لبنان: مصرع 4 أشخاص جراء انهيار مبنى في الشويفات

20 فبراير 2024
المبنى السكني المنهار مؤلف من 3 طوابق (حسام شبارو/ الأناضول)
+ الخط -

لقي 4 أشخاص مصرعهم جرّاء انهيار مبنى سكني مأهول، ليل أمس الاثنين، في منطقة الشويفات بمحافظة جبل لبنان، فيما عمل عناصر الدفاع المدني على انتشال 4 من تحت الأنقاض كانوا على قيد الحياة.

حادثة انهيار المبنى السكني المؤلف من 3 طوابق هي الثانية من نوعها في المنطقة نفسها خلال أقل من عشرة أيام، ما دفع المتابعين لسلامة المباني إلى رفع الصوت عالياً ودعوة الأجهزة والسلطات المعنية إلى التحرّك لفتح ملف الأحياء العشوائية المنتشرة على أطراف مدينة بيروت، وخصوصاً أن هناك بحسب الدراسات أكثر من 16 ألف مبنى معرّض للانهيار.

وبحسب تقرير صادر عن الدفاع المدني اللبناني، فإنّ المبنى المنهار مؤلّف من 3 طوابق؛ الطابق الأول (الشقة أ) خرج منها 3 بعد الانهيار و3 قبل الانهيار. أما الشقة ب، فتضم عائلة مؤلفة من 5 أشخاص كانت خارج المنزل قبل الانهيار، فيما الطابق الثاني كان فارغاً. أما الطابق الثالث، فكان في الشقة أ أربعة أشخاص على قيد الحياة، وتوفي طفل، كما توفي 3 أشخاص في الشقة ب بينهم طفل عمره 8 أشهر.

وقال التقرير إنّ مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار أشرف على سير عمليات البحث والإنقاذ والمسح الميداني الشامل، بمتابعة من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي لسحب المصابين من تحت أنقاض المبنى، وهم من الجالية السورية.

وأفاد الدفاع المدني بأنّ الأشخاص الأربعة الذين أنقذوا هم من أسرة واحدة مؤلفة من 5 أفراد، نجا منهم الأب والأم وولدان، فيما سحب العناصر جثة الفرد الخامس من تحت الركام وهو طفل صغير. ونقل الناجون الأربعة إلى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج اللازم.

كما عمل العناصر وبمساعدة وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة والصليب الأحمر على إخلاء المباني السكنية المجاورة للمبنى المدمّر حفاظاً على سلامة القاطنين، وخصوصاً بعد سماع أصوات تصدّع في أساساته. واستمرت عمليات البحث والإنقاذ حتى الساعة الرابعة فجراً بتوقيت بيروت.

أجزاء صخرية سقطت خلف مبنى الشويفات ما أدى إلى انهياره

ويقول عضو في بلدية الشويفات لـ "العربي الجديد"، إنّ هناك إنذارات وجهت بإخلاء المبنى قبل حوالي خمس سنوات، ثم أعيد توجيه التنبيه قبل سنتين، ولم يتم تركه من قبل قاطنيه، لافتاً إلى أنّ أجزاء صخرية سقطت أمس خلف المبنى ما أدى إلى انهياره، وهدّدت المبنى الملاصق له، وهناك متابعة مع المعنيين لوضع المبنى الملاصق الذي أخلي كلياً وسيجري تقييمه، كما ومتابعة القائمة مع سكان المبنيين.

وقبل أسبوع، انهار مبنى مؤلف من خمسة طوابق في صحراء الشويفات بعد إخلائه بدقائق، بعدما ظنّ قاطنوه بداية أن هزة أرضية حدثت قبل أن يعمدوا إلى مغادرته سريعاً، ومن ثم يسقط، وجرى في الوقت نفسه إخلاء مبنيَيْن سكنيَيْن ملاصقَيْن وصف وضعهما بالدقيق تجنّباً لأي كارثة.

وربطاً بالحادثتين اللتين حصلتا في الشويفات في غضون أقلّ من عشرة أيام، أعاد رئيس شبكة سلامة المباني، المهندس يوسف عزام، رفع الصوت بسبب خطورة الوضع، مشيراً إلى ضرورة فتح ملف الأحياء العشوائية المنسيّة المنتشرة على أطراف العاصمة بيروت.

