مرضى السرطان في لبنان: رفع الدعم مجزرة بحقّ 30 ألف مريض

04 فبراير 2023
دعم لمرضى السرطان في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يتبدّل المشهد كثيراً في اليوم العالمي للسرطان، بل زاد بؤساً وسوءاً. فمرضى السرطان في لبنان الذين يعانون في ظل حرمانهم من العلاج والدواء، احتشدوا اليوم السبت بدعوة من جمعية "بربارة نصّار لدعم مرضى السرطان" أمام السراي الحكومي وسط العاصمة بيروت، متّشحين باللون الأسود، تضامناً مع ضحايا المرض الخبيث الذين فارقوا الحياة من جرّاء أزمة انقطاع الدواء.

وعلى وقع صرخة "بدنا نعيش ما بدنا نموت"، أطلق المعتصمون نداء استغاثة لإنقاذ حياة 30 ألف مريض سرطان، من خلال استثناء أدوية السرطان والأمراض المستعصية من رفع الدعم، كي تبقى على سعر صرف 1500 ليرة لبنانية لكلّ دولار أميركي، بدلاً من رفعه إلى 15 ألف ليرة، وهو السعر الجديد الذي أقرّته الدولة اللبنانية.

وعلى وقع أغنية الفنانة جوليا بطرس التي عُدّلت بعض كلماتها لتصبح "أنا بتنفّس حرية، ما تقطع عنّي الدواء"، وقف المرضى في مقابل السراي رافعين شعارات إنسانية ورافضين الاستمرار بأناشيد الموت.

بغصة، تروي فادية عطا الله، في حديثها لـ"العربي الجديد"، رحلة عذابها منذ أربع سنوات مع مرض سرطان الثدي، قائلةً: "عانيتُ الكثير واختبرتُ كلّ أنواع العلاج وقساوة انقطاع الدواء. كنّا نجهد لتأمينه من تركيا والهند وندفع الكثير، وأحياناً نعجز عن شرائه، فأبقى من دون علاج وكأنّنا نستعجل الرحيل". فادية، وهي أم لشابّين، تأسف لـ"تفاقم المعاناة اليوم، فقد أصبحنا نخسر يوميّاً أحداً من رفاقنا".

دعم لمرضى السرطان في بيروت (حسين بيضون)
معاناة مرضى السرطان كبيرة (حسين بيضون)

من جهتها، خسرت أمينة الصندوق في "جمعية بربارة نصّار" كارولين ملك أندراوس والدتها وشقيقتها من جراء إصابتهما بالسرطان. تقول لـ"العربي الجديد": "شُفيت من سرطان المبيض، وكنتُ محظوظة لأنّني أُصبت به قبل أزمة الدواء، لكنّ هذا المرض أصابنا نحن الخمسة في المنزل، ووالدتي أُصيبت به في عزّ الأزمة وفارقت الحياة بسبب انقطاع الدواء". وتحذّر من أنّ "رفع الدعم هو بمثابة رمي قنبلة ذريّة على المرضى. حتّى إنّنا عاجزون عن تحمّل كلفته على سعر صرف 15 ألف ليرة، ناهيك عمّا نتكبّده من أكلاف على أدوية ما بعد العلاج الكيميائي، من أدوية مناعة وغثيان وغيرها، والتي تقارب 6 ملايين ليرة (الدولار يساوي 63 دولاراً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء)".

من جهته، يقول رئيس "جمعية بربارة نصّار" هاني نصّار: "شهد العام الماضي المسألة ذاتها لناحية التلويح برفع الدعم ثمّ التراجع عنه والعودة إلى رفعه بعد ثلاثة أشهر، علماً أنّ كلفة كل جلسة علاج كانت نحو 25 مليون ليرة لبنانية، فيما لا تتجاوز الرواتب خمسة ملايين ليرة. إذا، أوقفوا علاجهم وفارقوا الحياة؟ أين ضمائركم؟ كلّكم شركاء في الجريمة". يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "يردنا يوميّاً نحو 300 اتصال من مريض سرطان يشكو انقطاع الدواء والعلاج. خفّ الهدر والسرقات واحتكار أدويتنا، لكن أين الدعم والتمويل الذي وُعدنا به والبالغ خمسة ملايين دولار. هل يُعقل أنّه وبيومٍ واحدٍ، بلغ حجم التداول على منصّة "صيرفة" 70 مليون دولار، وهو مبلغ يغطّي كلفة كلّ أدوية الأمراض السرطانية في لبنان على شهرين؟".

دعم لمرضى السرطان في بيروت (حسين بيضون)
تحذير من رفع الدعم عن أدوية السرطان (حسين بيضون)

ويحذّر نصّار من أنّ "رفع الدعم عن دواء سعره ستة آلاف دولار أميركي مثلاً، والذي كان يساوي تسعة ملايين ليرة لبنانية على سعر الصرف الرسمي، سيصبح 90 مليون ليرة على سعر صرف 15 ألف ليرة. وفي حال رفعوا الدعم كليّاً، فإنّ سعر العلبة الواحدة سيصل إلى 360 مليون ليرة كلّ شهر".

بدوره، يقول عضو الجمعية ليونار نصّار: "في وقت يكرّم العالم مرضاه، ننعي مرضانا. فكلّ مريض ينتظر دوره، والمرض يبقى بكل خبثه أخفّ ممّا تفعله السلطة بنا. لكنّ أسماء ضحايانا ستتكرّر في أحلامكم وكوابيسكم، لأنّ عدالة السماء لن ترحمكم"

دعم لمرضى السرطان في بيروت (حسين بيضون)
توفي مرضى بسبب انقطاع الدواء (حسين بيضون)
المساهمون