نازحو مخيم الركبان تحت ضغط المغادرة

10 نوفمبر 2021
وضع سيئ دائم لنازحي مخيم الركبان (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

أعلن "مجلس عشائر تدمر والبادية السورية" أن عشرة عائلات من حماة وحمص ودرعا غادرت مخيم الركبان الذي يقع على الحدود مع العراق والأردن، وتوجهت إلى مناطق سيطرة النظام بسبب الجوع وعدم توفر رعاية طبية لهم ولأطفالهم، في حين لم يحصلوا على أية ضمانات بعودتهم من دون التعرض للاعتقال.
وإلى الأسباب الإنسانية التي دفعت هذه العائلات إلى مغادرة مخيم الركبان، يضيف رئيس "مجلس عشائر تدمر والبادية السورية" ماهر العلي سبب انتشار ظاهرة الاعتقالات التعسفية التي ينفذها فصيل "مغاوير الثورة" داخل المخيم، والتي يقول لـ"العربي الجديد" إنها "تحصل باتهامات كاذبة وملفقة تهدف إلى الضغط على المحتجزين وعائلاتهم من أجل دفع مبالغ مالية كبيرة من أجل تفادي حوادث ثأر شخصية".
ويحصي العلي مغادرة 35 عائلة مخيم الركبان منذ 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، ويشير إلى أن بعض أفرادها لديهم حالات مرضية، وأن آخرين نسقوا مع أشخاص أو أقارب لهم في مناطق سيطرة النظام من أجل تسوية أوضاعهم. ولا يخفى أيضاً أن البعض خرج من المخيم عبر طرق تهريب ضمن البادية السورية إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد). والعائلات التي عادت إلى مناطق سيطرة النظام تحديداً مهددة بالاعتقال في أي وقت".
ويوضح أيضاً أن "4 آلاف شخص في مخيم الركبان يعانون من نقص في الغذاء والدواء والرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب، ومن الانعدام شبه التام للتعليم، وكذلك من الاعتقالات التعسفية لعناصر مغاوير الثورة التي تخلق ممارساتها رعباً كبيراً، وشمل آخرها قبل فترة قصيرة أربعة مدنيين خضعوا لضغوط كبيرة من أجل إخلاء منازلهم المبنية من الطوب والتي تبعد نحو 6 كيلومترات عن قاعدة التنف، علماً أن مغاوير الثورة التي أنشئت لقتال قوات النظام والمليشيات الإيرانية وعناصر تنظيم داعش، تسيطر على المخيم بالكامل".
يضيف: "يتمثل الحل الوحيد بالنسبة إلى المتواجدين في المخيم في ابتعاد الفصائل عن إدارته، ومبادرة المنظمات الدولية إلى تقديم مساعدات إنسانية ملحة لهم من أجل إنقاذهم، ومنعهم من المغادرة إلى مناطق سيطرة النظام"، علماً أن الأشخاص الذين لا يزالون في المخيم شبه معدمين مادياً أو مطلوبون من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام".

ويطالب العلي قوات التحالف الدولي المتمركزة في قاعدة التنف بأن تراعي ظروف النازحين في مخيم الركبان، مشيراً إلى أن "الأطباء العاملين في صفوف قوات التحالف يجرون عمليات جراحية ويوفرون الرعاية الطبية للعائلات المحسوبة على مغاوير الثورة. أما المدنيون الذين لا يملكون  وساطات فمحرومون من الطبابة والرعاية".
كما يدعو فصيل "مغاوير الثورة" إلى إلغاء الضرائب المفروضة على السيارات التي تجلب المواد الغذائية إلى مخيم الركبان، "لأنها ترفع الأسعار في شكل جنوني"، علماً أن الفصيل يتلقى دعماً أميركياً لتنفيذ مهمة حماية مساحة ٥٥ كيلومتراً من البقعة الجغرافية التي تقع عند مثلث الحدود السورية - العراقية - الأردنية، وتضم قاعدة التنف ومخيم الركبان.

انعدام الرعاية الطبية أحد أسباب المغادرة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
انعدام الرعاية الطبية أحد أسباب المغادرة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

من جهته، يقول موفق السعدون النازح من مدينة تدمر إلى مخيم الركبان، لـ"العربي الجديد": "نعيش من قلة الموت، إذ نعاني من كل أنواع الصعوبات في المخيم الذي لا تتوفر فيه أية مقومات للحياة، وكأنه منسي بالكامل. وقد دخلنا فصل الشتاء حالياً من دون وجود مازوت أو حطب للتدفئة فسعر ليتر المازوت 5 آلاف ليرة سورية (1.42 دولار)، وسعر كيلو الحطب 700 ليرة (دولاران) وكل من كيلو البطاطا وكيلو الطماطم 4000 ليرة (1.14 دولار)، وأقل عائلة في المخيم تحتاج إلى 250 دولاراً شهرياً كي تعيش في شكل عادي، وهو مبلغ غير متوفر بالطبع إلا إذا أرسل من أقارب في الخارج. وأنا استغرب أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تتجاهل المخيم بالكامل، في حين أننا نواجه مصير الموت أو الاعتقال إذا توجهنا إلى مناطق سيطرة النظام، ما يعني أننا واقعون بين المطرقة والسندان".

ويرى الممرض في المخيم، شكري أبو محمود أن "من أهم أسباب مغادرة العائلات إلى مناطق سيطرة النظام هو عدم وجود الرعاية الصحية ومستلزمات العلاج، علماً أن النقطة الطبية الوحيدة التي كانت تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أغلقت أبوابها في وجه قاطني مخيم الركبان في مارس/ آذار 2020".
ويتابع: "تحتاج حالات مرضية عدة في مخيم الركبان إلى علاج في مستشفيات غير موجودة، في وقت تسود حالة عامة سيئة داخله نتيجة الحصار وقلة تقديم المساعدات التي لم تدخله منذ عامين. كل ذلك يضغط على الأهالي للمغادرة إلى مناطق سيطرة النظام".
ويشير إلى أن "المخيم يشهد موجة برد قارس منذ أيام، في وقت لا يستطيع أي من سكانه تأمين مستلزمات التدفئة، كما تنتشر أمراض كثيرة داخله بسبب الحشرات المتجمعة حول بؤر الصرف الصحي، والتي تشكل عبئاً على الأهالي بسبب غلاء الأدوية. ويجب أن تتدارك الأمم المتحدة الوضع في شكل سريع، وتقدم مساعدات طبية وغذائية لقاطني المخيم، وتفك الحصار وتفتح النقطة الطبية التي أغلقت أبوابها".

المساهمون