نظام تحفيز مبتكر... الصين تربط مكافآت الموظفين بالرياضة

03 اغسطس 2024
يواظب على رياضة الركض (هو يو/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **نظام مكافآت جديد لتحفيز الصحة**: استبدلت شركات في الصين مكافأة نهاية العام بنظام مكافآت شهري يعتمد على مقدار التمارين الرياضية التي يمارسها الموظفون، بهدف تحسين صحتهم في ظل ارتفاع معدلات السمنة.

- **تجارب الشركات والموظفين**: مدير شركة في شينزن دفع موظفيه للمشاركة في ماراثون كشرط للحصول على مكافأة نهاية العام، مما يزيد من إنتاجية الموظفين ويكسر رتابة العمل.

- **الانتقادات والتحديات**: يواجه النظام انتقادات لعدم مراعاته الظروف الصحية لبعض الموظفين، ويعتبره البعض وسيلة للتملص من مستحقات الموظفين، خاصة كبار السن.

استبدلت شركات في الصين بشكل مثير للجدل مكافأة نهاية العام بنظام مكافآت جديد للموظفين يهدف إلى تحفيزهم للحفاظ على لياقتهم وصحتهم. وألغت هذه الشركات مكافآتها السنوية التقليدية القائمة على قياس الأداء لصالح مكافأة شهرية تعتمد على مقدار التمارين التي يمارسها الأفراد. وبموجب السياسات الجديدة، فإن الموظف سيحصل على مكافأة شهرية كاملة إذا ركض لمسافة 50 كيلومتراً في الشهر، و60% للجري لمسافة 40 كيلومتراً، و30% لمسافة 30 كيلومتراً. 
كما تُؤخذ في الاعتبار رياضة المشي لمسافات طويلة في الجبال والمشي السريع، والتي يمكن أن تمثل 60 و30 في المائة على التوالي من إجمالي التمارين المطلوبة، ويتم حساب المسافة عن طريق التطبيقات الإلكترونية الموجودة على هواتف الموظفين

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويعتقد القائمون على هذا النظام أن الشركة لا يمكنها أن تزدهر إلا إذا كان الموظفون يتمتعون بصحة جيدة. وتأتي هذه الخطوة في ظل الحديث عن ارتفاع معدلات السمنة في البلاد نتيجة لنمط الحياة الصناعي، والفجوة الكبيرة بين جيل وآخر بسبب العزوف عن الزواج والإنجاب، بالإضافة إلى تضاؤل حجم الطبقة العاملة من فئة الشباب، ما دفع السلطات في وقت سابق إلى رفع سن التقاعد من 55 إلى 60 عاماً في محاولة للحفاظ على معدلات الإنتاج التي حددتها الدولة.

تحفيز مزدوج


يقول مدير شركة للإلكترونيات في مدينة شينزن، جنوب البلاد، ويدعى جيانغ قو، لـ"العربي الجديد"، إنه دفع جميع الموظفين في شركته وعددهم 32 إلى المشاركة في ماراثون شينزن الذي انطلق في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكان ذلك شرطاً للحصول على مكافأة نهاية العام، على أن تتوقف نسبة المكافأة على المسافة التي يقطعها كل موظف. فمن يجتاز خط النهاية (42 كلم)، يحصل على مكافأة بنسبة 100%، ومن يقطع نصف المسافة يحصل على 60%. يضيف أن 15 موظفاً تمكنوا من إنهاء السباق، في حين خرج الباقون من السباق في أوقات متفاوتة. وعن الهدف من ذلك، يوضح جيانغ أن بقاء الموظفين على مقاعدهم لساعات طويلة يؤدي إلى الخمول، وقد لاحظ أن رتابة العمل بدأت تسيطر على الجميع خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، الأمر الذي انعكس على إنتاجيتهم. لذلك قرر أن يكسر القواعد ويدفع الموظفين إلى الهواء الطلق للقيام بأنشطة رياضية. وكان قد قرأ خبراً عن اقتراب موعد الماراثون السنوي في المدينة، فأخذ قراراً بإشراك الموظفين وربط الأمر بمكافأة نهاية الخدمة.
من جهته، يشيد وانغ بين، الموظف في شركة حكومية في العاصمة بكين، بنظام المكافآت القائم على معيار الأنشطة الرياضية، قائلاً إن الأمر محفز جيد لجني الأموال والحفاظ على الصحة، ويلفت إلى أنه يعاني من دهون ثلاثية، وقد طالبه الأطباء بإنقاص وزنه وممارسة الرياضة. لذلك يأمل بأن تتبع المؤسسات الحكومية نهج القطاع الخاص في تحفيز الموظفين.

