مكالمة هاتفية واحدة فقط لكل أسير فلسطيني في شهر رمضان
لأول مرة، يبدأ الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي الاتصال بعائلاتهم، ولمرة واحدة خلال شهر رمضان المبارك فقط، بعد قرار من محكمة العدل العليا للاحتلال بقبول مقترح من إدارة مصلحة السجون قبل نحو أسبوعين، بالسماح لهم بالاتصال ضمن شروط، بديلاً من الزيارات العائلية التي توقفت منذ بداية جائحة كورونا العام الماضي.
ويأتي هذا القرار بعد التماس قدّمه مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"، إلى جانب جمعيات "الضمير"، "الميزان"، "أطبّاء لحقوق الإنسان"، "جمعية حقوق المواطن"، "اللجنة العامّة لمناهضة التعذيب في إسرائيل"، "عدالة"، و"أهالي ضد اعتقال الأطفال".
بالنسبة إلى سهل نفاع، والد الأسير عزمي، من مدينة جنين شماليّ الضفة الغربية، فإن الاتصال الذي جرى يوم أمس الاثنين، ولأول مرة منذ جائحة كورونا، وكان لمدة 4 دقائق لم يكن مريحاً، فهو قصير من ناحية، وينتهك الخصوصية ومراقب، حيث كنت أسمع صوت صدى في المكالمة، وكان سجانون من إدارة مصلحة سجون الاحتلال يقفون بجانب ولدي عزمي، وحين انتهاء الوقت سمعت صوت رنين كذلك، للإشارة إلى الانتهاء الوقت.
القرار جاء بعد نحو عام على فرض قيود كورونا، وإيقاف الزيارات، وانقطاع الأسير عن العالم الخارجي
ولم تزر عائلة الأسير عزمي، وفق والده، ابنها طوال فترة جائحة كورونا سوى مرتين، بسبب توقف الزيارات، وجاء قرار المحكمة الذي وصفه بالمجحف، بالسماح لكل أسير بمكالمة هاتفية واحدة فقط خلال شهر رمضان، حيث إن المكالمة الواحدة لا تكفي، والأصل أن يتصل بعائلته كلما أراد أسوة بالأسرى والمعتقلين في كل دول العالم، وهو حق ضمنته المواثيق الدولية.
القرار الذي اتخذ في السابع من الشهر الجاري، بالسماح للأسرى بإجراء مكالمة هاتفيّة واحدة مع عائلاتهم في رمضان، جاء بعد نحو عام على فرض قيود كورونا، وإيقاف الزيارات، وانقطاع الأسير عن العالم الخارجي، واستكمالاً للسماح لبعض الأسرى، بينهم القاصرون والأسيرات، بإجراء مكالمة هاتفية خلال شهر رمضان من العام الماضي.
وتوضح محامية مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"، نادية دقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا العام قُدِّم التماس من قبل مؤسسات حقوقية لمحكمة العدل العليا للاحتلال بالسماح بالاتصال الهاتفي للأسرى المحرومين الزيارات، وبعد مماطلة من إدارة السجون جاء القرار من محكمة العدل العليا، قبل نحو أسبوعين، على أن تعيد مصلحة سجون الاحتلال النظر بإيجاد حل للأسرى بالتواصل مع عائلاتهم بعد شهر رمضان".
وأشارت دقة إلى أن السماح للأسرى جميعاً هذا العام بإجراء مكالمة واحدة فقط خلال شهر رمضان استثنت منه المحكمة 90 أسيراً من قطاع غزة، وهم من أسرى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، في محاولات لضغط الاحتلال على التفاوض على جنوده الأسرى في قطاع غزة.
وأكدت المحامية دقة، أن هذا الالتماس يأتي ضمن جهود قانونية منذ عامين، بطلب من المحاكم الإسرائيلية بالسماح للأسرى بالاتصال مع عائلاتهم هاتفياً، ويأتي هذا الجهد القانوني أيضاً تزامناً مع مطالب الأسرى بالسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم.
وكان مطلب تركيب هاتف عمومي في أقسام السجون، أحد مطالب الحركة الأسيرة في إضراباتها، وخاصة في الإضراب الذي خاضه الأسرى في عام 2017 بقيادة الأسير مروان البرغوثي، وكذلك إضراب الأسرى قبل عامين الذي انتهى حينها على أن يُركَّب الهاتف العمومي في بعض الأقسام فقط كتجربة، ومنذ ذلك الحين وإدارة مصلحة السجون تماطل في تنفيذ الاتفاق مع الأسرى بهذا الشأن.
من جانبها، قالت مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، سحر فرنسيس لـ"العربي الجديد": "إن السماح للأسرى بإجراء مكالمة هاتفية واحدة في شهر رمضان يأتي في وقت كانت ترفض فيه محاكم الاحتلال على مدى السنوات الماضية التواصل الهاتفي للأسرى مع عائلاتهم".
وتابعت فرنسيس: "العام الماضي، في ظل الإجراءات التي اتخذتها دولة الاحتلال بسبب فيروس كورونا، حيث أُوقِفَت زيارات الأهالي، وتواصل حالياً منع الزيارات بحجة أن أهالي الضفة الغربية غير مطعَّمين، وقبل أسبوعين، اتخذت محكمة العدل العليا للاحتلال قراراً بقبول مقترح من إدارة مصلحة السجون بإجراء مكالمة هاتفية واحدة في شهر رمضان كحل لتواصل الأسير مع عائلته بسبب توقف الزيارات، وفق شروط بأن تُسلَّم أرقام الهواتف التي سيجري الاتصال بها مسبقاً لفحصها، وأن تكون مدة الاتصال 5 دقائق".
وأشارت فرنسيس إلى أن جزءاً كبيراً من الأسرى كان يرفض هذه البدائل، وكذلك فإن السماح بإجراء هذه المكالمة لا يعني السماح للأسرى بالتواصل مع عائلاتهم هاتفياً بشكل دائم، حيث اتخذت محكمة العدل العليا هذا القرار لأنها لا تريد اتخاذ قرار مباشر، وقبلت بمقترح الاتصال لمرة واحدة، مشددة على أن الاتصال الهاتفي حق للأسرى، ومعمول به في كل دول العالم.