تشير التقديرات إلى معاناة حوالي طفل من كل 100 طفل من اضطرابات طيف التوحد في العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية. وتمثل هذه التقديرات رقماً متوسطاً، ويختلف معدل الانتشار المبلّغ عنه اختلافاً شديداً بين الدراسات. مع ذلك، أفاد بعضها بمعدلات أعلى بكثير. ومعدل انتشار التوحد غير معروف في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
واضطرابات طيف التوحد هي مجموعة من الاعتلالات المتنوعة التي تتصف ببعض الصعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل. ولهذه الاعتلالات سمات أخرى تتمثل في أنماط لا نموذجية من الأنشطة والسلوكيات، مثل صعوبة الانتقال من نشاط إلى آخر، والاستغراق في التفاصيل، وردود الفعل غير الاعتيادية على الأحاسيس.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن قدرات الأشخاص المصابين بالتوحد واحتياجاتهم تتباين ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت. وقد يتمكن بعض المصابين بالتوحد من التمتع بحياة مستقلة، غير أن بعضهم الآخر يعاني من إعاقات وخيمة ويحتاج إلى الرعاية والدعم مدى الحياة. وغالباً ما يؤثر التوحد في التعليم وفرص العمل. وقد يزداد عبء تقديم الرعاية والدعم الملقى على عاتق الأسر.
ويمكن اكتشاف سمات التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة، ولكنه لا يُشخص في الغالب إلا بعد هذه المرحلة بفترة طويلة. وغالباً ما يعاني المصابون بالتوحد من اعتلالات مصاحبة، تشمل الصرع والاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه، مع فرط النشاط، بالإضافة إلى سلوكيات مستعصية، مثل صعوبة النوم وإلحاق الأذى بالنفس. ويتفاوت مستوى الأداء الذهني بين الأشخاص المصابين بالتوحد تفاوتاً كبيراً يتراوح بين الاختلال الشديد والمهارات المعرفية العليا.
وفي عام 2008، بدأ نفاذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ليتم التأكيد من جديد على مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان العالمية للجميع. ويتمثل الغرض منها في تعزيز جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتها، وضمان تمتعهم الكامل بها على قدم المساواة، وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة.
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، يوم 2 إبريل/نيسان، بوصفه اليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة للمساعدة في تحسين نوعية حياة الذين يعانون من التوحد حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى، كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
ولا يزال ما يرتبط بهذه الاختلافات العصبية من وصمة العار والتمييز يشكل عقبات كبيرة في التشخيص والعلاج، وهي مسألة يتعين على واضعي السياسات العامة معالجتها في البلدان النامية وكذلك في البلدان المانحة على حد سواء، بحسب الأمم المتحدة. أضافت أنه خلال السنوات الأخيرة، أُحرز تقدم كبير في إذكاء الوعي بمرض التوحد والاعتراف به، والفضل في ذلك لكثير من الناشطين الذين عملوا على تعريف الجمهور العام بما يعانيه المصابون بالتوحد.
كما لفتت إلى اختلاف سرديات علاج المصابين بالتوحد، والتركيز على قبولهم ودعمهم وضمان إشراكهم والدفاع عن حقوقهم. ويعاني المصابون بالتوحد في العديد من البلدان العربية بسبب عدم توفر مراكز خاصة لهم، سواء صحية أو تعليمية أو غير ذلك. ويشكو الأهل ارتفاع كلفة هذه المراكز والمدارس.
(العربي الجديد)