أودعت امرأة من محافظة تطاوين بالجنوب التونسي شكاية بالمنصة الرقمية "كيفي كيفك" قالت فيها إنها تمّ رفض تمويل مشروعها من طرف البنك التونسي للتضامن والمتمثل في تطوير ورشة حدادة والدها بحجّة أنها امرأة وأن طبيعة هذا العمل تتطلب رجلاً.
تقدّم أيضاً لذات المنصة الرقمية رجال يطالبون بالمساواة في الأجر وفي ساعات العمل وفي التمتع بحقهم في الضمان الاجتماعي على غرار النساء أو الحصول على فرصة عمل أو منصب كالذي تحصل عليه المرأة عندما يفتح باب الانتداب. فالخيارات وفق المشتكين تتم وفق النوع الاجتماعي لا حسب الكفاءات.
هذه عينة من جملة 435 شكوى تلقتها المنصة الرقمية "كيفي كيفك" لرصد سلوكيات عدم المساواة بين الجنسين في تونس، وهي منصة تم إطلاقها من قبل الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي في سبتمبر/ أيلول 2020 في إطار مشروع "فائزة لتكافؤ الفرص" الذي بدأ منذ مارس/ آذار 2019 وتواصل إلى غاية مايو/ أيار 2021 وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية وبالشراكة مع 5 جمعيات محلية في كل من محافظات قفصة، تطاوين، القيروان والكاف وتونس الكبرى.
جرت العادة أن يتم ربط عدم توفر مبدأ المساواة بالنساء باعتبارهنّ الأكثر عرضة للتمييز والعنف وعدم تكافؤ الفرص في العمل أو في محيطهن الأسري أو الخارجي، لكن نوعية الشكاوى حول الانتهاكات التي تلقتها منصة "كيفي كيفك" تفيد بأن ما بين 25 و30 بالمائة منها تقدّم بها رجال حول انعدام المساواة في الفرص بينهم وبين النساء.
تقول منسقة المشروع فتحية جوابرية في تصريح لـ "العربي الجديد" إنّ "هذه المنّصة الرقمية أنشئت لهدفين أساسيين، وهما التوعية والتحسيس حول المساواة بين الجنسين من جهة، ومن جهة ثانية لتسجيل وتوثيق الشكاوى المتعلقة بالتجاوزات في عدم المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، بمعنى رصد أي تجاوز يمارس سواء على الرجل أو المرأة بغض النظر عن الانتماء الاجتماعي أو البنية الجسدية أو العمر أو المكان".
وتُضيف جوابرية "هذه الشكاوى تهم كل أنواع التجاوزات، سواء كانت عدم المساواة في الأجور أو في المعاملات والسلوكيات أو التعرض لكل أشكال التمييز والعنف التي تمارس على حد سواء على المرأة أو الرجل، مثل اللامساواة في الترقيات في العمل أو في فرص العمل أو في الأجور خاصة بالنسبة للمرأة الريفية".
وبيّنت منسقة المشروع أنه "منذ فتح باب قبول الشكاوى على المنصة الرقمية للمواطنين إلى جانب الجمعيات الشريكة كانت التفاعلات إيجابية جداً، إذ تلقت المنصة أكثر من 200 شكوى في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إضافة إلى عدة رسائل للاستفسار عن الهدف من هذه المبادرة وغاياتها".
وتوضح "تتيح المنصة للجمعيات الشريكة في مشروع "فائزة لتكافؤ الفرص" التدقيق في الشكاوى التي يتم تلقيها ودرسها ولعب دور الوسيط بين ضحايا اللامساواة وبين الهياكل المعنية من أجل اتخاذ التدابير اللازمة والتصدي للتجاوزات والمساهمة في حسن تطبيق القانون".
وتَضيف جوابرية "قد لا يكون هناك تفاعل فوري من هذه الهياكل أو حلّ المشكل بصفة آنية، ولكن من المهم التأكيد أيضاً على أن الهدف من هذه المنصة هو ترسيخ ثقافة التبليغ عن الانتهاكات وغرس هذا المنهج في عقليات الناس، أي السعي إلى الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بها، ولفت نظر المؤسسات أو الهياكل المرتكبة لمثل تلك التجاوزات، وبالتالي قد تظهر النتائج على المدى المتوسط أو البعيد".