- المخاوف تتزايد في تونس حول تأثير الترحيل على تسوية أوضاع المهاجرين، خصوصًا الأسر والقصّر، وإمكانية تعقيد إجراءات اللجوء والحماية.
- الناشط التونسي مجدي الكرباعي يعبر عن قلقه من تأثير الاتفاق على حقوق المهاجرين ويشير إلى أن هذه الخطوة قد تطيل من مدة تحصيل حقوق اللجوء.
تعبّر منظمات مدنية وعائلات في تونس عن قلقها إزاء احتمالات ترحيل مهاجرين من أبناء البلاد إلى ألبانيا، وذلك انطلاقاً من مراكز الحجز وتوقيف في إيطاليا. وتخشى المنظمات والعائلات من عقبات جديدة قد تبرز أمام تسوية أوضاع إقامات هؤلاء المهاجرين وإطالة أمد معالجة ملفات الإقامة واللجوء. ويأتي التونسيون في المرتبة الثالثة لجهة أعداد الواصلين إلى إيطاليا عبر رحلات هجرة غير نظامية، الأمر الذي يزيد من احتمالات ترحيل مكثّف نحو مراكز الحجز الألبانية.
وكانت إيطاليا وألبانيا قد أبرمتا اتفاقاً مثيراً للجدال في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2023، صدّقت عليه روما في يناير/ كانون الثاني 2024 وتيرانا في فبراير/ شباط من العام نفسه. ويقضي الاتفاق بترحيل عشرات آلاف المهاجرين بعد إنقاذهم من المياه الإقليمية الإيطالية في البحر الأبيض المتوسط إلى ألبانيا واحتجازهم في مركزَين، إلى حين دراسة إيطاليا طلبات اللجوء الخاصة بهم.
ويرجّح الناشط التونسي المهتمّ بقضايا الهجرة مجدي الكرباعي والمقيم في إيطاليا أن "تكون أسماء المهاجرين التونسيين في مراكز الحجز والتوقيف الإيطالية مدرجة في قائمة الدفعات الأولى من المهاجرين الذين سوف يُرحَّلون إلى ألبانيا". ويقول الكرباعي لـ"العربي الجديد" إنّ "المهاجرين جميعاً سوف يكونون معنيّين بعمليات الترحيل الجديدة"، مشيراً إلى أنّ ذلك "قد يشمل الأسر والقصّر". ويعبّر الكرباعي عن خشيته من أن "يزيد أيّ ترحيل إلى المراكز الألبانية من تعقيد أوضاع المهاجرين طالبي اللجوء، ويضع عقبات جديدة في مسار تسوية إقاماتهم وحصولهم على وثائق قانونية في إيطاليا".
ويتابع الكرباعي أنّ "القصّر والأسر الذين كانوا يحظون بالأولوية في تسوية الأوضاع وفقاً للقوانين الدولية، قد يحتاجون إلى وقت أطول من أجل تحصيل حقوقهم في طلب اللجوء والحماية". وفي رأي الناشط التونسي أنّ "إيطاليا تدفع نحو التخلّص من عبء استقبال المهاجرين في مراكز إيواء على أراضيها، بالإضافة إلى الحدّ من التدفقات من منطقة جنوب المتوسط عبر التضييق على الوافدين الجدد أو الذين يُصار اعتراضهم في عرض البحر". ويشير الكرباعي إلى أنّ "أسر المهاجرين تبلّغ الناشطين المهتمّين بهذا الملف قلقها بشأن المستجدّات الجديدة واقتراب ترحيل أبنائها إلى ألبانيا".
ويأتي اتفاق إيطاليا مع ألبانيا التي ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، في أعقاب اجتماع عُقد في روما بين رئيس الوزراء الألباني إيدي راما ورئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتطرّفة جورجيا ميلوني، التي فازت في انتخابات عام 2022 مستندةً إلى تعهّدها بوضع حدّ للهجرة غير النظامية إلى بلادها. وأوضح مكتب ميلوني، في بيان، أنّ مبنيَين سوف يُشيَّدان لاستيعاب ما يصل إلى ثلاثة آلاف شخص في وقت واحد وما مجموعه نحو 39 ألف شخص سنوياً، من أجل "تسريع معالجة طلبات اللجوء أو الإعادة المحتملة" إلى البلدان الأم لـ"المهاجرين الذي أُنقذوا في البحر". أضاف مكتب رئيسة الوزراء أنّ بناء المركزَين سوف يكون على نفقة إيطاليا، وذلك في ميناء شينغجين وفي منطقة جادر شمال غربي ألبانيا. وفي حين أنّ المركز الأول يتولّى فحص المهاجر وتحديد هويته، يُصار في المركز الثاني احتجاز كلّ من لا تتوفّر لديه شروط تقديم طلب اللجوء.
وتسجّل تدفقات الهجرة من تونس إلى إيطاليا تراجعاً، وفقاً لبيانات أخيرة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ انخفض عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا انطلاقاً من تونس في عام 2023 عن هؤلاء الذين وصلوا في عام 2022، إنّما بنسبة طفيفة بلغت 4.5 في المائة. وكشف المنتدى التونسي أنّ 17 ألفاً و322 مهاجراً غير نظامي وصلوا إلى السواحل الإيطالية في عام 2023، من بينهم أكثر من أربعة آلاف قاصر، في حين أنّ 18 ألفاً و148 مهاجراً بلغوا إيطاليا في عام 2022.
وبيّن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ السلطات التونسية أحبطت في عام 2023 أكثر من 600 محاولة للهجرة غير النظامية، وألقت القبض على 80 ألف مهاجر غير نظامي عند سواحل تونس، 18 في المائة منهم مواطنون تونسيون. أمّا في عام 2024، فقد أشار المنتدى أنّ 258 مهاجراً تونسياً غير نظامي وصلوا إلى السواحل الإيطالية في يناير/ كانون الثاني، بانخفاض بنحو 25 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2023.