لبنان: ترحيل أول لاجئ فلسطيني سوري رغم تطمينات سابقة لـ"أونروا"

29 ابريل 2023
باسل الخطيب أول لاجئ فلسطيني سوري جرى اعتقاله وهو في طريقه إلى عمله (العربي الجديد)
+ الخط -

وسط مواقف متضاربة ومناشدات إنسانيّة وحقوقيّة لوقف حملات ترحيل اللاجئين السوريين قسراً من لبنان إلى سورية، برز إلى الواجهة ترحيل باسل الخطيب، أول لاجئ فلسطيني سوري جرى اعتقاله وهو في طريقه إلى عمله. لم تشفع وعود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي سبق أن طمأنت اللاجئين العام الماضي بشأن "حمايتهم وحقّهم باتّخاذ قرارات طوعية ومدروسة بخصوص العودة أو عدمها". هذا، ويجرى تداول معلومات تفيد بـ"لجوء البعض إلى دفع مبالغ مالية تؤمّن لهم العودة إلى لبنان عن طريق التهريب.

وفي اتصالٍ لـ"العربي الجديد"، أوضحت ريم، شقيقة باسل الخطيب، أنّ شقيقها (36 عاماً) يعمل في صيانة كهرباء المنازل، قائلةً: "اعتُقل أخي صباح أول من أمس (الخميس)، ولم يتمكّن من الاتصال بنا لغاية مساء أمس (الجمعة) عبر هاتفه الخلوي. وعاود اليوم التواصل معنا صباحاً، وقد أبلغنا أنّه ما زال عند الحدود اللبنانية – السورية، وهو يعاني ظروفاً قاسية وصعبة بالتزامن مع الأمطار والبرد. وضعه سيئ جدّاً، لا طعام ولا شراب ولا يحمل معه المال، إنّما فقط هاتفه. وقد أمضى ليلته أمس في شبه غرفة غرقت بمياه الأمطار، وأرسل لي صرخة استغاثة بأنّه متعب ومرهق ويختبر كلّ أنواع العذاب، بعد أن كان في قبضة الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري".

وعن سبب ترحيله، سردت الخطيب رواية شقيقها عبر فيديو تمكّن من تسريبه إليها، قال فيه: "دخلتُ لبنان عام 2012 هرباً من أحداث سورية، وعام 2014 حاولت المغادرة عبر مطار رفيق الحريري الدولي (بيروت)، غير أنّهم منعوني من السفر وختموا على جواز سفري "ضرورة مغادرة الأراضي اللبنانية خلال 48 ساعة". غير أنّني لليوم لم أتمكن من المغادرة، لأنّ الوضع الأمني في سورية لا يسمح بذلك إطلاقاً، بالإضافة إلى خطر اقتيادي للخدمة العسكرية. لذلك، اضطررتُ للبقاء بطريقة مخالفة، خصوصاً أنّهم لم يقبلوا أن يجدّدوا إقامتي إلا بعد مغادرتي إلى سورية والعودة مجدّداً للبنان".

وتابع: "اعتقلوني عند حاجز الجيش اللبناني على دوار مجدليا، زغرتا (شمالاً)، وسألوني عن أوراقي، فشرحتُ لهم وضعي، لكنّهم لم يكترثوا ولم ينظروا في وضعي كلاجئ فلسطيني. وبقينا واقفين منذ الساعة 11:30 صباحاً ولغاية 9:30 مساءً. كان هناك العديد من الموقوفين السوريّين وأنا الفلسطيني الوحيد. اقتادونا إلى ثكنة عسكرية في البداوي، ومن ثمّ وضعونا فوق بعضنا البعض، أكثر من 70 أو 80 شخصاً في شاحنة كبيرة، اتّجهت بنا نحو بلدة شدرا (شمالاً)، حيث وجدنا مجموعات كبيرة من النساء والأطفال والرجال. وصادفتُ فلسطينيّاً سوريّاً من عائلة قاسم، لكنّني لم أعرف اسمه الأول ولا أعلم مصيره الآن. ومن ثمّ رمونا بجانب نهر، وأبلغونا أنّ الفرقة الرابعة سوف تستلمنا".

