مصر: مطالبة بإقرار "المسؤولية الطبية"

07 يونيو 2021
من حقّه إقرار قانون يحميه (أحمد حسن/ فرانس برس)
+ الخط -

 

طالبت النقابة العامة لأطباء مصر مجدداً، بسرعة إقرار قانون المسؤولية الطبية، في أعقاب الحكم الصادر في حق 16 طبيباً مصرياً في محافظة قنا جنوبي البلاد والقاضي بالسجن عامَين مع غرامة بقيمة 100 ألف جنيه مصري (نحو 6400 دولار أميركي) لكلّ منهم، وذلك بتهمة الإهمال الطبي الذي نتج عنه فقدان بصر طفلة. وكانت محكمة جنح قنا قد أصدرت حكمها في القضية التي تحمل رقم 2005 لعام 2021 جنح قنا، علماً أنّها تعود إلى يوليو/ تموز من عام 2018، عندما أُبقيت الطفلة تسبيح في حاضنة أحد المستشفيات الخاصة في المحافظة بعد ولادتها مباشرة ولمدّة أسبوعين. ونظراً إلى التكلفة الباهظة للحاضنة التي تفوق قدرة والدة تسبيح، فإنّها قرّرت نقلها إلى مستشفى قنا العام حيث بقيت لمدّة 40 يوماً. ثمّ اتّخذ الأطباء قراراً بإخراجها من المستشفى من دون أن يطلبوا من الوالدة عرضها على طبيب عيون لفحص الشبكية.

وفي اليوم نفسه الذي صدر فيه الحكم، طعنت النقابة العامة لأطباء مصر بالحكم، وكلّف أمين عامها أسامة عبد الحي، المستشار القانوني للنقابة بالانضمام إلى هيئة للدفاع عن الأطباء. وناشدت النقابة البرلمان المصري بإقرار قانون عادل بسرعة، من شأنه محاسبة الأطباء في حالات الأخطاء الطبية التي من الوارد حدوثها والمضاعفات المحتملة المذكورة عالمياً، الأمر الذي يحفظ حقوق الأطباء وحقوق المرضى على نحو سواء. فتُشكَّل لجنة فنية تحدّد مدى المسؤولية الطبية التي يتحملها الطبيب في ما يخصّ المضاعفات التي طاولت المريض، وما إذا كانت تلك المضاعفات وارد حدوثها أم أتت نتيجة إهمال، على أن تكون العقوبات وفقاً للقانون المدني وليس الجنائي في حالة الخطأ غير المتعمّد.

وكانت النقابة قد تقدّمت سابقاً أمام البرلمان المصري بمشروع قانون خاص بالمسؤولية الطبية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وهو القانون الذي يمنع حبس الأطباء في القضايا المهنية التي لا تتضمن إهمالاً طبياً متعمّداً. ورأت أنّ إقرار القانون يُعَدّ خطوة مهمة لمنع هجرة الأطباء وتشجيعهم على الإقبال على تخصصات تحمل مخاطر في ممارستها.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعليقاً على الحكم، قال الأمين العام للنقابة العامة لأطباء مصر أسامة عبد الحي في تصريحات صحافية، إنّ "طفلة قنا التي فقدت بصرها، كانت مع توأمها الذكر وقد وُلدا قبل موعد ولادتهما الطبيعية. وكان وزنهما 900 غرام فقط في حين أنّ الوزن الطبيعي للمولود الجديد يتراوح بين ثلاثة كيلوغرامات وثلاثة كيلوغرامات ونصف الكيلوغرام. ثمّ أُدخلا الحاضنة ووُضعا على جهازَي أوكسجين. ومن المعروف علمياً أنّ ثمّة مضاعفات تحدث في شبكيّة العين حين يوضع الطفل على الأوكسجين لفترة طويلة". وأكّد عبد الحي في التصريحات نفسها التي نشرتها النقابة أنّهم كانوا مخيّرَين بين أمرَين، إمّا أن يتركوا الطفلة للموت بعدم إعطائها الأوكسجين الكافي لتشبّع الجسد، وإمّا إنقاذها في ظل احتمال حدوث مضاعفات له، مشيراً إلى أنّ الأطباء يشعرون بحزن شديد في حال وقوع مضاعفات وهي أمور طبية خارجة عن إرادتهم. وتابع عبد الحي أنّه "ليس هناك دولة في العالم تحبس الأطباء في حال وقوع مضاعفات طبية سواء أكانت طبيعية أو نتيجة خطأ طبي غير متعمّد، بل يتمّ فرض غرامات مادية فقط".

الصورة
أفراد من الجسم الطبي في مصر (أحمد حسن/ فرانس برس)
(أحمد حسن/ فرانس برس)

وينصّ مشروع القانون الخاص بالمسؤولية الطبية الذي أعدّته النقابة العامة لأطباء مصر، على أنّه "يُقصد بمقدّم الخدمة الطبية كلّ من رُخّص له بمزاولة مهنة مرتبطة بالوقاية الطبية والتشخيص والعلاج والتأهيل، كلّ في حدود ما رُخّص له". يضيف أنّه "يُقصد بالمسؤولية الطبية تلك الالتزامات المدنية التي تترتب على عاتق مقدّم الخدمة الطبية نتيجة الضرر الناشئ عن إجراء طبي ينطبق عليه نصّ المادتَين 3 و4 من هذا القانون. أمّا مسؤولية مقدّم الخدمة الطبية فالمقصود منها ما يترتب عليه من مسؤولية جنائية أو مدنية أو تأديبية نتيجة أخطائه التي لا ينطبق عليها نصّ المادتَين 3 و4 من هذا القانون، وفي هذه الحالة يخضع مقدّم الخدمة الطبية لأحكام قانون العقوبات وأيّ قوانين أخرى متعلقة بموضوع الخطأ المُرتكب".

ووفقاً للمادة 3 من مشروع قانون النقابة، "تقع المسؤولية الطبية على مقدّم الخدمة الطبية إذا قام بإجراء توفّرت فيه الشروط التالية: وجود المعايير المهنية والطبية المتّفق عليها التي كان من المفترض تطبيقها وقت هذا الإجراء وفقاً لظروف العمل، ويعتبر كلّ ما جاء بلوائح آداب المهنة بالنقابات التابع لها مقدّمو الخدمة الطبية جزءاً أصيلاً من هذه المعايير، وتجاوُز مقدّم الخدمة الطبية لتلك المعايير عن جهل بها وليس عن إهمال منه، ووقوع ضرر على متلقّي الخدمة الطبية يتسبّب له بالمعاناة، وثبوت علاقة سببية بين التجاوز للمعايير والضرر الواقع على متلقي الخدمة".

صحة
التحديثات الحية

أمّا المادة 4 من مشروع القانون فتنصّ على أنّه "تقع المسؤولية الطبية فقط على مقدّم الخدمة الطبية الذي قام بالإجراء الطبي الذي توفّرت فيه الشروط الواردة بالمادة 3 من هذا القانون، والمرخّص له بالقيام بهذا الإجراء كلّ في حدود رخصته وقام بهذا الإجراء في مكان رُخّص له بمثل تلك الإجراءات. وفي حالة الإخلال بأيّ من الشروط السابقة لا يخضع مقدّم الخدمة الطبية لأحكام هذا القانون ويخضع لأحكام قانون العقوبات وأيّ قوانين أخرى متعلقة بموضوع الخطأ المرتكب".

دلالات
المساهمون