بدأت الأجهزة التنفيذية في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الأربعاء، عمليات تجريف واسعة للحديقة الدولية في حي مدينة نصر، تمهيداً لتحويل الحديقة المطلة على شارع عباس العقاد إلى تجمعات للمطاعم والكافيهات، المؤجرة لصالح "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" التابع للجيش، للاستفادة من عوائدها بمنأى عن الموازنة العامة للدولة، على غرار ما حدث مع حديقة الطفل القريبة منها.
وتوسعت الحكومة المصرية في عمليات تجريف وإزالة الحدائق العامة، والمساحات الخضراء، لا سيما في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، بدعوى استغلال الأراضي المقامة عليها في تنفيذ أنشطة استثمارية، على الرغم من قرب استضافة البلاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP 27)، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بمنتجع شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء.
ووفق مصدر مطلع، ألغت محافظة القاهرة طرح حقّ استغلال الحديقة الدولية لمدة 10 سنوات، في 24 يونيو/ حزيران الماضي، بحجة عدم تقدم أي جهة أو شركة للمزاد الخاص بالحديقة، التي تبلغ مساحتها الإجمالية 50 فداناً تقريباً، إثر صدور تعليمات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بمنحها للجيش لاستغلالها في إقامة أنشطة تجارية.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن إقامة المطاعم والكافيهات الجديدة سيكون على أطراف الحديقة الدولية، حتى تتمتع بإطلالة مباشرة على شارعي عباس العقاد ومحمود إبراهيم بحي مدينة نصر، مستطرداً بأن منح حق استغلال الحديقة للجهاز التابع للجيش بـ"الأمر المباشر"، تكرر مؤخراً مع حديقة الغولف في حي مصر الجديدة، وحديقة الفنون المطلة على النيل في منطقة المنيل بحي مصر القديمة.
ويعود تاريخ إنشاء الحديقة إلى عام 1987، وسُميت بـ"الدولية" لأنها تمثل مركزاً لالتقاء الثقافات التي تتميز بها كل دولة ساهمت في تكاليف بنائها، حيث يتواجد بها أقسام لدول الصين واليابان وكوريا الجنوبية والكويت والسعودية والبحرين والإمارات والمغرب. وتشغل المساحات الخضراء نحو 65% من مساحة الحديقة، التي تضم أيضاً مسرحاً للعروض الفنية، ومتحفاً صغيراً للحيوانات المُحنطة، ومنطقة لألعاب الأطفال.
يذكر أن الجيش استولى كذلك على حديقة الميريلاند الأشهر في حي مصر الجديدة، وبدأ في تحويلها تدريجياً إلى تجمعات للمطاعم والكافيهات، والتي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1949 في عهد الملك فاروق تحت اسم نادي سباق الخيل، وكانت تضم الكثير من الأشجار المعمرة، وبحيرة مخصصة للمراكب الصغيرة، ومشتل لتشجير الحديقة، إلى جانب برجولات ومشايات وشلالات.
ولا تتوقف عمليات قطع الأشجار وإزالة المساحات الخضراء في مناطق القاهرة تحديداً، من أجل إنشاء محطات وقود وأكشاك للوجبات السريعة ومقاه تحت مزاعم التطوير، لتفقد العاصمة المصرية طابعها المميز مع مرور الوقت. في حين تتحجج السلطات بأن الأشجار تستهلك كميات كبيرة من المياه، بينما دخلت مصر مرحلة الشح المائي، ومن الأولى استغلال هذه المساحات في تنفيذ مشروعات استثمارية تدر دخلاً.