استمع إلى الملخص
- توفر المعاصر الحديثة كفاءة أعلى في الإنتاج، حيث تنتج زيتاً صافياً بكميات أكبر، مما يجعلها خياراً مفضلاً لدى العديد من العائلات ومالكي حقول الزيتون.
- تلعب صناعة زيت الزيتون دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، حيث يعمل في هذا القطاع أكثر من مليون شخص، مما يعكس أهميته في التشغيل والصادرات الفلاحية.
تحتفظ المعاصر التقليدية لزيت الزيتون بحضور لافت في بلدات وقرى الجزائر رغم توسّع تلك الحديثة المزودة بتكنولوجيا متطورة. وفيما يشهد موسم جني أشجار الزيتون إقبالاً كبيراً، خاصة في المناطق الجبلية المعروفة مثل منطقة القبائل وجيجل وبجاية وتيبازة وميلة وغيرها، يُفضل قطاع واسع من المزارعين والعائلات المعاصر التقليدية التي تستعمل أدوات ووسائل قديمة في عملية طحن وعصر حبات الزيتون.
في قرية بومقر بولاية باتنة شرق الجزائر لا يزال هناك معصرة زيتون تقليدية تدور فيها عصا الرحى التي يحركها حصان في وقت يقلب عامل الزيتون كي يضمن طحنه جيداً.
وفي بلدة مراد بولاية تيبازة (غرب) لا تزال معصرة تقليدية يملكها بو زيد تعمل بطريق قديمة، وتنتج زيت زيتون بنوعية جيدة. وهي تستقبل في موسم الزيتون الحالي المزارعين وأفراد العائلات الذين يريدون عصر الزيتون، كما يشتري أصحاب المعصرة الزيتون لعصره وبيعه زيتاً.
يقول بو زيد لـ"العربي الجديد": "يعود تاريخ هذه المعصرة إلى أكثر من 100 عام، ولا تزال تحتفظ بكل أدوات عملها القديمة والتي نرممها باستمرار لضمان ديمومتها وعملها".
ويعتقد مستخدمو المعاصر التقليدية أن عوامل كثيرة تساهم في الحصول على نوعية جيدة من الزيت أهمها عدم التحكم في عملية العصر والتخزين التي تنقص قيمة ونوعية الزيت، إذ كانت العائلات الجزائرية قبل عقود تخزّن الزيت وأيضاً الزيتون في الفخار، ما يساعد في الحفاظ على المذاق الطبيعي للزيتون، بينما يستخدم كثير من المزارعين حالياً أكياس بلاستيك لجمع الزيتون وتخزينه لمدة قد تزيد عن شهر ما يؤثر سلباً على نوعية المردود. ويسمح عدم العصر الجيد بهدر نحو 20% من إنتاج، ويفقده نسبة من قيمته الغذائية".
ويقول الشاب رياض لشغب الذي يدير معصرة تقليدية في منطقة جيجل (شرق) وتملك عائلته حقول زيتون لـ"العربي الجديد": "هناك فرق شاسع بين مخرجات زيت الزيتون من المعصرة التقليدية وتلك من المعصرة العصرية. يفضل كثيرون من أصحاب الحقول المعصرة التقليدية رغم أنها بطيئة وقد ينقص مردودها بضياع ليتر أو اثنين في كل قنطار".
يضيف: "من يريد الجودة والمذاق الأصلي للزيت لا بديل له من الأصل، وهي المعصرة التقليدية. هناك اختلاف كبير في نوعية الزيت المستخرج من معصرة تقليدية رغم أنه يعاب عليها طحن الزيتون من دون فصل أوراقه، لكن عند استخدامها يستعمل ماء دافئ لا تتجاوز حرارته 30 درجة للحفاظ على جودة الزيت ومنع احتراق حبات زيتون".
وفي منطقة سطارة أعالي ولاية جيجل شرق الجزائر، هناك معصرة زيت تقليدية لا تزال تقدم خدماتها للمزارعين والعائلات. ويقول عبد السلام بوزردوم الذي يُقيم في منطقة قريبة لـ"العربي الجديد": "يجعل عامل مهم المعاصر التقليدية تستمر في العمل، وهو استقبال العائلات والمزارعين الذين لديهم كميات قليلة من الزيتون، وهو ما يرفضه أصحاب المعاصر الحديثة".
ومع التوسع الكبيرة في زراعة الزيتون في الجزائر، والذي اعتبر نتيجة طبيعية لعودة آلاف المزارعين والعائلات إلى الريف بعد انتهاء الأزمة الأمنية في البلاد واستقرار الأوضاع بالكامل، وإطلاق السلطات خططاً وبرامج لتنمية الزراعات الجبلية وأشجار الزيتون تحديداً، أُنشئت معاصر حديثة تعتمد على تكنولوجيا متطورة في عصر الزيتون وإنتاج الزيت، ما سمح بتوفير الجهد وكسب الوقت في الإنتاج، والحفاظ على مذاق جيد للزيت.
ويقول محمد براح، وهو صاحب معصرة زيتون حديثة لـ"العربي الجديد": "يفضل كثير من العائلات ومالكي حقول الزيتون المعاصر الحديثة لأنها تغسل الزيتون وتفصل الأوراق بطريقة نظيفة وصحية تمنح زيتاً صافياً ونقياً، وتوفر السرعة في طحن الزيتون واستخلاص الزيت. كما تعطي المعاصر الحديثة كميات زيت أكبر بليترين إلى ثلاثة ليترات في القنطار الواحد مما تعطيه المطحنة التقليدية التي تهدر كميات من الزيت خلال عملية الطحن ".
وتلعب المعاصر دوراً كبيراً في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، لأنها عمل يشترك فيه أفراد الأسر من رجال ونساء وأطفال. ويمثل الزيتون 15% من المنتجات الفلاحية في الجزائر، في حين يشكل الزيت نسبة 50 في المائة من الإنتاج الفلاحي في المناطق الجبلية و5.5% من الصادرات الفلاحية العامة للبلاد. ويعمل في قطاع زراعة الزيتون وصناعة الزيت أكثر من مليون شخص، ما يعادل نسبة 20% من التشغيل في القطاع الفلاحي.