مكبّ نفايات النصيرات في غزة.. طريقة للقتل عبر نشر الأمراض والأوبئة

غزة
ناهد أبو هربيد صحافية فلسطينية في قطاع غزة (العربي الجديد)
ناهد أبو هربيد
ناهد أبو هربيد صحافية فلسطينية في قطاع غزة. عملت مراسلة لعدد من القنوات التلفزيونية.
24 يونيو 2024
786786
+ الخط -
اظهر الملخص
- مكب نفايات النصيرات في قطاع غزة يشكل خطرًا بيئيًا وصحيًا، حيث يعاني النازحون من الأمراض التنفسية والجلدية بسبب الروائح الكريهة والأمراض المنتشرة.
- النازحون يصفون الحياة بجانب المكب بـ"الموت الحقيقي"، معانين من غياب الاستجابة الحكومية وقسوة الحرب التي أجبرتهم على النزوح المستمر.
- بلدية النصيرات تحاول التخفيف من المعاناة برفع النفايات وتجنب كارثة صحية، لكن الاحتلال يعيق الجهود، مما يعمق الأزمة الإنسانية والصحية في المخيم المكتظ بأكثر من 300 ألف شخص.

يشكّل مكبّ نفايات النصيرات في قطاع غزة قنبلة بيئية وصحية تُهدّد بإزهاق الأرواح وانتشار الأمراض والأوبئة، وسط أوضاع إنسانية مأساوية بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين للشهر التاسع على التوالي. ويجد نازحو مخيم النصيرات أنفسهم وسط ظروف صعبة انعكست على ملامحهم، إذ أجبروا مكرهين على التعايش مع روائح كريهة وحياة صعبة قرب مكبّ النفايات الذي تحوّل إلى خطر محدق بصحة المواطنين، وسط غياب أي استجابة أو التفاتة لهذا الوضع.

تحت أشعة الشمس الحارقة وفي منتصف الظهيرة، ينبش الطفل محمد حرب ذو العشرة أعوام بين أكوام النفايات المتكدسة في المناطق الشمالية الغربية من مخيم النصيرات، تحديدا في منطقة السوق الجديد، على قطع البلاستيك والأخشاب ليساعد والدته على تحضير الطعام. ويقول حرب لـ"العربي الجديد": "نعاني من انتشار الأمراض التنفسية والجلدية بسبب تكدس أكوام النفايات بالقرب من خيام النازحين التي تقدر بالمئات، علاوة على الروائح الكريهة التي تنبعث منها، لا سيما ونحن في بداية فصل الصيف". 

وتعدّ النفايات بيئة خصبة لانتشار الحشرات المختلفة كالبعوض والذباب الذي ينتشر بشكل كبير ويساهم في انتشار العدوى.

الصورة
توفر النفايات بيئة خصبة لانتشار الأمراض، 22 يونيو (العربي الجديد)
تكدس النفايات بيئة خصبة لانتشار الأمراض / 22 يونيو (العربي الجديد)

مكبّ نفايات النصيرات: قنبلة موقوتة

وتصف النازحة الخمسينية "أم محمد"، من قطاع غزة، الحياة بالقرب من مكبّ نفايات النصيرات بالموت الحقيقي، قائلة: "لا نستطيع النوم من الروائح الكريهة التي تنبعث من تكدس القمامة والبعوض والذباب"، مؤكدة أن أطفالها الصغار أصيبوا بمرض الجدري المائي المعدي. وأشارت إلى أنهم ناشدوا المسؤولين ولكن "لا حياة لمن تنادي، نحن ضحايا بالنسبة للمجتمع". بدورها، أوضحت النازحة آية حجاج، من قطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، أن قسوة الحرب منذ تسعة أشهر أجبرتهم على النزوح المستمر ومحاولة البقاء على قيد الحياة، لينتهي بهم المطاف إلى العيش بالقرب من مكبّ نفايات مجبرين بسبب عدم وجود أماكن آمنة يلجأون إليها.

وتشتكي المتحدثة من الوضع الكارثي الذي تعيشه رفقة عائلته والذي يكاد يكون مشتركاً بين كل نازحي النصيرات، بسبب انتشار البعوض والذباب وحشرات أخرى، وظهور أعراض جلدية غريبة على أجساد الأطفال المقيمين في المكان القريب من مكبّ النفايات، بالإضافة إلى انتشار الكلاب الضالة، مؤكدة لـ"العربي الجديد" أنه "لا وصف يليق بالمعاناة التي نعيشها".

