ما بعد كورونا

28 سبتمبر 2020
السباق على إنتاج اللقاح يبدو تجارياً أكثر من كونه علمياً (سيفا كاراجان/ الأناضول)
+ الخط -

كشف التفشي السريع الواسع لفيروس كورونا حقيقة الأوضاع المزرية التي يعيشها سكان الأرض، كما أظهر زيف ما تم ترويجه خلال العقود الأخيرة حول قدرة التطور العلمي والطبي على توفير الرفاهية للبشر، إذ كانت الدول الأكثر رفاهية هي الأكثر تضرراَ.
تجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا 33 مليونا، وبلغ عدد الوفيات أكثر من مليون شخص حتى الآن، وكثير من الضحايا كانوا يعيشون في ما يطلق عليه العالم الأول. الناس في البلدان الفقيرة يموتون لأسباب كثيرة، بينها الفقر والجوع والعطش، وأمراض أخرى كثيرة إلى جانب كورونا.
يواصل الفيروس الانتشار في مرحلة جديدة تبدو أقل فتكاً، لكنها كارثية على القطاع الطبي الذي كشف الفيروس أنه غير جاهز للتصدي في أي بلد حول العالم، وعلى الاقتصاد الذي يتواصل تدهوره، رغم أن غالبية دول العالم ترفض العودة إلى الإغلاق الشامل، وعلى التعليم، بعد أن ظهر جلياً أن التعلم عن بعد ليس وسيلة بديلة، حتى في الدول الغنية.
يعتقد البعض أن العالم سيكون أفضل بعد انتهاء الأزمة الوبائية، أو عند اكتشاف لقاح، أو علاج، لكن الواقع ليس وردياً إلى هذا الحد، ونظرة سريعة على التاريخ الحديث للبشر تكشف أنه بعد كل كارثة كبرى لا تتحسن أوضاع سكان الأرض كثيراَ، ربما تتغير موازين القوى فقط.
قتل في الحرب العالمية الأولى نحو 16 مليون شخص، وخلفت دماراً واسعاً. وفي محاولة لعدم تكرارها، دشن المنتصرون عصبة الأمم المتحدة بزعم إقرار الأمن والسلام، لكنها فشلت، وقامت الحرب العالمية الثانية التي قتل فيها أكثر من 50 مليون شخص، وكان الدمار فيها مضاعفاً، لتنشأ بعدها منظمة الأمم المتحدة بزعم الحفاظ على السلام، وحماية حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة، وكلها مع الأسف أهداف لا قيمة لها على أرض الواقع.
قد يبدو هذا الطرح مغالاة في التشاؤم، لكن الواقع يدعمه، فخلال بدايات الأزمة الوبائية تحولت بعض الدول الغنية إلى قراصنة، وقامت بالسطو على مستلزمات وقائية مملوكة لغيرها، كما تكرر إنكار حكام دول كبرى لخطورة الفيروس حتى فتك بالآلاف من مواطنيهم.
عطّل كورونا الكثير من الأنشطة الحياتية للبشر، لكن في المقابل، ظلت تأثيراته محدودة على الصراعات المسلحة المتواصلة في بلدان ومناطق عدة، والتي يروح ضحيتها أضعاف من يقتلهم الفيروس يومياَ.

موقف
التحديثات الحية

حالياً يدور سباق محموم بين مختبرات وشركات الدواء العالمية لإنتاج لقاح، لكن السباق يبدو تجارياً أكثر من كونه علمياً، وبعضهم لا يعنيهم إنقاذ العالم من الوباء بقدر ما يركزون على ما سوف يجنونه من أرباح.
إن كان العالم يحارب الفيروس، فهؤلاء هم أمراء الحرب الجدد.

المساهمون