محمد العارضة... "الهروب" الثاني من سجن جلبوع

09 سبتمبر 2021
محمد العارضة مع والدته في إحدى الزيارات (فيسبوك)
+ الخط -

 

مذْ تمكّن الأسير الفلسطيني محمد العارضة مع خمسة من رفاقه الأسرى من انتزاع حريتهم قبل يومَين والفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد التحصين، فإنّ عائلته لا تعرف النوم، ومع كلّ رنّة هاتف تستنفر بكامل أفرادها لعلّهم يحصلون على أيّ معلومة تخصّه.

يقول شقيقه باسل العارضة لـ"العربي الجديد": "الحدث الذي وقع ليس عادياً بالمطلق، فهؤلاء الأسرى الستة رسموا لوحة فنية معقّدة بعناية فائقة. هذا عمل بطولي بامتياز، أرفض أن أسمّيه هروباً، بل هو نصر مؤزر على من يدّعي أنّه يملك أعتى قوة أمنية وعسكرية في الشرق الأوسط". يضيف باسل: "وعلى الرغم من أنّ الخبر كان مفاجئاً، لكنّنا لم نستغرب ذلك. فهذه ليست المرّة الأولى لأخي محمد، إذ سبق له أن تمكّن من تحرير نفسه من سجن عوفر القريب من مدينة رام الله (وسط الضفة الغربية) في عام 2005، قبل اعتقاله من جديد. لذلك يعدّه الاحتلال خطراً".

ويؤكد باسل أنّ "ما فعلوه (محمد ورفاقه) يُعَدّ أمراً طبيعياً جداً. فالأسير طيلة فترة وجوده في السجن لا يفكّر إلا بالحرية وبأيّ طريقة كانت؛ سواء من خلال صفقة تبادل أو من خلال الهروب أو بأيّ وسيلة أخرى. المهم أن يكون حراً". وكان محمد العارضة الذي يبلغ من العمر اليوم 39 عاماً، اعتُقل للمرّة الأولى في عام 2002 بعد مطاردة استمرت لنحو عامَين، وهو ما يعني أنّه بقي معتقلاً لأكثر من 19 عاماً.

ويتابع باسل: "أمضيت مع محمد سبع سنوات من أصل تسع قضيتها في الاعتقال لدى الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ محمد "رجل استثنائي، ليس لأنّه أخي، بل لأنّه يملك قدراً كبيراً من الصبر والهدوء. كذلك هو مثقّف إلى أبعد الحدود". ويتابع باسل أنّ "الأسرى الستّة جميعاً ليسوا شباناً عاديين، فهم أمضوا سنوات اعتقالهم في تحصيل العلم وتطوير قدراتهم الذاتية والثقافية"، وعلى سبيل المثال "حاز محمد على شهادة ماجستير قبل شهرَين فقط".

من جهتها، لا تخفي الوالدة شيقة العارضة فرحتها الغامرة بما فعله نجلها. وتخبر "العربي الجديد": "زرته قبل أسبوع فقط، بعد انقطاع لنحو عام ونصف عام بسبب منع الزيارات على خلفية أزمة كورونا، وقد كان على طبيعته هادئاً متفائلاً. لكنّني عندما رأيته بكيت. لم أتمالك نفسي، فأنا لم أكن قد رأيته منذ مدة طويلة جداً". وتدعو الوالدة "له ولإخوانه بالثبات والرعاية"، قائلة: "الله يحنّن عليهم ويحميهم. قلب الأمّ دائماً بخلّيها تفكّر بأولادها وهم معها... فكيف بمن هو غائب وبعيد ولا نعرف مصيره!".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ومحمد قاسم أحمد عارضة وُلد في الثالث من سبتمبر/ أيلول 1982، في بلدة عرابة جنوبي قضاء جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، ودرس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس بلدة عرابة. وبعدما التحق بمدرسة عرابة الثانوية، اعتقلته السلطة الفلسطينية قبل أن يحصل على شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) في يناير/ كانون الثاني من عام 2000.

أمّا قوات الاحتلال الإسرائيلي فاعتقلته في 16 مايو/ أيار 2002، بعد حصار مشدّد ضربته حول المبنى الذي كان يختبئ فيه بمدينة رام الله، وحُكم عليه بالسجن ثلاثة مؤبّدات وعشرين عاماً بتهمة الانتماء والعضوية في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، والمشاركة في عمليات للمقاومة ضد قوات الاحتلال.

وفي خلال اعتقاله، حصل محمد العارضة على دورات عديدة في تخصصات دينية وسياسية وثقافية، إلى جانب حصوله على شهادة بكالوريوس في علم التاريخ من جامعة الأقصى في غزة، وحصوله كذلك على شهادة ماجستير مهني في إدارة الأعمال تخصّص إدارة مؤسسات من جامعة القاهرة في مصر، فيما أكمل حفظ  القرآن غيباً.

المساهمون