الإخفاء القسري وتغييب المصير، التي ما زالت أجهزة أمن حفتر تصمت حيالها، خصوصاً أنّها اختطفت من أمام بيتها بعد ظهور إعلامي عبّرت خلاله عن رفضها عدوان حفتر على العاصمة طرابلس، ولم تظهر بعدها.

المساهمون