استمع إلى الملخص
- تأسست الهيئة في 2020 لتوحيد الجهود للكشف عن مصير المفقودين، مشددة على تجنب التوظيف السياسي للقضية واستغلال التغيرات في سوريا كفرصة لمعرفة مصيرهم وفق القانون 105/2018.
- تواجه الهيئة تحديات بسبب غياب الدعم، مما دفعها لمناشدة الحكومة لتفعيل التنسيق وإرسال وفد رسمي إلى سوريا، مع تأكيد لجنة الأهالي على ضرورة تشكيل لجنة طوارئ.
منذ سقوط نظام بشار الأسد في سورية، تتوالى وتتضارب المعلومات والصور والفيديوهات بشأن المفقودين والمعتقلين في السجون السورية، من اللبنانيين والذين كانوا يقيمون في لبنان.
وفي حين يتساءل كثيرون عن "الصمت المريب" لحكومة تصريف الأعمال اللبنانية تجاه القضية التي عادت لتنبش جراح الماضي وتبعث الأمل في قلوب الأهالي والعائلات، دعت "الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً" كل الجهات المعنية بقضية المفقودين إلى "الإسراع بتسمية مندوب من كل منها في لجنة الطوارىء الحكومية التي طالبت الهيئة بتشكيلها، وبالتالي تسليمها كل البيانات المتوافرة ذات الصلة وتوفير الدعم المادي واللوجستي والإداري والأمني للقيام بدورها الاستثنائي والطارئ".
وعقدت الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، والتي تأسست عام 2020، مؤتمراً صحافياً في مقرها المؤقت في فرن الشباك (بيروت)، اليوم الجمعة، وشدد رئيس الهيئة بالإنابة زياد عاشور على أهمية "الامتناع عن خلق آمال مبالغ فيها أو في غير موقعها، ما قد يؤدي الى تشتيت الجهود وإحباط الأهالي في مرحلة مستقبلية". ورأى أن "الوصول إلى أرقام دقيقة عن عدد المخفيين قسراً في السجون السورية يتطلب التدقيق، والهيئة لا تتبنى رسمياً أرقاما ولوائح أسماء، بالرغم من امتلاكها مجموعة معطيات. غير أن التغيرات في سورية فتحت نافذة أمام إمكانية التقدم في القضية لمعرفة مصير هؤلاء، بما في ذلك تحديد أماكن دفنهم واستعادة رفاتهم في حال توفوا. انتقلنا من واقع انسداد الأفق وفقدان الأمل إلى واقع يتمثل بعودة الأمل والرجاء بعد الانتظار الطويل والمؤلم. أمر يستدعي الحصول على نتائج وإعطاء أجوبة من دون أي إبطاء. لا مكان لإضاعة الوقت والبوصلة. القضية جلل والأحداث تتسارع وعلينا المواكبة بسرعة، لكن من دون تسرع وبخطوات ثابتة وبمواقف حكيمة وخطة واضحة ترتكز على أحكام القانون 105/2018 (قانون المفقودين والمخفيين قسراً)".
واعتبر عاشور أن "قضية المفقودين والمخفيين قسراً في سورية ربما تطاول مئات اللبنانيين أو الذين فقدوا في لبنان، وهي جزء من آلاف حالات الفقدان والإخفاء القسري المقدّر وجودها في لبنان منذ عام 1975. ولا بد من متابعة أحوال المحررين والاستعلام عما لديهم من معلومات وبيانات مفيدة قد تساعد بالكشف عن مصير آخرين"، مؤكداً "ضرورة التنسيق وتوحيد الجهود مع الهيئة الوطنية وتلافي التوظيف السياسي والحزبي لهذه القضية". وتمنى أن تكون القضية اليوم "نافذة أمل أخرى لمعرفة مصير الآلاف من الذين فقدوا في لبنان، وتقديم الدعم اللازم من أجل تمكين الهيئة الوطنية من متابعة قضية المفقودين خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة".
