مدرّسو شمالي سورية يقدّمون حلولاً لمواصلة العملية التعليمية

23 أكتوبر 2021
لا بدّ من الوقوف إلى جانب المدرّسين لاستمرار سير العملية التعليمية (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -

"المدرّسون هم أساس بناء الوطن. والوطن إن لم يُكرَّم فيه من يبنيه ويحميه فهو على حافة الهاوية". هذا ما يشدّد عليه المدرّس السوري شحادة القاسم، متحدثاً عن أهمية دور المدرّس لـ"العربي الجديد". بالتالي لا بدّ من الوقوف إلى جانبه لاستمرار سير العملية التعليمية وبناء الأجيال. ويطالب المدرّسون في المدن والبلدات غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري في ريف حلب شمال غربي سورية، بحلول حقيقية تضمن استمرار سير العملية التعليمية والخروج من الأزمة الحالية، وذلك بعد الإضراب الذي دعوا له في كلّ مدارس المنطقة قبل أكثر من أسبوع، رافعين حزمة من المطالب أمام الجهات المعنيّة وفي مقدّمتها الحكومة السورية المؤقتة، إذ هي الجهة المسؤولة الأولى عن متابعة قضيتهم.

والقاسم من أعضاء المجمّع التربوي في بلدة أخترين بريف حلب الشمالي، يوضح لـ"العربي الجديد" أنّه "ليس للحكومة السورية المؤقتة أيّ دور في الوقت الحالي، في ما يخصّ مطالب المدرّسين، وهي زيادة الرواتب واعتماد راتب وليس منحة ثانية، بالإضافة إلى إنشاء نقابة للمدرّسين وتفعيل دورها ووضع نظام داخلي ينظم العملية التعليمية والتربوية، إلى جانب نظام صحي لهؤلاء وقانون تقاعد ومعاش تقاعدي".

ويلفت القاسم إلى أنّ "الحلول الإسعافية (الطارئة) في الوقت الحالي تكون من خلال تخصيص دخل من المجالس المحلية لدعم المدرّسين، إذ إنّ ما يدخل إلى المجالس المحلية من إيرادات كفيل بسدّ هذه الثغرات في الرواتب. كذلك يمكن عن طريق المنظمات أن يُؤمّن جزء كبير من رواتب المدرّسين إذا أراد المسؤولون حلاً". ويؤكد أنّ "مطالب المدرّسين مطالب محقّة وشرعية، وهم أكثر الناس حرصاً على التلاميذ والعملية التعليمية. لكنّ المسؤولين أوصلوهم إلى طريق مسدود، الأمر الذي دفعنا إلى الخروج بهذا الإضراب. ونتمنى من المسؤولين عن العملية التعليمية إعادة النظر في وضع المدرّس، فهو ليس خصماً لأيّ كان إنّما تحرّكه يأتي من أجل توفير ما يسدّ رمق أطفاله".

من جهته، يشير المدرّس محمد تلرفادي المجاز في الفلسفة بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مشكلات العملية التعليمية في المنطقة لا تُختزَل بدعم المدرّسين فقط. فثمّة ظلم في التعليم يلحق بأشخاص، ولا بدّ من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، مع دعم المدرّس من خلال المجالس المحلية. وإلى جانب تدنّي الأجور، ثمّة مشكلات كبيرة من قبيل الفساد الإداري والتسلّط وعدم كفاءة بعض الذين يديرون العملية التعليمية إلى جانب النقص في المناهج والوسائل التعليمية، الأمر الذي ينعكس سلباً على تطوّر التعليم". يضيف تلرفادي: "تجد مثلاً في مدرسة مديراً مع شهادة بكالوريا (الثانوية العامة) وهو جامعي في الصف الأوّل. المشكلات كثيرة لكنّ التركيز الآن هو على زيادة المنحة لما لها من آثار نفسية على المدرّس".

أمّا المدرّس صدام قاسم فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الحكومة المؤقتة لا دخل لها بمدارس منطقة درع الفرات، فنحن تابعون في كلّ شيء لتركيا"، شارحاً: "نحن نتبع مديريات التربية ومديريات التربية تتبع مجالس محلية، وكلاهما يتلقّيان التعليمات من تركيا". يضيف أنّ "مدرّسي مدينتَي الباب وقباسين هم الذين بدأوا الحراك قبل نحو أسبوع، وقد هدّد مجلس مدينة الباب بفصلهم عن عملهم".

يضيف قاسم أنّ "نقابة مدرّسي مدينة الباب ومدينة قباسين سوف تعقد مؤتمرها الصحافي الأوّل اليوم، بعد تشكّلها على أثر الأحداث الأخيرة. والجميع في انتظار ما الذي سوف يقرّره المدرّسون في هذا اللقاء". ويتابع أنّ "رئيس مجلس أخترين المحلي دعا المدرّسين إلى العودة إلى مدارسهم بلهجة تبتعد عن التصعيد والتهديد، قائلاً إنّه سوف يعمل على نقل مطالبهم وتحسين ظروفهم، مع مواصلة الإضراب بالتأكيد"، شارحاً أنّ "الحلول هي زيادة دخل المدرّس من دون شكّ، إمّا عن طريق الجانب التركي وإمّا من خلال السماح للمنظمات المعنية بتقديم الدعم، إذ هي تُمنَع من ذلك بشكل مباشر وكذلك بشكل غير مباشر، عن طريق وضع شروط تعجيزية عليها".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في سياق متصل، يقترح مدرّس اللغة العربية عاصم المصطفى حلولاً للخروج من الأزمة، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "المشكلة قائمة ولا بدّ من تقييم الوضع بشكل واقعي". ويقول إنّ "المشكلة الأساسية هي التمويل، بالتالي يمكن تقسيم المدارس إلى فئات، الأولى مدارس خاصة تستقبل أبناء العائلات المتمكّنة، والثانية مدارس تُطلَب من رجال أعمال سوريين رعايتها بشكل كامل، والثالثة مدارس خاصة قد تستفيد من تبرّعات مثل المدارس المهنية والمدارس الشرعية وغير ذلك. كذلك ثمّة فئة المدارس الأهلية التي قد تُمَوَّل من قبل منظمات وجهات محلية كالمجالس المحلية، في حين يمكن إنشاء مدارس تُمَوَّل عن طريق مصادر خاصة بها كمشاريع تجارية".

ويشدّد المصطفى على ضرورة أن "تُدرَس الحلول بشكل موضوعي، والأمر في حاجة إلى عمل حقيقي وجهد ووقت. بالتالي يسهل تبنّي حلول حقيقية والخروج من المأزق الذي تمرّ به العملية التعليمية في المنطقة"، لافتاً إلى أنّ "الحلول الترقيعية والإسعافية لا يمكن أن تجدي نفعاً في التعليم، كونه عملية حساسة تهدّد أجيالاً بكاملها، والمدرّس أساس هذه العملية".

تجدر الإشارة إلى أنّ مدرّسي المنطقة كانوا قد بدأوا إضرابهم يوم الأربعاء 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، فشلّ ذلك سير العملية التعليمية. وقد أكّدوا في بيان رفضهم مصطلح منحة، نظراً إلى أنّه ينال من كرامة المدرّس أخلاقياً وقانونياً. فقيمة ما يتقاضونه في الوقت الحالي لا تتجاوز 85 دولاراً أميركياً، علماً أنّ المبلغ كان يساوي ضعفَي هذه القيمة في السنوات السابقة.

المساهمون