ركض ليلي جماعي في نانشانغ (Getty)
ركض ليلي جماعي في نانشانغ (Getty)

سيف ذو حدين


في المقابل، انتقد آخرون نظام المكافآت الجديد، وقالوا إنه لا يراعي الظروف الصحية للموظفين، فهناك من يعاني من مشاكل تمنعه من ممارسة الأنشطة الرياضية، مثل مشاكل في التنفس وارتفاع وظائف الكلى وغيرها من الأمراض الشائعة. ويلفت هؤلاء إلى أن الشركات مطالبة بإضافة مكافآت للموظفين الذين يمارسون الرياضة بدلاً من استخدام هذه الميزة كورقة مساومة.
تقول الباحثة الاجتماعية في معهد "غوانغ دونغ" تانغ لي، لـ"العربي الجديد"، إن نظام المكافآت الجديد سيف ذو حدين؛ فمن ناحية يحفز الشباب على ممارسة الرياضة والحفاظ على صحتهم، ومن ناحية أخرى قد يُستخدم من أرباب العمل كوسيلة للتملص من مستحقات الموظفين، على اعتبار أن النظام يحرم الذين لا ينخرطون في الأنشطة من المكافآت المالية، وهم الشريحة الكبرى وخصوصاً أولئك الذين تقدم بهم العمر. تضيف أنه بغض النظر عن نوايا المدراء ورؤساء الشركات، فإن النظام يسلط الضوء بطريقة أو بأخرى على اختلال التوازن في المجتمع الصيني لناحية الفجوات العمرية والصحية واهتمامات الشباب، وتلفت إلى أن هناك فجوة كبيرة بين جيل الشباب الذين دخلوا للتو إلى سوق العمل وبين أولئك الذين يستعدون للتقاعد وإنهاء حياتهم العملية، بسبب الآثار الجانبية لسياسة الطفل الواحد التي اتبعتها البلاد على مدار أربعة عقود.


تفشي السمنة


وكذلك الأمر بالنسبة للفوارق الصحية بين الريف والمناطق الحضرية. ففي حين أن سكان المدن يتمتعون بمزايا متقدمة على مستوى الرعاية الصحية، يعاني الريفيون من سوء الخدمات. تتابع تانغ لي أن نمط الحياة الصناعي فرض أسلوب حياة يقوم على مطاعم الوجبات السريعة وعدم اجتماع الأسرة حول مائدة واحدة في أوقات محددة، ما ساهم في رفع معدلات السمنة وخصوصاً بين الشباب، وتقول إن جميع هذه العوامل دفعت أرباب العمل نحو اعتماد نظام جديد لتحفيز الموظفين على العمل في ظروف صحية مثالية، نظراً لما يترتب على ذلك من عوائد على الإنتاج.

وكانت دراسة صينية حديثة بعنوان "انتشار السمنة والمضاعفات المرتبطة بها في الصين"، قد أظهرت أن نحو 35% من 15.8 مليون بالغ يعانون من زيادة الوزن. أضافت أنه "جرى تشخيص معاناة ما نسبته 14% ممن شملهم البحث من السمنة المفرطة". كما أصبحت حالات زيادة الوزن أو السمنة أحد التحديات الخطرة التي يواجهها الشبان، وخصوصاً المراهقين، إذ تشير تقارير إلى أن نحو 30 مليون مراهق يعانون من زيادة في الوزن في الصين.

المساهمون