ورداً على سؤال لـ "العربي الجديد"، أقرّ عاشور بـ "وجود فوضى بالملف وسط تسارع الأحداث، لكن ذلك لا يبرر عدم المواكبة وعدم المتابعة. وفي الأيام المقبلة، سيكون لدى الهيئة معطيات تنشرها للرأي العام. أما فيما يتعلق بالتنسيق الداخلي، فليس خفياً على أحد غياب الدعم لهذه الهيئة منذ تأسيسها، وانعدام التنسيق بين الجهات الرسمية وغير الرسمية المعنية بالقضية. لذلك، بادرت الهيئة الوطنية إلى مناشدة رئيس الحكومة تفعيل التنسيق وتشكيل لجنة الطوارئ".
وتعقيباً على أسئلة الصحافيين، أكد عاشور "وجود نيّة لذهاب وفد رسمي إلى سورية لمواكبة القضية، لكن بعد اكتمال لجنة الطوارئ الحكومية التي ستمكن الهيئة الوطنية من تنفيذ خطواتها وقراراتها". وشدد على "ضرورة عدم الدخول بلعبة الأرقام والأعداد، إذ إنه فخ يجب عدم الوقوع فيه، وما من أحد يمكنه معرفة ذلك، لأن الجهود مشتتة والأرقام تحتاج إلى إمكانات وآليات عملية. رأينا ماذا حصل بالرقم الأول الذي كشفه سابقاً النظام السوري عندما قال إن هناك صفر مفقودين لبنانيين في سجونه. لذلك، الأهمية اليوم لوجود جهة جدية وخلق آلية تنسيق رسمية للكشف عن مصير المفقودين. المسألة ليست بيدنا، لكننا نتعهد بمصارحة الرأي العام بكل خطوات الهيئة الوطنية".
وفي حديثها لـ "العربي الجديد"، أسفت رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، وداد حلواني، لـ "غياب أي موقف رسمي صادر عن الحكومة اللبنانية تجاه أبنائها المفقودين والمحررين من السجون السورية. إنه صمت فظيع وغير معقول، خصوصاً أننا سمعنا بتلف ملفات ووثائق في السجون السورية، وتواصلنا مع جمعيات سورية ناشطة في البحث عن معتقلين سوريين، وأفادتنا بأن جزءاً من الملفات كان مرمياً على الأرض. نُحاول الحصول على أي معلومة حقيقية لأن بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ستقضي على أهالي المفقودين والمخفيين قبل أن يعرفوا شيئاً عن أحبائهم، بسبب ما تنشره من معلومات غير دقيقة".
أضافت حلواني: "لا زلنا ننتظر أن تشكل الحكومة اللبنانية لجنة الطوارئ كي يتمكن وفد رسمي من الانتقال إلى سورية لمتابعة القضية". ويتحسر حسان غريزي على مصير ابنه عمر، ويقول لـ "العربي الجديد": "اختفى ابني منذ بدء الثورة السورية عام 2011 وهو بعمر 35 عاماً حينها. كان يعمل سائق تاكسي في سورية، ومنذ ذلك الوقت لم نترك جهة إلا وسألناها عن مصيره، وكان أن زرنا سورية مراراً وتكراراً وتكبدنا الأموال الطائلة، من دون أي نتيجة، إنما بالتنقل بين السجون السورية. وعند كل سجن ينكرون وجوده ويدّعون انتقاله إلى سجن آخر. ما زالت زوجته وأولاده الثلاثة ينتظرونه على أحر من الجمر. وفور تحرير سجن صيدنايا، توجهت والدته وإخوته إلى المنطقة للبحث عنه، لكن لغاية اليوم لم يظهر له أي أثر".
وتروي سهاد كرم حجم معاناتها منذ فقدان زوجها سالم كرم عام 1983 في منطقة عالية (جبل لبنان). وتقول لـ"العربي الجديد": "لا زلنا نناضل وننتظر معرفة مصيره، واليوم ندعم عمل الهيئة الوطنية ونطالب الحكومة اللبنانية وكل الجهات الفاعلة المحلية والدولية بدعم الهيئة لتقوم بعملها. كما نتأمل خيراً بتشكيل لجنة الطوارئ ومعرفة مصير مفقودينا".