منظمة حقوقية ترصد آليات الشكوى والبلاغات في مصر

24 نوفمبر 2021
قصور وعدم فعالية في الآليات الرسمية المحلية للشكوى والبلاغات في مصر(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

قالت منظمة "كوميتي فور جستس" إنّ من أبرز الإشكالات التي تواجه الضحايا وذويهم في إسماع أصواتهم للسلطات في مصر، هي "حلقة التواصل المغلقة بين الجهات الرسمية وآليات الشكاوى المحلية"، وأشارت إلى "تحالف الهيئات الرسمية وتواطؤها عملياً في إقرار وضمان استمرار الجرائم والمخالفات بحق الضحايا دون رقابة خارجية مستقلة".

وجاء ذلك في التقرير نصف السنوي الذي أصدرته المؤسسة اليوم الأربعاء طبقاً لمشروعها "مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية"، والذي حمل عنوان: "قررنا حفظ التحقيق.. آليات الشكوى والبلاغات في مصر خلال النصف الأول من 2021"، والذي تناول بعضاً من أبرز حالات الشكوى والبلاغات التي وثّقتها "كوميتي فور جستس"، أو قامت بها عبر فرقها الميدانية خلال النصف الأول من عام 2021، لأجل الضحايا داخل السجون المصرية.

وأوضحت المؤسسة أنّ الهدف من التقرير "مناقشة أوجه القصور وعدم الفعالية التي تعتري الآليات الرسمية المحلية للشكوى والبلاغات في مصر، من خلال عرض الآليات الموجودة حالياً ومدى توافقها مع التزامات مصر الدولية"، وكذلك استعراض نماذج من تجارب الضحايا التي وثقتها، إضافة إلى عرض نماذج لبعض الآليات المحلية المطبقة في دول أخرى، والتي قد تفيد في تحقيق العدالة وتمثيل الضحايا والتوسّط بينهم وبين السلطات المصرية.

وتطرّق التقرير إلى الآليات الرسمية المتاحة حالياً لتقديم الشكاوى والبلاغات في مصر، سواء داخل مقار الاحتجاز، أو من خلال المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، الذي بعد أن اشتكى من تدخل السلطة التنفيذية في أعماله من خلال جهاز أمن الدولة في أثناء ولاية الرئيس المنتخب محمد مرسي، اتسّمت علاقته بالنظام الحالي بـ"التواطؤ"، إلى المشاركة في النهوض بأوضاع حقوق الإنسان بمصر، وأخيراً بلجوء الضحايا إلى القضاء المصري من خلال محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية العليا.

كذلك، عرّج التقرير على الدور المنوط بالنيابة العامة المصرية قانونياً، ومدى تجاهلها للقيام بدورها، وعدم شفافية التقارير التي تقدمها عن أماكن الاحتجاز، سواء من ناحية نوعية الشكاوى المقدمة إليها، أو طرق استجابتها لها والتحقيق فيها. 

ونجحت "كوميتي فور جستس" في الوصول إلى بيانات 14 عريضة على الأقل، ضمن المئات التي قُدِّمَت إلى مكتب النائب العام، غير أنّ أياً منها لم تلق جواباً بعد، رغم استمرار فحصها لأشهر في المكتب الفني ونيابة أمن الدولة العليا.

وعرض التقرير تجارب للضحايا وذويهم في تقديم الشكاوى والبلاغات، وأبرز أنماط التعامل معها، التي وثقتها "كوميتي فور جستس" خلال النصف الأول من العام الجاري، والتي كان من ضمنها التجاهل المطوّل للشكاوى، الذي قد يمدّ من عمر الشكوى لسنوات، وكذلك التنكيل بالضحايا أو ذويهم عقب تقديمهم بلاغات وشكاوى للسلطات الرسمية؛ ومثال على ذلك حالة سناء سيف، شقيقة المعتقل تعسفياً والمدافع عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح، بعدما تعرّضت وأختها منى، ووالدتها الدكتورة أهداف سويف، في يونيو/حزيران 2020، للاعتداء من قبل "بلطجية" حرضتهم إدارة مجمع سجون طرة على التنكيل بهم، بعدما طالبوا بحق التواصل والاطمئنان إلى علاء، في أثناء ذروة انتشار وباء كورونا.

وأكّدت المؤسسة أنها وثقت كذلك إنكار الانتهاكات بحق المعتقلين/السجناء، وتقديم جهات التحقيق المختلفة في الشكاوى تقارير بـ"عدم صحة الادعاءات"؛ ومثال على ذلك حالة شكوى ذوي المحتجزين زياد العليمي وأحمد سمير، بعد التعدّي عليهما بالضرب داخل محبسهما بسجن ليمان طرة من قبل ضباط السجن، بعد منعهما من الذهاب لمواساة سجين آخر في وفاة والده، بحجة قوانين السجن، وبعد احتجاج زياد على حرمانهما التريض، وهو حق مقرر وفقاً لذات اللائحة، قام المحامي خالد علي بتقديم بلاغ لنيابة أمن الدولة العليا في الواقعة، غير أنّ وزارة الداخلية سارعت إلى إصدار بيان على صفحتها الرسمية على "فيسبوك" تنفي فيه الواقعة، وأنّ "ما تمّ تناوله في هذا الشأن عارٍ تماماً من الصحة جملة وتفصيلاً". 

كذلك، استعرض التقرير أهم البدائل المحلية لتفعيل آليات الشكاوى، التي كان من ضمنها ما يُعرف بـ"هيئة الزائرين/ المشرفين"، وهو نظام مطبّق في ألمانيا، ويسمح لمستشارين مستقلين بزيارة مقار الاحتجاز وتلقي الشكاوى وإرسالها إلى إدارة السجن للتوسط بين المشتكي والإدارة.

ورأى التقرير ضرورة دعم "لجان الأهالي" وروابط ذوي المعتقلين، في ظلّ انتشار الفضاء الإلكتروني، لكونها تتسم بقابلية أعلى للتمثيل العادل والموضوعي للضحايا، وسهولة الوصول والتواصل بين الضحايا والسلطات دون عوائق بيروقراطية.

وأوصت "كوميتي فور جستس" في ختام تقريرها، بمحاسبة سلطات الاحتجاز على جرائم ومخالفات تجاهل شكاوى الضحايا وذويهم، والتنكيل والانتقام منهم. كذلك، إلزام النائب العام المصري بالرد على الشكاوى والطلبات المرفوعة إليه بخصوص الحالات التي تناولها التقرير، وسرعة إنصاف الضحايا وذويهم من سلطات الاحتجاز.

كذلك دعت المؤسسة إلى تفعيل دور النيابة العامة المصرية في الرقابة على السجون ومقار الاحتجاز، وسرعة البتّ في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء الإداري والمحكمة الإدارة العليا بمجلس الدولة لإنصاف الضحايا ووقف الجرائم والمخالفات بحقهم، وإلزام الجهات المعنية بتعويضهم مادياً ومعنوياً.

وطالبت "كوميتي فور جستس" باستبدال الدور المعيب الذي يلعبه المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري بآليات فعّالة ومستقلّة، مثل لجان الأهالي وهيئة الزائرين والمشرفين، والسعي نحو تمثيل السجناء ودمجهم في آليات التحقيق ومعالجة الشكاوى لضمان رقابة حقيقية على مقارّ الاحتجاز، وتحقيق مصداقية آليات الشكوى والانتصاف، وضمان ثقة الضحايا بمنظومة العدالة والحقوق المقررة في الدستور والقانون المصري.

المساهمون