مصر: معاقبة ضحايا التعذيب في مقار شرطية بالسجن المؤبد تثير غضباً

24 نوفمبر 2022
مطالبة بإعادة المحاكمة في القضية والتحقيق مع المتهمين كضحايا (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

دانت سبع منظمات حقوقية مصرية، الخميس، ما وصفته بـ"الأحكام القاسية" الصادرة عن الدائرة الثالثة جنايات إرهاب، بالسجن المؤبد بحق 9 أشخاص، والسجن 15 سنة بحق 13 متهماً آخرين، وذلك في القضية رقم 95 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا والمقيدة برقم 8846 جنايات أول السلام والمعروفة إعلاميا بقضية (قسم السلام). كما أمرت المحكمة بإدراج جميع المتهمين في قوائم الإرهابيين ووضعهم تحت المراقبة الشرطية خمس سنوات. 

وكانت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية قد نشرت في يناير/كانون الثاني تقريرا عن مقطعَي فيديو مسربين يظهران محتجزين في قسم شرطة القاهرة مصابين بجروح يبدو أنها نتيجة التعذيب، وتقاعست السلطات المصرية عن إجراء تحقيق ذي مصداقية في الانتهاكات. بدل ذلك، أحال المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا خالد ضياء معظم المحتجزين الذين ظهروا في الفيديوهات إلى محاكمة جماعية.

وطالبت المنظمات بإعادة المحاكمة في هذه القضية أمام دائرة مستقلة، وسماع أقوال المتهمين في القضية كمجني عليهم والتحقيق مع الجناة الحقيقيين وعدم إفلاتهم من العقاب.

تعود وقائع القضية لـ24 يناير/كانون الثاني 2022، بعدما نشرت "ذا غارديان" تقريراً يستند إلى مقاطع فيديو لسجناء جنائيين في قسم شرطة السلام أول (شرق القاهرة) يفيدون فيها بتعرضهم للتعذيب على يد ضباط تابعين لقسم الشرطة. وأظهرت هذه المقاطع محتجزين معلقين من أذرعهم، وآثار كدمات متفرقة على أجساد آخرين، وقال المحتجزون إن ضباطا وأفرادا من القسم اعتدوا عليهم وأحدثوا بهم تلك الإصابات.

في أعقاب نشر التقرير، أصدرت وزارة الداخلية بياناً ينفي صحة الفيديوهات، فيما أصدرت النيابة بيانا انحاز بشكل صارخ لرواية وزارة الداخلية، وأكد عدم صحة تعرض هؤلاء المحتجزين للتعذيب، وأن المحتجزين هم الذين أحدثوا تلك الإصابات لأنفسهم. وطلبت النيابة من الشرطة –محل الاتهام في الواقعة– إعداد تحرياتها في الواقعة. وبدلا من التحقيق مع المحتجزين باعتبارهم مجنيا عليهم، وجهت إليهم نيابة أمن الدولة العليا اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها، وإذاعة أخبار كاذبة، وحيازة وإحراز وسيلتي تسجيل وإذاعة –هاتفين محمولين– لتسجيل وإذاعة الخبر الكاذب.

وفي 28 مايو/أيار، عُقدت الجلسة الأولى للمحاكمة أمام محكمة الإرهاب. من بين المتهمين 18 رجلا وفتى (17 عاما)، يُزعم أنهم تعرضوا للتعذيب من قبل عناصر في قسم شرطة السلام أول، إذ سُجل الفيديو في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بحسب الصحيفة البريطانية.

شهدت هذه القضية إخلالاً بضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين؛ إذ تنوعت الانتهاكات بحق المتهمين بين الاختفاء القسري، والتعذيب البدني، والتهديد

وأكدت المنظمات أنه "شهدت هذه القضية إخلالا بضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين؛ إذ تنوعت الانتهاكات بحق المتهمين بين الاختفاء القسري، والتعذيب البدني، والتهديد، وعدم تمكين المتهمين من التواصل مع محام، إلى جانب مماطلة مصلحة الطب الشرعي في فحص آثار التعذيب ومطابقة إفادتها لتحريات الشرطة. كما تضمنت الانتهاكات أيضا إيداع طفل داخل حجز مع بالغين، بالمخالفة لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008".

وأثناء المحاكمة حضر عدد من المتهمين في البداية، بدون حضور محامين معهم. فيما رفضت المحكمة بعض طلبات الدفاع، خاصة المتعلقة بسماع شهادة مأمور القسم ورئيس المباحث المتهمين بالاعتداء على المحتجزين.

وبحسب أمر الإحالة من المحكمة، واجه المتهمون تهما بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"تمويل تلك الجماعة" و"نشر أخبار كاذبة". تستند جميع التهم إلى مزاعم "قطاع الأمن الوطني" بأن الفيديوهات كانت جزءا من مؤامرة "الإخوان المسلمين" لمهاجمة الشرطة والمصالح العامة.

كما اتُهم ثلاثة رجال وامرأة بـ"تواطؤهم" لتوفير الهاتف المستخدم لتسجيل مقاطع فيديو للرجال المعتدى عليهم، الذين يعرفونهم، ثم نشر الفيديوهات على "يوتيوب".

وذكرت المنظمات أن هذه القضية ليست الأولى التي تنحاز فيها السلطة القضائية، وعلى رأسها النيابة العامة، لرواية الجناة، من خلال بيانات تطمس فيها الحقائق، وتعزز إفلات الجناة من العقاب. ودللت بذلك على تورط النيابة العامة ووزارة الداخلية في طمس حقيقة وملابسات اختفاء وتعذيب الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، حتى وفاته في مايو/أيار الماضي وإغلاق القضية بالكامل دون إجراء تحقيق فيها.

المنظمات الموقعة على البيان المشترك هي: الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، مركز النديم، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مبادرة الحرية، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

 

المساهمون