استنكر نادي القضاة المصريين ما وصفه بـ"تمادي بعض مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في اتخاذ واقعة الطفل نجل السيد القاضي الفردية كذريعة للنيل من السلطة القضائية ورجالها الشرفاء، رغم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها، وقيام والد الطفل بشكل غير مسبوق بتقديم الاعتذار لجموع الشعب المصري، وتأكيد مجلس إدارة نادي القضاة على إدانته لكافة تلك التصرفات والأفعال التي بدرت من نجله".
الطفل المصري صاحب واقعة الاعتداء على شرطي مرور، وهو نجل مستشار في القضاء المصري، ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي في مقاطع فيديو تحمل إهانة لشرطيين مصريين، وعبارات مسيئة، حيث تباهى الطفل بسلطة والده، بقوله "نحن نَسجن لا نُسجن"، حتى تطور الأمر لقرار من النيابة العامة المصرية بإيداع الطفل في دار رعاية، وحبس رفاقه في الفيديو، ونشر والده اعتذارًا عن تقصيره في تربية ابنه.
واتهم نادي قضاة مصر، في بيان رسمي له، البعض "بشن حملة هجوم ممنهجة ضد القضاة"، في تعالٍ لا يختلف كثيرًا عن تصريحات رئيس نادي القضاة السابق ووزير العدل السابق أحمد الزند، الذي سبق أن كرّس لفكرة "ابن القاضي يصبح قاضيا وابن الزبال يصبح زبالا، ولا يمكن أن يصبح ابن الزبال قاضيًا".
وأكد رفضه التام لما وصفه بـ"استمرار الحملة الانتقائية التي تثير الكثير من الأحقاد والضغائن وتنشر ثقافة الكراهية بين أبناء الشعب الواحد وتسعى للنيل من سلطاته والتعدي على صون القضاء والتربص به"، وطالب "مؤسسات الدولة بالتصدي لهذه الهجمة الممنهجة لما تمثله من انتهاك لسيادة القانون وزعزعة لاستقرار الدولة المصرية".
وأوضح كذلك أنه "لم ولن يتنازل عن دوره الرئيسي في الحفاظ على صون القضاء وهيبة رجاله الذين يرسون دوما بأحكامهم قواعد العدالة وقيم الفضائل والأخلاق، وسيقوم ترسيخا لمبدأ سيادة القانون -الذي يجب أن يلتزم به الجميع- برصد وحصر كافة الاعتداءات الصارخة والخروقات السافرة، وسيقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها".
بهذا التهديد والوعيد، وما سبقه من وصف رافضي تصرفات نجل القاضي بأنهم أصحاب "أحقاد وضغائن"، أكد نادي قضاة مصر، ضمنيًا مجددًا، تمسكه بطبقية أفراد الشعب الواحد، ووضْع رجال القضاة وأسرهم في مقامات أعلى من غيرهم من جموع الشعب، وحتى من ذوي السلطات غيرهم.
تصريحات الزند بأن "ابن الزبال مينفعش يبقي قاضي أو وكيل نيابة"، كررها من بعده وزير العدل المصري السابق محفوظ صابر، بقوله من جديد "ابن الزبال مايدخلش القضاء"، ثم أكد عدم ندمه على تصريحه هذا، في حوار على موقع "المصري اليوم"، في مايو/أيار 2015، قال فيه بتحدٍ غريب: "كلامي واضح ولا أسيء لأي أحد، واللي عايز يفهم حاجة على مزاجه يتفضل، وكان ممكن أقول إني غير مختص بالتعيين ومجلس القضاء هو المسؤول، لكني أجبت بالصراحة التي عهدني الناس عليها، واللي مش عاجبه كلامي يقول اللي يقوله، واللي عايز يعمل حاجة يعملها".
وكانت النيابة العامة المصرية قد قررت، مساء الأحد، تسليم الطفل لأسرته، وتغريم مالك السيارة 10 آلاف جنيه مصري (حوالي 630 دولارا أميركيا)، بتهمة تعريض طفل للخطر، وذلك في أعقاب الفيديو الأول الذي ظهر فيه يقول لشرطي "إنت مش عارف بتكلم مين"، ويوجه له شتائم وإهانات متكررة.
ثم في مقطع الفيديو الثاني، ظهر الطفل رفقة 4 من أصدقائه، يتبادلون المزاح بالسباب والشتائم في ما بينهم وبين متابعيهم في البث المباشر الذي انتشر بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط موجة كبيرة من الانتقادات والاعتراضات على جرأة الطفل على مثل تلك الأفعال وتباهيه بسلطة والده في هذا السن.
أما مقطع الفيديو الثالث، فظهر فيه الطفل بينما يصوره رفيقاه وهو يهين شرطيا مجددًا ويقول له "أنا كفيل آكلك علقة أموتك"، حينها فقط قررت السلطات المصرية التخلي عن معاملته بصفته ابن قاضٍ في الدولة، وقررت التعامل معه قانونًا بأن ألقت أجهزة الأمن القبض عليه وعلى 3 آخرين من أصدقائه بعد انتشار مقطع مصور لهم يتهكمون فيه على فرد شرطة آخر.
كما قررت النيابة العامة المصرية إيداع الطفل المتعدي على فرد شرطة المرور بإحدى دور الملاحظة، وحبس من كانوا في صحبته احتياطيا على ذمة التحقيقات.