استمع إلى الملخص
- **الجرائم المرتكبة**: السلطات الليبية أعلنت عن أكثر من عشر جرائم ارتكبها مهاجرون خلال الشهرين الماضيين، تشمل تهريب المحروقات، الاتجار بالمخدرات، السرقة، والتحرش بالأطفال.
- **التحديات الدولية والحلول**: المجتمع الدولي غير مهتم بتداعيات تدفق المهاجرين، مما يزيد من التحديات الأمنية. ليبيا طالبت بمساعدات مالية لمعالجة الأزمة، لكن الدعم الدولي كان محدوداً.
يستمرّ تدفق آلاف المهاجرين السريين إلى ليبيا عبر حدودها المفتوحة، في وقت يحذّر مواطنون ومسؤولون من مغبّة ارتفاع معدلات الجريمة.
وأكد وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، أن استمرار التدفق غير المسبوق للمهاجرين سبّب تزايد الجريمة بشتى أنواعها، معلناً تدفق نحو 120 ألف مهاجر إلى ليبيا على بلاده من جنوب الصحراء سنوياً، عدا عن الموجودين في ليبيا الذين يفوق عددهم أكثر من 3 ملايين مهاجر، وهؤلاء يشكلون عبئاً كبيراً على البلاد.
وجاءت تصريحات الطرابلسي ضمن كلمته في "منتدى الهجرة عبر المتوسط" الذي نظمته حكومة الوحدة لوطنية بطرابلس منتصف يوليو/ تموز الماضي، بمشاركة عدد من رؤساء دول أفريقية وأوروبية وممثليها لمناقشة حلول لظاهرة الهجرة السرية التي تعانيها ليبيا، ضمن عدد من الدول الإقليمية. ويبدو أن هذه التصريحات على علاقة بما تعلنه السلطات القضائية في البلاد من تنفيذ أحكام بحق عدد من المهاجرين السريين المتورطين في الجريمة.
وأعلنت السلطات الأمنية والقضائية في البلاد أكثر من عشر جرائم خلال الشهرين الماضيين، سجلت في العديد من المناطق والمدن الليبية. ومطلع يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت محكمة جنايات مصراتة حكم بالسجن لمدة أربع سنوات بحق مهاجر متورط في تهريب المحروقات إلى خارج البلاد. وفي الثامن من الشهر نفسه، ألقت مديرية أمن بنغازي القبض على مهاجر آخر يتاجر بالمخدرات وحبوب الهلوسة من داخل محل للمواد الغذائية حيث يعمل في المدينة، وأعقبها إعلان فرع جهاز البحث الجنائي بالكفرة، أقصى جنوب شرق البلاد، القبض على مهاجر سرق سيارة في المدينة.
وفي الأول من يوليو/ تموز الماضي، ضبطت وحدة الصيدليات والعيادات الخاصة والمختبرات الطبية بجهاز الحرس البلدي في بنغازي، مهاجراً يمارس مهنة الصيدلة من دون الحصول على ترخيص أو إذن من السلطات المختصة. وفي الثامن من الشهر نفسه، اعتقلت سلطات مديرية أمن بنغازي مهاجراً جراء تحرشه بأطفال أثناء تبضعهم من محل مواد غذائية حيث يعمل.
وفي منتصف يوليو أيضاً، ألقت مديرية أمن بنغازي القبض على مهاجرة خطفت طفلاً من أسرة مهاجرة بهدف ابتزاز ذويه لدفع مبلغ مالي. كما أعلن ضبط مهاجرين آخرين يمارسون الدجل والشعوذة، منهم مهاجر باكستاني ألقي القبض عليه في مدينة سرت، وسط شمال البلاد، وفي حوزته متعلقات بممارسة الشعوذة والدجل، تزامناً مع إلقاء القبض على مهاجر آخر يمارس الشعوذة في تاجوراء، شرقي طرابلس.
ويرى الأكاديمي والأستاذ في علم الجريمة أبو بكر الكوشلي، أن المجتمع الدولي لا يأبه لتداعيات تدفق المهاجرين في ليبيا على البلاد، لافتاً إلى أن المواطنين يعانون مخاوف جراء ارتفاع نسبة الجريمة بسبب استمرار تدفق المهاجرين الذين تمنعهم دول أخرى من الوصول إلى أراضيها وتعيدهم إلى ليبيا. ويحذر الكوشلي، في حديث لـ "العربي الجديد"، من تكدس أعداد المهاجرين لسببين: الأول تدفقهم المستمر إلى البلاد، والثاني إرجاع بعض قاصدي الدول الأوروبية إلى ليبيا"، محذراً من "انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة مع مرور الوقت". ويشير إلى حدوث العديد من الصدامات بين المهاجرين أنفسهم وتدخل سلطات الأمن.
ويرى الكوشلي أن من قبض عليهم بتهم عدة، كالسرقة والاتجار بالمخدرات والشعوذة، "لا يكشف عن حقيقة الوضع. والسبب في عدم الوقوف على حقيقة الوضع هو ضعف السلطات الأمنية وعدم قدرتها على السيطرة. على سبيل المثال، لا شك في أن المهاجرين يتولون التنسيق مع تجار البشر، كما أن وصولهم إلى الأراضي الليبية بطريقة غير قانونية هو في حد ذاته جريمة". ويطالب حكومتا البلاد بتكثيف الإعلان حول الجرائم التي يتورط فيها المهاجرون، وحجم المعاناة التي تواجهها البلاد إزاء تفشي الجريمة على يد المهاجرين، للفت أنظار الدول وفرض حقيقة أوضاع المهاجرين في البلاد أمام الرأي العام". ويشير إلى أن تصريحات الطرابلسي "مهمة لكنها عامة وغير مفصلة. ومن الضروري أن تزداد الإعلانات بشكل رسمي عن أنواع الجريمة وحجمها وخطرها على المواطن الليبي" مشيراً إلى "أهمية التنبيه من المخاطر الصحية التي تهدد الليبيين بسبب الأمراض المتفشية بين المهاجرين".
وفي نهاية يوليو الماضي، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية - فرع بنغازي، القبض على ألفين و17 مهاجراً سريين منذ الأول من يوليو الماضي، كاشفاً النقاب عن إصابة أكثر من 145 مهاجراً من المعتقلين بفيروس التهاب الكبد الوبائي، إلى جانب وجود أعداد أخرى مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
ونظّمت سلطتا طرابلس وبنغازي العديد من اللقاءات الدولية حول ملف الهجرة السرية، كان آخرها منتدى الهجرة عبر المتوسط في طرابلس منتصف يوليو الماضي. وشدد مسؤولو الحكومتين في العديد من المرات على أنّ هذا الملف لا يعني البلاد وحدها، فهي دولة عبور. وخلال كلمته في المنتدى، اشتكى الطرابلسي جراء عدم تعاون العديد من الدول الأوروبية مع ليبيا لحلحلة ملف الهجرة. وطالبت سلطات الحكومتين ما يفوق 330 مليون دولار لمعالجة أزمة الهجرة خلال العام الماضي، إلا أنها لم تتلق أكثر من 30 مليون دولار على شكل مساعدات من الاتحاد الأوروبي. ولفت الطرابلسي الى أنّ بلاده مستمرة في تنفيذ سياسة برنامج ترحيل المهاجرين، بوصفها أحد سبل تخفيف وطأة المهاجرين على بلاده، معلناً ترحيل أكثر من 10 آلاف مهاجر إلى بلدانهم خلال العام الماضي.