ريم، التي ناشدت المعنيّين النظر بوضع شقيقها، أضافت: "سنفقد الاتصال به فور انتهاء شحن هاتفه، علماً أنّ زوجته وابنه (12 عاماً) يعيشان في طرابلس حيث أعيش وأولادي، في حين تقطن والدتي وإخوتي في بلدة ضهر العين (شمالاً). فقد لجأنا إلى لبنان ودخلنا بشكل نظامي، لكنّنا نعاني المضايقات وكلفة مرتفعة لتجديد أوراقنا وتعقيدات، بينها استحالة الذهاب إلى سورية للتجديد، واليوم بات الخوف من الترحيل سيّد الموقف".

"أونروا" تتابع مع الجهات المعنية

وفي اتصالٍ لـ"العربي الجديد"، أوضح المسؤول الإعلامي لوكالة "أونروا" في لبنان، فادي الطيار، أنّ "الوكالة تلقّت تقارير عن اعتقال لاجئين فلسطينيّين من سورية وترحيل قسري لأحد اللاجئين الفلسطينيين أخيراً، وهي تتابع الأمر مع الجهات المعنية".

وقال: "الوكالة على علم بالوضع القانوني الصعب الذي غالباً ما يواجهه لاجئو فلسطين من سورية، الموجودون في لبنان. وهي تواصل اتصالاتها مع مختلف المعنيين لضمان حماية الحقوق بموجب مبادئ القانون الدولي".

وعبّر الطيار عن "قلق "أونروا" إزاء مثل هذه الحوادث، حيث إنّ لاجئي فلسطين ليس لهم دولة للعودة إليها ويظلون عرضة بشكل خاص لاحتمال الترحيل القسري والهجرة التي طبعت تاريخهم منذ تهجيرهم من فلسطين في العام 1948".

وكانت منظمة العفو الدولية دعت، الثلاثاء الماضي، السلطات اللبنانية إلى "الكفّ فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً، وسط مخاوف من أنّ هؤلاء الأفراد مُعرّضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي النظام السوري لدى عودتهم".

538 عائلة لا تستطيع العودة

وأوضحت رابطة الفلسطينيّين المهجّرين من سورية إلى لبنان أنّ "باسل يُعدّ أول حالة ترحيل قسري بحقّ المهجرين الفلسطينيين من سورية. ووصلتنا معلومات أفادت بدايةً باعتقاله من قبل الفرقة الرابعة، في حين وردتنا لاحقاً معطيات كشفت أنّه لم يُعتقل، لكنّه لا يزال عالقاً عند الحدود".

وأشار البيان إلى أنّ "الرابطة سبق أن تقدّمت بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بمذكرة إلى (أونروا) بخصوص المخاوف من الإعادة القسرية". وأفادت الوكالة حينها بأنّها "تشدّد على حق لاجئي فلسطين من سورية باتّخاذ قرارات طوعية ومدروسة بخصوص العودة أو عدمها، ولا ينبغي إجبار أيّ لاجئ فلسطيني على العودة إلى سورية".

وأوردت الرابطة نتائج استبيان عام 2021، حيث تبيّن حينها أنّ "538 عائلة فلسطينية سورية عالقة في لبنان، لا تستطيع العودة لأسباب تتعلق بالخدمة العسكرية وأخرى أمنية. ومن بين تلك العائلات 350 أسرة لديها فرد من أفرادها أو أحد أقاربها مغيّب قسراً. بينما تتخوّف 188 عائلة من العودة لأسباب تتعلق بمخاطر اقتياد أفرادها للخدمة العسكرية الإلزامية. كما أن هناك نحو 28 ألف مهجّر فلسطيني سوري على الأراضي اللبنانية، 30 في المائة منهم لا يمتلك إقامة رسمية أو حتى أوراقا ثبوتية".

المساهمون