مراكز قليلة لعلاج الكوليرا في الشمال السوري

09 ديسمبر 2022
أحد مراكز علاج الكوليرا (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

في سبتمبر/أيلول الماضي، سُجّلت أولى الإصابات بالكوليرا في مناطق شمال وشمال غرب سورية، وتحديداً في منطقة جرابلس في ريف محافظة حلب الشرقي. بعدها، بدأت وتيرة الإصابات بالكوليرا تتصاعد في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني بريف حلب الشمالي، وصولاً إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام" شمال غرب البلاد، لتبدأ بعدها الجهات الصحية بخطوات الهدف منها الحيلولة دون تفشي الوباء، خصوصاً في المخيمات البالغ عددها 1633 مخيماً ويقيم فيها 1.8 مليون نازح، بحسب إحصائيات فريق "منسقو استجابة سورية". 
ومن بين الخطوات التي اتخذتها الجهات الصحية، إنشاء مراكز لعلاج المصابين في مدن عدة بريف حلب، كما يقول مدير صحة حلب الحرة رضوان كردي لـ "العربي الجديد". ويوضح أن المراكز تتوزع على مدن عفرين وأعزاز والباب وجرابلس، وهي مراكز علاج وتقصّ للكوليرا. وكل مركز مجهز لاستقبال عشرين مريضاً، وتحتوي على أجهزة حديثة ضمن خطة العمل لمواجهة الكوليرا. 

ومع ظهور أولى الإصابات في مناطق شرق الفرات ومناطق سيطرة النظام السوري، سارعت مديرية صحة حلب بالتعاون مع عدد من المنظمات إلى تجهيز مراكز للتعامل مع هذا المرض. ويقول كردي: "بداية، كان دور المديرية التقصي عن هذه الأمراض وإطلاق حملات توعوية ضمن المناطق الأكثر عرضة للإصابة، على غرار المخيمات العشوائية والأراضي الزراعية التي تسقى بمياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى القرى القريبة من مناطق شرق الفرات". يضيف: "مع ظهور الإصابات الأولى، شكلت فرق ترصّد وبائي تعمل على تقصي الحالات المشتبهة والحالات الإيجابية والبحث عن مصدر المرض الأساسي، مع العمل على الإصحاح المائي".
وتبقى المتطلبات اللازمة لمواجهة الكوليرا دون المستوى المطلوب، إذ يشدد كردي على أن القطاع الصحي يعاني بسبب تقليص الدعم، وتحديداً خلال الأشهر الماضية من عام 2022. يتابع: "يعاني القطاع الصحي من انخفاض في حجم الدعم في الفترة الأخيرة. واكتشاف هذا المرض وانتشاره سيشكل تحدياً كبيراً للقطاع الصحي في المنطقة واستنزافاً لقدراته، ولا سيما أن المنطقة ما زالت حتى اليوم تعاني من تبعات فيروس كورونا الجديد. وتتمثل أبرز المطالب في دعم القطاع الصحي وإنشاء مراكز أكثر للحد من انتشار المرض، وزيادة الدعم المقدم للقطاع الصحي، والعمل على مشاريع للمياه ودراسة مياه المنطقة، وإنشاء شبكات صرف صحي، وتعقيم مصادر المياه الموجودة والتحقق من خلوها من المرض وخصوصاً في المخيمات".
وما يزال دور منظمة الصحة العالمية محدوداً، بحسب كردي. ويقول:  "قدمت منظمة الصحة العالمية كيتات (تجهيزات) فحص لبعض المنظمات، في وقت عملت بعض المنظمات على المشاركة في التصدي للمرض، منها وحدة تنسيق الدعم، والتي تنتشر فرق الترصد الخاص بها على كامل أراضي الشمال السوري. وعملت على إنشاء مراكز خاصة بمرض الكوليرا، بالإضافة إلى متابعة الحالة الإيجابية وترصد سبب المرض الرئيسي ومعالجته. وكان للخطة التي أعدت أثر كبير على السيطرة على احتواء المرض من خلال فرق الترصد الوبائي، وحملات التوعية الميدانية والافتراضية. ويبقى التخوّف الأكبر من تلوث مصادر مياه كبيرة بالمرض وبالتالي تفشيه، وعدم قدرة المراكز على استقبال الأعداد الكبيرة والتي ستشكل كارثة في هذه الحال". 

الصورة
أحد مراكز علاج الكوليرا (عارف وتد/ فرانس برس)
التخوّف الأكبر من تلوث مصادر مياه (عارف وتد/ فرانس برس)

وبحسب الإحصائيات الأخيرة عن شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة التابعة لـ "وحدة تنسيق الدعم"، بلغ عدد الحالات المشتبه بإصابتها في مناطق شمال غرب سورية بالكوليرا 19649. كما بلغ عدد الحالات المشتبه بها في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني شرق نهر الفرات نحو 1300. أما في مناطق شمال شرق سورية التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، فقد سجلت نحو 26325 حالة، ليتجاوز عدد الحالات المشتبه بها 47 ألفاً.
ويوضح مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة إدلب عماد زهران لـ "العربي الجديد"، أن عدد المراكز التي أنشئت لمواجهة الكوليرا ضمن منطقة عمل المديرية بلغ خمسة مراكز، وهي مجهزة بكافة متطلبات علاج مرض الكوليرا من معدات وغيرها من المستلزمات للتصدي للجائحة. ويقول: "نحن بحاجة لعدد أكبر من المراكز وزيادة عدد الأسرّة في كل مركز. وفي الوقت الحالي، تقدم منظمة الصحة العالمية كيتات لدعم المراكز". 
وكانت مديرية صحة إدلب قد افتتحت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي المركز الأول لعلاج مرضى الكوليرا في المنطقة، بالتعاون مع إدارة مستشفى الرحمة في بلدة دركوش غربي محافظة إدلب، تلتها خطوات لاحقة افتتحت فيها باقي المراكز. 

ولا يقصد الكثير ممن يشتبهون بالإصابة مراكز العلاج أو المستشفيات القريبة حتى تبدأ الأعراض بالتفاقم. ويقول أحمد أبو يمان لـ "العربي الجديد" إنّ والده الستيني بقي يعاني من ألم في البطن وإسهال حاد لأيام عدة، وكان يردد عبارة "أمعائي تتقطع". وبعد أربعة أيام، نقل إلى مستشفى سكن بمنطقة كفرلوسين حيث يقيم، ليبقى أياماً عدة تحت الرعاية الصحية هناك، وبعد تحسّن وضعه أعيد للمخيم حيث يقيم. 
وبحسب منظمة "الإغاثة المباشرة" العاملة في 80 دولة حول العالم، فإن التحديات الرئيسية التي تحول دون إنهاء تفشي الكوليرا، رفض المرضى إعطاء العينات والتردد في دخول المستشفيات، وخصوصاً من قبل النساء، بالإضافة إلى رفض بعض الأطباء علاج الأطفال لاعتقادهم أن طبيب الأطفال وحده هو الذي يجب أن يعالج الأطفال.

المساهمون