فقد أب وابنه حياتهما بعد إصابتهما بجروح خطرة على أثر انفجار قنبلة يدوية في منزلهما الكائن في مدينة شهبا في ريف السويداء الشمالي، جنوبي سورية، وذلك وسط انتشار السلاح بطريقة عشوائية بين أهالي المنطقة. فبعد تعرّضهما للإصابة، نُقل وليم مرسل علبة وابنه يعرب، أمس الثلاثاء، إلى مشفى شهبا حيث فارقا الحياة.
وأفادت مصادر محلية مطلعة في مدينة شهبا، "العربي الجديد" ،بأنّ "الوالد واسمه مرسل يبلغ من العمر 41 عاماً وابنه 17 عاماً، والأخير أنهى منذ مدّة الصف الثالث الثانوي بنجاح"، لافتة إلى أنّ ثمّة ثلاثة أبناء آخرين للعائلة، "جميعهم من المتفوقين دراسياً ومن أصحاب السمعة الحسنة".
أضافت المصادر نفسها أنّ "العائلة تعاني من جرّاء تردّي الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير، حتى أنّ زوجته غادرت المنزل أخيراً بسبب الوضع المعيشي السيّئ، مطالبة زوجها بإيجاد طريقة لتحسين أوضاعهم المادية"، موضحة أنّ "مرسل يعمل حارساً في مزرعة للأبقار، والقنبلة التي انفجرت في منزله، سبق أن حصل عليها من صاحب المزرعة ليستخدمها في الدفاع عن المزرعة في حال تعرّضت لهجوم من قبل لصوص".
ولم يُكشف عن سبب انفجار القنبلة، حتى ساعة إعداد هذا التقرير، إلا أنّه "من المرجّح أن تكون قد انفجرت عن طريق الخطأ، نتيجة عدم الخبرة في التعامل مع السلاح"، بحسب المصادر المحلية المطلعة نفسها. ومن جهتها، نقلت مصادر إعلامية محلية عن جيران عائلة مرسل، أنّهم "سمعوا صوت صراخ تبعه دويّ انفجار قوي، وعندما توجّهوا إلى منزل العائلة وجدوا الأب وابنه مضرجَين بالدماء".
وتتكرر حوادث الموت بالأسلحة في السويداء، عن طريق الخطأ أو عن طريق القتل العمد، ويقع ضحيتها في معظم الأحيان شبان في مقتبل العمر. بالنسبة إلى أبو مأمون عطار وهو موظف في السويداء، فإنّ الأمر يعود إلى "انتشار السلاح وسهولة الحصول عليه". يضيف، لـ"العربي الجديد" أنّ "في وسط مدينة السويداء اليوم، محال تجارية معروفة تبيع مختلف أنواع الأسلحة والذخائر بشكل علني. وفي إمكان المرء أن يحصل على أيّ نوع من أنواع الأسلحة من دون حسيب ولا رقيب".
ويشرح أبو مأمون أنّ "أهالي السويداء توجهوا إلى حمل السلاح لأنّهم شعروا بالتهديد من تنظيم داعش على الحدود الشرقية ومن الفصائل المتشددة على الحدود الغربية وكذلك من النظام وأجهزته الأمنية. ولو لم يكن لدى أهالي السويداء سلاح في عام 2018، لكان مقاتلو داعش سيطروا على المحافظة، ولكان الفيلق الثامن سيطر على السويداء في العام الماضي. لكنّ المشكلة هي في توفّر السلاح بيد اليافعين وعديمي الخبرة باستخدامه".
من جهته، يقول ناشط سياسي في السويداء، فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إنّه "من الممكن أن نجد السلاح في كل مكان اليوم. وقد سُجّلت حالات في مدارس، عُثر في خلالها على أسلحة من قبيل المسدسات والقنابل مع تلاميذ من المرحلتَين الأساسية والثانوية. كذلك يُمكن الحديث عن أسلحة بيضاء، من قبيل السكاكين والشفرات والعصي وغيرها، فيما يبقى السؤال: من المسؤول؟".
يضيف الناشط أنّ "المسؤولية الأولى تقع بالتأكيد على النظام الذي عطّل عمل الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون والقضاء، وأحاط المجتمع بكل أسباب الذعر ليشعر المجتمع بأنّه في خطر دائم يهدّد الوجود، علماً أنّ فقدان الأمان ينسحب على مختلف الشرائح والفئات العمرية. كذلك سهّل وصول السلاح إلى المحافظة، ليستخدم في تشكيل المجموعات المسلحة العائلية أو الدينية أو المناطقية، لكنّ الفوضى وعدم التنظيم أوصلانا إلى هنا، إذ يُستخدَم السلاح في الأفراح والأحزان، وفي محطات الوقود والأفران ووسط الازدحامات المرورية، ما يتسبّب دائماً في مزيد من الخسائر".
تجدر الإشارة إلى أنّ القوى المجتمعية في السويداء طالبت في مناسبات عدّة بتنظيم السلاح، إلا أنّ تلك النداءات باءت بالفشل، وسط اتهامات للنظام بأنّه يرعى هذه الفوضى كعقوبة جماعية لموقف أهالي السويداء الرافض للخدمة العسكرية في القوات النظامية.