أقرّ مجلس النواب الأردني، اليوم الإثنين في 19 سبتمبر/ أيلول، مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022، بعد تعديلات واسعة أجرتها اللجنة النيابية المشتركة (اللجنة القانونية ولجنة شؤون الأسرة) على مشروع القانون الذي قدّمته الحكومة أخيراً، وذلك بعد أن تنقّل لمدّة 24 عاماً ما بين أدراج مجلس النواب والحكومة، وكان في خلالها عرضة لتعديلات مستمرة ورفض متكرّر.
وقد أثار قانون حقوق الطفل في الفترة الماضية جدالاً واسعاً في الشارع الأردني، وسط اتهامات من قبل إسلاميين ومحافظين بأنّ القانون يخالف قيم المجتمع الأردني وعاداته، لكنّ اللجنة المشتركة أجرت تعديلات واسعة على مواد المشروع البالغ عددها 33 مادة، ليحظى أخيراً بموافقة أغلبية النواب.
وكانت الحكومة الأردنية قد أعدّت قبل 24 عاماً المسوّدة الأولى لمشروع قانون حقوق الطفل، لكنّ تحويلها إلى مجلس النواب أُرجئ حتى عام 2004، ثم قرّرت الحكومة سحبها بسبب عدم إقرارها في عام 2008. وفي مارس/ آذار 2019، أرسل المجلس الوطني لشؤون الأسرة مسوّدة جديدة للحكومة التي أقرّتها بعد ثلاثة أعوام من المناقشات في إبريل/ نيسان 2020.
واليوم، أقرّ مجلس النواب مواد المشروع بمجملها. ومن أبرز المواد التي وافق المجلس عليها قرار اللجنة النيابية المشتركة أنّ "للطفل الحقّ في التمتّع بجميع الحقوق المقرّرة في هذا القانون وبما لا يتعارض مع النظام العام والقيم الدينية والاجتماعية وأيّ تشريعات أخرى ذات علاقة وبما يكفل تمكين الأسرة من المحافظة على كيانها الشرعي كأساس لمجتمع قوامه الدين والأخلاق وحبّ الوطن".
كذلك وافق مجلس النواب على قرار اللجنة النيابية بأنّ "للطفل الحقّ في الرعاية وتهيئة الظروف اللازمة لتنشئته تنشئة سليمة تحترم الكرامة الانسانية في بيئة أسرية يتحمّل الوالدان فيها المسؤولية الأساسية في تربية الطفل وتوجيهه وإرشاده والعناية به ونمائه وإحاطته بالرعاية اللازمة. ومع مراعاة التشريعات النافذة، للطفل الحقّ في حرية الرأي والتعبير بما يتّفق مع النظام العام والآداب العامة على أن تُؤخذ آراء الطفل بما يستحق من الاعتبار وفقاً لسنّه ودرجة نضجه".
#مشروع_قانون_حقوق_الطفل لسنة 2022 pic.twitter.com/CKnxce9uC3
— مجلس النواب الأردني (@Parliament_Jo) September 19, 2022
وأكّد المجلس "مراعاة حقوق وواجبات والدَي الطفل أو من يقوم مقامهما في التربية والتوجيه وفقاً للقيم الدينية والاجتماعية والتشريعات ذات العلاقة"، فيما "للطفل الحقّ في احترام حياته الخاصة ويُمنع تعريضه لأيّ تدخّل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله وكذلك يحظر المساس بشرفه أو سمعته، وكذلك تلتزم الجهات المختصة وفقاً للتشريعات النافذة بتبنّي السياسات واتّخاذ كافة الاجراءات التي تحول دون تعرّض الطفل أو وصوله إلى أيّ محتوى ينطوي على الإباحية أو الإساءة أو الاستغلال ولها في سبيل ذلك حجز أو ايقاف أو مصادرة أو إتلاف المنشورات أو الكتب أو التسجيلات أو الصور أو الأفلام أو المراسلات أو غيرها من الوسائل ومنع تداولها".
ووافق المجلس على قرار اللجنة النيابية بأنّ "للطفل الحقّ في مستوى معيشي ملائم، وفي الحماية من الفقر، وتتولى وزارة التنمية الاجتماعية بالتنسيق مع الجهات المختصة، وضع السياسات والبرامج اللازمة لتأمين حقّ جميع الأطفال في الرعاية الاجتماعية الأساسية، وتمكين الأسرة من أداء دورها الأساسي في تربية الطفل وتعليمه وإحاطته بالرعاية اللازمة من أجل ضمان نموّه الطبيعي على الوجه الكامل".
وتمّت الموافقة كذلك على أنّه "للطفل الحقّ في التعليم ويكون التعليم الأساسي إلزامياً ومجانياً، وفقاً لأحكام الدستور، وتقوم وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع الجهات المختصة باتّخاذ الإجراءات التي تمنع تسرّب الطفل أو انقطاعه من التعليم وضمان نوعيته وتوفير العدد الكافي من المعلمين والمرشدين في المؤسسات التعليمية، وتطوير أدائهم ورفع كفاءتهم وتنمية قدراتهم".
لكنّ مجلس النواب رفض تعديلاً نصّه: "يُعَدّ التدخين وتناول المسكّرات بحضور الطفل اعتداءً على صحته وسلامته البدنية ولا تشكّل صفة الوالدَين أو الشخص الموكل برعاية الطفل عذراً لارتكاب هذا الفعل".
وفي سياق متصل، قال النائب صالح العرموطي وهو رئيس كتلة التحالف الوطني للإصلاح (الإسلاميين): "إنّنا حريصون على أحكام الشرع الحنيف، ولو اعتقدت أنّ قانون حقوق الطفل يخالف الشرع لرفعت الصوت بعدم إقرار القانون". أضاف أنّ "من يحاول شيطنة القانون عليه أن يقرأ القانون قبل أن يحكم"، لافتاً إلى أنّ "الاتفاقيات الدولية من شأنها أن تهذّب النصوص الواردة".
من جهته، قالت النائب صفاء المومني إنّ "مشروع قانون حقوق الطفل يحتوي على ميزات عديدة، وإذا قامت الحكومة بتنفيذ ما ورد من اشتراطات ومزايا فسنؤدّي جميعاً التحيّة لها"، مطالبة بشمول جميع الاطفال بالتأمين الصحي، وليس فقط من تقلّ أعمارهم عن ستّة أعوام كما هي الحال اليوم.
وفي مداخلة لافتة، دعا النائب ينال فريحات الحكومة إلى إعادة عقوبة الضرب إلى المدارس لضمان تأهيل التلاميذ، بعدما كانت قد أُلغيت من قبل السلطة التنفيذية، وقد اتّفق معه النائب سليمان أبو يحيى. لكنّ عدداً من النواب عبّروا عن رفضهم للضرب، من بينهم رئيس المجلس عبد الكريم الدغمي.