استفاقت مدينة طرابلس شمالي لبنان، اليوم الثلاثاء، على جريمة قتل مروّعة ارتكبها المواطن المتقاعد في قوى الأمن الداخلي، عيسى سميّة، إذ قتل زوجته منى الحمصي (50 عاماً) أمام منزل ذويها عند مدخل جبل محسن في طرابلس، بدمٍ باردٍ وأمام مرأى الجميع، بعد نحو 18 عاماً من التعنيف المنزلي وثلاث سنوات من حرمانها من أولادها، عقب رفعها دعوى طلاق لم تسلك مجراها القانوني حتى تاريخ وقوع الحادثة الأليمة.
وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولوا فيديوهات للجريمة التي وقعت صباح اليوم الثلاثاء، تُظهر لحظة إلقاء القبض على المتهم من قبل الأهالي، الذين عمدوا إلى ضربه ومن ثمّ تسليمه إلى القوى الأمنية. في حين نُقلت جثة الضحية إلى مستشفى طرابلس الحكومي.
وفي التفاصيل، يروي شقيق الضحية، نبيل الحمصي، أنّ شقيقته "رفعت دعوى طلاق منذ ثلاث سنوات ولم يحصل الطلاق لغاية اليوم. وقد قدّمنا بلاغات وشكاوى عديدة، ولم يصلنا أيّ جواب، بل كانت الجهات الرسمية من قضاء ومخفر والهيئات الروحية بجانب الزوج على الدوام، ولم يردعه أحد عن سلوكه التعنيفي بحق شقيقتي على مدى سنواتٍ طويلة. فهو مدعوم من المجلس الإسلامي العلوي، كون شقيقه موظّفاً في المجلس ويتواطأ معه، وشقيقه الآخر مغترب في أستراليا ويثابر على دعم المجلس بالأموال وتقديم الرشاوى للمحكمة الجعفرية".
ويكشف أنّ أخته المقيمة منذ ثلاث سنوات في منزل أهلها، "محرومة من أولادها الثلاثة، منذ ذلك الوقت، فزوجها لا يسمح لها برؤيتهم، وهم فتى بعمر 17 سنة وابنتان بعمر 15 و11 سنة. أمّا الخلاف الأساسي بينهما فكان بسبب تعنيفه المتواصل لها منذ ما يقارب 18 عاماً. تركت منزلها أكثر من مرة ورفعت أكثر من دعوى بحقه، مرفقة بصور وأدلة وتقارير من الطبيب الشرعي تثبت حجم التعنيف وفظاعته، غير أنّه وفي كل مرة المحكمة تقف بجانبه ولا تنصف شقيقتي. كما كان الزوج يأتي بالشيوخ لإعادتها إلى منزل الزوجية، وكانت تعود معه فقط من أجل أطفالها".
وعن جريمة اليوم، يتابع الحمصي: "أراد كالعادة استعادة أختي، لكنّها رفضت، فكان أن راقب منزلنا منذ ساعات الصباح ورصد ساعة خروج شقيقتي. بمجرّد خروجها، جرى خلفها ببرودة أعصاب وغدر بها، إذ أطلق النار عليها من بندقية صيد، فأصابها في رأسها وبطنها وساقها، وفارقت الحياة على الفور. ووفق شهود عيان، كان الزوج يتجوّل بسيّارته منذ الصباح حول منزلنا، لكنّهم لم يدركوا أن بنيّته القتل، حيث كان يخفي سلاحه". ويشير شقيق الضحية إلى أنّ "الزوج يسكن في آخر منطقة جبل محسن، وكان قد نشر عبر صفحته على "فيسبوك" منذ نحو 13 يوماً، ما معناه أنّه "سيأخذ بالثأر". ولم نعرف بالمنشور سوى اليوم بعد وقوع الحادثة المريرة".
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام (الرسمية) قد أفادت بأنّه صدر عن قيادة الجيش اللبناني - مديرية التوجيه، البيان الآتي: "بتاريخ 28 / 2 / 2023، أوقفت دورية من مديرية المخابرات في منطقة جبل محسن – طرابلس المواطن (ع.س.) لإقدامه على قتل طليقته (م.ح.) بواسطة بندقية بومب أكشن. بوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص".
ولا يتوقّف مسلسل تعنيف النساء في لبنان، ولا حتّى الجرائم المروّعة والفظيعة بحقّهنّ، رغم كل المناشدات والمحاولات النسوية لوضع حدّ لمثل هذه الانتهاكات الجسيمة. كما لا تنتهي فصول الظلم اللاحق بالمرأة اللبنانية من قبل عددٍ من المحاكم الشرعية والهيئات الروحيّة، فتُحرم المرأة من أولادها وحقوقها، قبل أن تُزهق روحها، بأبشع الطرق الوحشيّة.