تعتبر الدبكة الشعبية الفلسطينية من إحدى صور التراث الفلسطيني الذي يحرص الفلسطينيون على توريثه من جيل إلى جيل، حفاظاً على الهوية الثقافية الفلسطينية، وخوفاً عليها من الاندثار.
على الرغم من مرور حوالي 73 سنة على النكبة الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من بلادهم غير أنهم ما زالوا يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم، تأكيداً لحقهم بالأرض التي هجروا منها والعودة إليها.
في مخيم شاتيلا ببيروت، عمد عدد من الفتيات والفتية الفلسطينيين إلى إنشاء فرقة دبكة" فرقة الملتقى الفلسطيني للشطرنج" للحفاظ على هذا التراث، والعمل على نقله من جيل إلى جيل.
ليال دعيبس، فتاة فلسطينية، من بلدة المنشية بفلسطين، ومقيمة في مخيم شاتيلا، وهي طالبة في الصف التاسع الأساسي، تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، ورئيسة الهيئة الإدارية في الملتقى، تقول: "منذ أن كنت في الروضة الثالثة كنت أتدرب على الدبكة في مركز أطفال الصمود، وبعد أن التحقت بالملتقى وأنا في السابعة من عمري بقيت أتدرب على الدبكة، وظل هذا الهاجس يلاحقني، رغبة مني في الحفاظ على تراثنا الفلسطيني الذي يحاول العدو الصهيوني طمسه وسرقته منا كما هجرنا من أرضنا".
تتابع: "منذ حوالي السنة ونصف اقترحت وفتاة معي على مؤسس الملتقى أن نؤسس فرقة دبكة، تكون خاصة بالملتقى، فنتدرب فيه وننشئ فرقة باسم الملتقى، وبالفعل بدأنا مشروعنا، بمساعدة المدرب الحالي الذي يدربنا على الدبكة".
تضيف: "في أيام العطلة الصيفة كنا نتدرب أكثر من مرتين، لأننا لسنا مرتبطين بالدرس، لكن في أيام الدراسة نتدرب مرتين في الأسبوع وفي أيام الجمعة والأحد من كل أسبوع".
وتؤكد أن رسالتها من خلال الدبكة هي كالتالي: "على الرغم من احتلال العدو الصهيوني لفلسطين منذ عام 1948 غير أننا متمسكون بحقنا بالعودة إلى فلسطين، ولذلك نحن نمارس الدبكة رغبة منا في إحياء التراث الفلسطيني ونقله من جيل إلى جيل". وعن حلمها تقول:" أحلم بأن أؤسس فرقة خاصة بي، أنشر من خلالها ثقافة الدبكة والتراث الفلسطيني".
من جهته، يقول مدرب فرقة الملتقى الفلسطيني للشطرنج علي أبو جاموس، الذي يتحدر من بلدة عمقا بفلسطين، وهو من سكان مخيم شاتيلا:" في الملتقى صفوف للدعم الدراسي، وأولادي يدرسون هنا، وبالصدفة حيث كنت باجتماع لأهالي الطلاب علمت بموضوع الفرقة، وعرضت عليهم أن أقوم بتدريبهم على الدبكة، لأنني كنت قد بدأت التدريب على الدبكة وأنا في سن السادسة عشرة، ثم تدربت على الزفة، وصرت أعمل بها وأدرب على الدبكة في الوقت نفسه".
يتابع: "الفرقة التي أدربها عددها عشرة أشخاص بين ذكور وإناث، تتراوح أعمارهم من 11 سنة حتى 16 سنة، والهدف من تدريبهم حماية التراث والحفاظ عليه، ونقله من جيل إلى جيل، ونحن ندربهم حتى يدربوا الأجيال اللاحقة فيما بعد". وحول إمكانية مشاركة الفرقة بعروض دبكة، يقول: "لقد أتتنا خمسة عروض للمشاركة بها، لكننا حينها لم نكن مستعدين، بحيث لم نكن قد أنجزنا التدريبات الكافية، لكننا في الوقت الحالي نستطيع المشاركة بأي عرض قد يعرض علينا". وعن تجهيز الفرقة بالزي المناسب، يقول: "استطعنا تأمين الزي لأربعة عشر شخصاً، من خلال إحدى المتبرعات، والزي يمثل الفلكلور الفلسطيني".
أما العضو بالفرقة علي الحصري، وهو من بلدة شفا عمرو بفلسطين، ومقيم في مخيم شاتيلا، وهو تلميذ في الصف السادس الأساسي، يبلغ من العمر أحد عشر عاماً، فيقول: "لي هدفان من التدرب على الدبكة، الهدف الأول هو من أجل الحفاظ على التراث الفلسطيني، وإثبات حبنا لفلسطين، والهدف الثاني هو من أجل مصلحتي الخاصة، فأنا أرغب في تعلم دبكة الزفة، حتى أعمل بها، وأؤمن مصاريفي الخاصة من العمل".
ويشرح أيمن الحسين، وهو تلميذ في الصف السابع الأساسي، وعضو بالهيئة الإدارية للملتقى: "الدبكة بالنسبة لي هي هواية، ومساحتي للترفيه عن نفسي، بالإضافة إلى ذلك رغبتي بالتدرب أيضاَ لأن الدبكة التي نتدرب عليها هي من التراث الفلسطيني، وكذلك أرغب في تقديم عروض على المسارح في أماكن عديدة في لبنان وخارج لبنان من أجل أن يتعرف الناس إلى التراث الفلسطيني، لأنها من ثقافتنا وعلينا أن ننشر هذه الثقافة، حتى لا يسرقها العدو الصهيوني كما سرق منا أرضنا وبيوتنا وكل شيء".
من جهتها، تقول آية وهي تلميذة في الصف السادس الأساسي: "أنا أحضر إلى الملتقى حتى أنجز واجباتي المدرسية، كما أشارك بالأنشطة التي يقيمها الملتقى ومن ضمنها القراءة، وعندما علمت بموضوع فرقة الدبكة رغبت بالمشاركة فيها والتدرب على الرقصات الشعبية من أجل أن أتعلم التراث الفلسطيني، كما أن الدبكة توفر لي الترفيه والترويح عن النفس. وأرغب في تطوير نفسي في هذا المجال من أجل المشاركة بتقديم عروض دبكة على المسارح".