الصورة
تهدد النفايات صحة النازحين بالقرب من المكب، 22 يونيو (العربي الجديد)
تُهدّد النفايات صحة المهجّرين بالقرب من المكبّ/ 22 يونيو 2024 (العربي الجديد)

بينما يطالب النازح محمد أبو فول، من غزة، بإنقاذ حياة الأطفال والنساء بسبب تكدس النفايات بالقرب من خيامهم، مشيرا إلى أن زوجته أصيبت بمرض الجرب المعدي بسبب انتشار البعوض والحشرات. وكانت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة نبال فرسخ قد أكدت قبل أيام رصد أكثر من مليون إصابة بالأمراض المعدية في قطاع غزة، خاصة التهاب الكبد الوبائي، محذرة من انتشار مرض الكوليرا بسبب المياه الملوثة.

وعلى عربة تحمل أكواماً من النفايات المتراكمة بين خيام النازحين، يحاول وسيم اللوح، العامل في بلدية النصيرات، وسط قطاع غزة، المساهمة في تخفيف جزء من الأزمة.

الصورة
يحاول عامل البلدية التخفيف من حدة الأزمة، 22 يونيو (العربي الجديد)
يحاول عامل البلدية التخفيف من حدة الأزمة/ 22 يونيو 2024 (العربي الجديد)

يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "تكدس النفايات بالقرب من النازحين يعزى إلى سيطرة الاحتلال على مناطق المكبات الرئيسية في شرق قطاع غزة، ولا نستطيع المجازفة والذهاب إلى هناك بسبب وجود الدبابات الإسرائيلية التي تمنع وصولنا"، مشيرا إلى أن بلدية النصيرات تحاول جاهدة التخفيف من حدة المعاناة في هذا المكان ورفع النفايات لتجنب كارثة صحية وبيئية تحدق بالمواطنين الفلسطينيين في المنطقة الوسطى.

تجدر الإشارة إلى أنه بسبب تعرض مدينة رفح لاجتياح بري، فقد بات مخيم النصيرات يعجّ بأكثر من 300 ألف شخص من مختلف أنحاء قطاع غزة، وهو ما يتطلب من البلدية مضاعفة الجهود في ظل قلة الإمكانيات وعدم جهوزية شبكة البنية التحتية لاستقبال مثل هذه الأعداد من النازحين، نظرا لتدمير الاحتلال الإسرائيلي شبكة البنية التحتية في النصيرات، وخصوصا بعد العمليات العسكرية التي شنها الاحتلال على مناطق شمال مخيم النصيرات وشرقه.

وقد تعمد جيش الاحتلال تدمير كافة سبل الحياة الإنسانية، ومنع وصول المياه والوقود وقطع الغيار وتدمير شبكات المياه والكهرباء وشبكة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، واستهدف ودمر الطرق وآبار المياه ومحطات الصرف الصحي والبنية التحتية وكذلك الاستهداف المباشر للآليات العاملة في قطاع جمع وترحيل النفايات الصلبة المتراكمة منذ تسعة أشهر.

ذات صلة

الصورة
الطبيب الفلسطيني عصام أبو عجوة في مستشفى الأهلي المعمداني في دير البلح (الأناضول)

مجتمع

بعد اعتقال دام 200 يوم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، عاد الطبيب الفلسطيني المتقاعد عصام أبو عجوة (63 عاما)، لممارسة عمله رغم الظروف القاسية
الصورة
شابان يسخران تخصصهما لعلاج المرضى والجرحى بخيام النازحين في غزة

مجتمع

لم ترحم الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها التاسع، ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتضاعف معاناتهم في ظل النزوح المستمر ونقص الاحتياجات الأساسية.
الصورة
طلاب مناصرون لفلسطين يعتصمون في جامعة ملبورن، 15 مايو2024 (مارتن كيب / فرانس برس)

مجتمع

فتحت السلطات المختصة تحقيقاً مع جامعة ملبورن لانتهاكها قوانين الخصوصية من خلال استخدام المراقبة للتعرف إلى هويات الطلاب المشاركين في اعتصام مناصر لفلسطين.
الصورة

سياسة

أطلقت المحكمة العليا في واشنطن سراح 12 طالبا من طلاب مخيم الجامعات في جامعة جورج واشنطن بناء على اتفاق يقتضي بعدم اقتراب الطلاب من محيط الجامعة.
المساهمون