 

وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدولة غائبة عن هذه الأحياء التي يقطنها حوالي 700 ألف شخص بكثافة سكانية تصل إلى 39 ألف نسمة في الكيلومتر الواحد، يغطون مساحة 18 كيلومتراً مربعاً من العاصمة ضمن 6 أحياء سكنية، ومجموع الأبنية التي يقطنونها هي حوالي 21 ألف مبنى وفق استبيان قمنا به ضمن برنامج GIS لتخطيط المدن".

وأوضح عزام أن "معظم هذه المباني التي تم تشييدها منذ ما يزيد عن 50 عاماً من دون تراخيص والدراسات الهندسية المتوجبة، ما يجعلها تفتقر إلى مواصفات السلامة من الناحية الإنشائية أو من الناحية الصحية كأشعة الشمس وحركة التهوئة ضمن هذه الأحياء".

على صعيد متصل بالمباني المهددة بالسقوط في لبنان، قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الثلاثاء، إنّ "آلاف الأشخاص في مدينة طرابلس شمالاً يعيشون في أبنية غير آمنة تشكل خطراً على حقهم في سكن لائق وحقهم في الحياة وسط لامبالاة الحكومة، بعد مضي أكثر من سنة على وقوع الزلازل المدمرة التي هدّمت أجزاء واسعة من تركيا وسورية وألحقت أضراراً بأبنية في لبنان".

وفي تقرير موجز، قالت المنظمة: "تبيّن أنه حتى قبل وقوع الزلازل، كان السكان في طرابلس قد دقوا ناقوس الخطر بشأن حالة مساكنهم المروّعة والناجمة عن عقود من الإهمال، وعدم تقيّد المقاولين بأنظمة السلامة. وتفاقمت أوضاع هذه المباني بفعل الأزمة الاقتصادية القاسية التي سلبت السكان قدرة تحمُّل كلفة إجراء الإصلاحات أو الانتقال إلى مساكن بديلة".

أضافت: "أتت زلازل فبراير 2023 لتفاقم المشاكل البنيوية القائمة، ما ضاعف المخاطر التي تحدّق بالسكان، بيد أن الحكومة تقاعست عن إجراء المسوح الميدانية الشاملة للأبنية المهددة بالانهيار وتقديم الدعم للسكان. بدلاً من ذلك، اقتصر تدخل السلطات على إرسال إنذارات بالإخلاء، وفي بعض الحالات فرض غرامات".

وقالت الباحثة في الشؤون اللبنانية في منظمة العفو الدولية سحر مندور، ، إن "الحكومة اللبنانية لم تتحمّل مسؤوليتها في حماية الحق بالسكن الآمن، فلم تعدّ خطة واضحة لإصلاح الأبنية المتضررة، ولم تُبدِ حرصاً جدياً على تقديم الدعم للسكان، ومن ضمن ذلك التعويض والسكن البديل حيثما ينطبق ذلك، وذلك على الرغم من أن المسوح الميدانية البلدية، الجزئية وغير المكتملة، أظهرت أن الأبنية غير آمنة بالفعل ويمكن أن تنهار في أي لحظة".

وفي مسح ميداني أُجري عام 2022، خلصت بلدية طرابلس إلى أن هناك 236 مبنى مهدداً بالانهيار. وفي أغسطس/ آب 2023، بعد مرور ستة أشهر على وقوع الزلزال، قالت البلدية إنها حددت 800-1000 مبنى مهدد، وهذا أعلى بأربعة أضعاف من عددها قبل وقوع الزلازل.

وبعد مرور سنة، قال جميع السكان الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم إنهم واصلوا العيش في منازل تعرّضت لأضرار جسيمة لأنهم غير قادرين على تحمُّل تكلفة إصلاحها أو إيجاد مساكن بديلة. ولم تُكمل الحكومة المسح الميداني للمباني غير الآمنة، وكان شخص واحد فقط أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معه على علم ببدل الإيواء البالغ 320 دولاراً أميركياً.

المساهمون