يحرك الغضب آلاف المعلمين الفلسطينيين نحو استمرار إضراب جزئي أنهاه الاتحاد العام للمعلمين في 14 إبريل/نيسان الجاري، باتفاق مع وزارة التربية والتعليم والحكومة الفلسطينية، فيما اعتبر المستمرون في الإضراب أنه لم يحقق المطالب.
وكان الاتحاد والوزارة يعوّلان على توقف الاحتجاجات باتفاق أعلن في 21 إبريل، يرفع نسبة طبيعة العمل في الراتب إلى 15 في المائة تطبق 10 في المائة منها في 2023، والبقية في 2024، لكن الاتفاق لم ينه الإضراب، وأعلن معلمون بشكل منفصل إضراباً بعد الحصة الثالثة في عدة مناطق، ومنذ الحصة الأولى في مناطق أخرى.
وازداد الغضب الأسبوع الماضي، مع لجوء مديريات التربية والتعليم في عدة مناطق فلسطينية إلى إجراءات مضادة للإضراب الذي لا يقوده اتحاد المعلمين، إذ تسلَّم معلمون كتباً بحسم يوم عمل من رواتبهم بسبب إضرابهم.
تسلَّم المعلم الفلسطيني أحمد نعيرات، الأسبوع الماضي، كتاباً رسمياً من مديرية التربية والتعليم في قباطية، بحسم يوم عمل من مرتبه "لامتناعه عن العمل"، وقال لـ"العربي الجديد": "قررنا الإضراب بعد الحصة الدراسية الثالثة مع التزام الدوام، لكن عندما تسلمنا كتب الحسم من الراتب، قرر المعلمون الإضراب بعد الحصة الأولى".
وأكد المحامي غاندي الربعي لـ"العربي الجديد"، أن حسم يوم العمل بالطريقة التي حصلت غير قانوني، لأنها صادرة عن مديري التربية والتعليم، في حين أن المحكمة هي التي تقرر إن كان إضراب الموظف خارج إطار اتحاد المعلمين مخالفاً للقانون، مضيفاً أنه بدأ مع محامين آخرين إجراءات لإقامة دعاوى في المحاكم لإلغاء قرارات الحسم.
وقال المعلم يوسف أبو عودة لـ"العربي الجديد"، إن "سبب استمرار الإضراب هو الاتفاق الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم مع اتحاد المعلمين، فهو اتفاق ضعيف يعطي المعلمين زيادة 15 في المائة على الراتب مقسمة على عامين، وفي ذلك رسالة للمعلمين بأنهم أخذوا حقوقهم، وليس لهم أن يطالبوا بشيء خلال العامين المقبلين. الاتحاد تجاهل مطالب المعلمين. بينما نقابة التمريض رفضت عرضاً مشابهاً، واستمر إضرابها حتى حصلت على 30 في المائة".
يضيف أبو عودة أنه "لا قيادة للإضراب، والمعلمون يتناقشون وينسقون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هناك مجموعة مطالب مشتركة تشمل رفع طبيعة العمل إلى 100 في المائة، وأن يكون التطبيق في وقت قريب، إضافة إلى رفع علاوة الزوجة والأبناء لتتساوى مع موظفي قطاعات عمومية أخرى، وصرف غلاء المعيشة المتراكم منذ عام 2013".
ويوضح المعلم منجد أبو حمدي لـ"العربي الجديد"، أن اتحاد المعلمين خذلهم، فقد أوقف اتحاد المعلمين تعليق الدوام الجزئي والإجراءات التصعيدية في 14 إبريل/نيسان الجاري، وقال في بيانه إن القرار جاء "في ظل الظرف الوطني الصعب، وإجرام الاحتلال المستعر ليلاً ونهاراً، والاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات، وللمسجد الأقصى"، وذلك لإعطاء الفرصة للجنة المشكلة من وزارة التربية والتعليم ومكتب رئيس الوزراء واتحاد المعلمين لتعديل طبيعة العمل للمعلمين، لتتواءم مع القطاعات الأخرى.
بدوره، يؤكد عضو الأمانة العامة لاتحاد المعلمين، عنان دعنا، لـ"العربي الجديد"، أن الإضراب الحالي خارج نطاق الاتحاد، لكن للمعلمين مبرراتهم، وأهمها تزامن الاتفاق الأخير مع اتفاق لنقابة التمريض مع الحكومة برفع طبيعة العمل بنسبة 30 في المائة تطبق خلال عام واحد.
ويتابع دعنا: "سعينا لتحصيل اتفاق، وحققنا ذلك. كانت مطالب المعلمين في البداية انتظام الراتب، وعندما لم ينتظم قدمنا عدة مطالب أهمها رفع طبيعة العمل، وحققنا 80 في المائة من المطالب، لكن شعر المعلمون بأن هناك تمييزاً من الحكومة بعد اتفاق الممرضين، وعلى الحكومة أن تنصف المعلم، وأن تأخذ مطالبه بالاعتبار".
ويرى منتقدون للاتحاد أن طريقة الانتخاب فيه غير مباشرة، إذ يجري انتخاب اللجان الفرعية من المعلمين، ولا يُنتخَب رأس الاتحاد مباشرةً، فضلاً عن اتهامات بتبعية سياسية للاتحاد، فهو إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
ويطالب معلمون بإنشاء نقابة، ويقول المعلم نعيرات، إن "قيادة الاتحاد الحالية لا تمثل المعلمين، فهي ليست منتخبة، والانتخابات التي يجري الحديث عنها أمر إعلامي ديكوري وغير حقيقي".
في المقابل، يقول عضو الأمانة العامة لاتحاد المعلمين، عنان دعنا، إن الاتحاد أجرى انتخابات فردية في عام 2018، وأفرزت قيادة تمثل كل مشارب المعلمين، معتبراً أن إنشاء نقابة حق، لكن على المعلمين الذهاب إلى جهات الاختصاص لتشكيلها، والنقابة لا تتعارض مع الاتحاد لأنه من أذرع منظمة التحرير.
ويوضح أمين سر اتحاد المعلمين في الخليل، إسماعيل الشوبكي، لـ"العربي الجديد": "هناك جهة ممثلة لقطاع المعلمين، وقانونياً من الصعب تشكيل نقابة، وهذا حديث قديم جرى الخوض به كثيراً، والأصل أن يفكروا بشكل جدي في الدخول تحت مظلة الاتحاد، والتغيير من داخله".