مزارعو ديالى العراقية يهجرون البساتين بسبب الجفاف

25 مارس 2022
يواجه العراق نقصاً غير مسبوق في المياه ما تسبب في هجرة مزارعين (Getty)
+ الخط -

تشهد محافظة ديالى شرقي العراق منذ أكثر من عام موجة جفاف شديدة، جرّاء قطع إيران عدداً من روافد الأنهار وتحويل مجرى أخرى ومنعها من دخول الأراضي العراقية، وسط استمرار تلويح وزارة الموارد المائية العراقية بتدويل القضية.

الجفاف المتزايد في ديالى أدّى إلى هجرة للفلاحين والمزارعين من المناطق الريفية إلى مركز المدينة، وبيع المواشي في ظل استمرار شحّ المياه، وعدم توصل الحكومة العراقية إلى حلول بشأن أزمة المياه.

وقال سعد سليم، وهو عضو اتحاد الفلاحيين في ديالى لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسابيع الماضية شهدت أعلى نسب الهجرة من الريف إلى المدينة، بعد أن تحوّلت الأرياف إلى رمادية اللون بسبب الجفاف الذي أوقف الأنشطة الزراعية وتربية المواشي والحياة بشكلٍ شبه كامل في الأرياف".

الجفاف في ديالى يدفع لترك الريف

وأضاف سليم أن "تجارة الثروة الحيوانية في أرياف ديالى باتت مصدر قلقٍ لدى معظم المراقبين في المحافظة، وخصوصاً في بلدات بلدروز وكنعان والخالص وبعقوبة، وصولاً إلى المناطق المحاذية للعاصمة بغداد مثل القرى القريبة من بلدة خان بني سعد"، مؤكداً أن "الجفاف الحاد وشح المياه، هو السبب الرئيس الذي يدفع المزارعين إلى ترك الريف واللجوء إلى المدينة، وقد تسببت هذه المشكلة بتصحر البساتين، وتحولها إلى أراضٍ سكنية، مع العلم أن أكثر من 60 بالمائة من سكان ديالى يعتمدون على الزراعة".

ولا توجد أرقام رسمية بشأن عدد القرى التي تضررت بفعل الجفاف، لكن مسؤولين وناشطين يقدرونها بالعشرات، وترك كثير من سكانها منازلهم وارتحلوا إلى مدن أخرى بحثاً عن عمل غير الزراعة.

من جهته، أشار المزارع عمار التميمي، الذي يسكن قرية تتبع أطراف مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، إلى أن "الجفاف وصل إلى أعلى مراحله، خصوصاً مع تراجع معدلات الأمطار، ما تسبب بخسارة كبيرة للمزارعين الذين يعتمدون على المياه بشكلٍ أساسي"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "معظم المياه في الأنهر والروافد المارة بمحافظة ديالى نابعة من إيران، وقد أقدمت الجارة إيران على قطع المياه بشكل كامل، وتحولت مجاري الأنهار إلى ساحات للعب كرة القدم".

أما النائب السابق عن محافظة ديالى، فرات التميمي، فقد أكد أن "ديالى تعاني من شح المياه، وقد باتت مياه الشرب هي الأخرى مهددة بالخطر، وهناك احتمالات ببلوغ الأزمة مرحلة خطيرة"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة العراقية مطالبة بالنظر إلى أزمة المياه التي صارت تشبه الإرهاب الذي يهدد الحياة الاجتماعية، لا سيما مع الاستمرار المتزايد لنزوح الفلاحين من الأرياف إلى المدن".

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قد دعت الثلاثاء الماضي جيران العراق إلى بدء حوارات حول تقاسم المياه، في ظل أزمة مائية ضربت العراق منذ العام الماضي نتيجة تراجع الإيرادات المائية التي تأتي من إيران وتركيا.

وتفاقمت أخيراً حدة أزمة المياه في العراق نتيجة تراجع مستويات نهري دجلة والفرات، وشحّ الأمطار، ما تسبب بانخفاض مخزون المياه في البحيرات والسدود العراقية بأكثر من 70% من طاقتها الإجمالية.

وقالت بلاسخارت، في بيان، إنّ "أسرة الأمم المتحدة في العراق تعمل بالشراكة مع العراق على إدارة الموارد المائية وتقليل آثارها السلبية على البيئة"، مضيفة: "في كل مكانٍ على كوكبنا، الماء هو سرّ الحياة. وفي العراق، يكتسي توافر الموارد المائية وإدارتها بشكل سليم أهمية خاصة، لقد زرتُ الشهر الماضي أهوار بلاد ما بين النهرين في الجنوب، وشاهدت بنفسي التحديات العديدة التي يواجهها العراق".

ولفتت إلى أنّ "انخفاض هطول الأمطار، ونقص المياه، وتملّح التربة والمياه، والإدارة غير الفعالة للموارد، والنمو السكاني، كلّها عوامل أثّرت في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى تغيّر المناخ"، محذرة من أنّ التخفيض النشط لتدفقات المياه من البلدان المجاورة "يمثل تهديداً خطيراً آخر".

وفي وقت سابق، قال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ بلاده تواجه وضعاً مائياً "صعباً للغاية" بسبب سياسة إيران الأخيرة تجاه العراق، والمتضمنة قطع عدد من روافد الأنهار وتحويل مجرى أخرى، متحدثاً عن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق معها على العكس من الجانب التركي الذي شهد تقدماً في ملف المياه وتجاوباً من قبل أنقرة.

وعلى الرغم من حديث العراق عن تدويل قضية المياه مع إيران، إلا أن الجانب الإيراني لا يزال يرفض إطلاق حصص العراق المائية التي تأتي عن طريق روافد للمياه تصب أكثرها في محافظة ديالى التي تعد أكثر المحافظات العراقية تضرراً من الجفاف.

وتبلغ مساحة محافظة ديالى، وعاصمتها بلدة بعقوبة، نحو 17.617 كيلومتراً مربعاً، وتقع على الحدود الإيرانية، وتبعد نحو 57 كيلومتراً من العاصمة بغداد، ويقطنها نحو مليون ونصف المليون نسمة. وكانت غالبية أراضيها عبارة عن مزارع وبساتين قبل أن تقضي عليها الحرائق المفتعلة أو الجفاف، في وقت أنشأ البعض بيوتاً على الأراضي الزراعية.

المساهمون