رغبةً في الاهتمام بالبيئة ومساعدة الناس اقتصادياً، كان مشروع زراعة السطوح في مخيم برج البراجنة في بيروت، الذي لاقى إقبالاً من الأهالي
لجأ إلى مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، الأكثر اكتظاظاً في بيروت، عدد كبير من الفلسطينيين المتحدرين من الجليل الأعلى (الجزء الشمالي لمنطقة الجليل شمال فلسطين) والغابسية (كانت قرية فلسطينية تقع على بعد 16 كم إلى الشمال الشرقي من عكا. وقد أخليت من سكانها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال الفترة 1948-1950) وغيرها من المناطق التي كانت تعتمد على الزراعة.
وقد دعمت مؤسسة "جفرا للإغاثة والتنمية الشبابية"، مؤخراً، مشروع زراعة السطوح في المخيم. في هذا السياق، يقول محمد معطي المتحدر من قرية شعب قضاء عكا في فلسطين، ومنسّق المخيم في مؤسسة جفرا، إن معظم من لجأ إلى مخيم برج البراجنة من الفلسطينيين هم بغالبيتهم من قرى كانت تعتمد على الزراعة، إلا أن اللجوء حرمهم من هذا العمل، بالإضافة إلى ضيق المساحات الزراعية أو انعدامها بسبب قرب المنازل من بعضها البعض في المخيم. يضيف: "ولأنّ للزراعة أهمية صحية وبيئية، أولينا مشروع الزراعة أولوية، وانطلقت الفكرة من رغبتنا في إرجاع اللون الأخضر إلى المخيم، وخصوصاً بعدما اكتشفنا أنه في استطاعتنا زراعة السطوح بالزهور والخضار والفاكهة. بدأنا العمل على دعم وزراعة أربعين سطحاً في مخيمي شاتيلا (جنوب بيروت) وبرج البراجنة ومخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)".
يضيف معطي: "بداية، أعلنا عن المشروع فكان هناك ترحيب كبير من قبل الناس، الذين بدأوا يتوافدون إلينا لملء استمارة تقضي بطلب زراعة سطوح منازلهم ضمن شروط معينة". ويوضح أنه قبل البدء بزراعة أي سطح، يشارك صاحبه الذي سيعتني بالشتول في دورة تدريبية يشرف عليها متخصصون، وذلك بعد الموافقة على طلبه، ثم يتم تسليم المتدرب الشتول للاعتناء بها وجمع المحاصيل بشرط توزيعها على الأهل والأقارب والجيران وليس بيعها. ولا يحصل المزارع على الشتول إلا بعد الموافقة على هذا الشرط". يتابع أن مشروع الزراعة هذا بدأ قبل عام ونصف العام، وما زال مستمراً.
كذلك، يوضح أنّ "المياه في بيروت مالحة ولا تصلح للري، لكن في المخيم شبكات لمياه صالحة للشرب والري يؤمنها أشخاص، ونحن نؤمّن المياه للأسطح، ونؤمن للمزارع خزاناً واشتراكاً بالمياه على نفقة المؤسسة". يتابع: "هذا المشروع لاقى إقبالاً كبيراً من الأهالي، وتحديداً من كبار السن - المزارعين القدامى".
وعن كيفية العمل، يقول: "نحدد دورات تدريبية لكل شخص تمت الموافقة على طلبه، ويكون التدريب على أيدي متخصصين في القطاع الزراعي، على أن نتولى تأمين السماد العضوي من الخضار والفاكهة التي يصار إلى رميها بعدما تصير غير صالحة للأكل. نجمعها من مكب النفايات ونستفيد منها كسماد عضوي".
أما عن أنواع النباتات التي تزرع، فيقول إننا "نزرع بحسب الموسم، فنباتاتنا موسمية، وإنتاجها يكون بحجم الاعتناء بها، وتزرع على الأسطح في خزانات بلاستيكية بعد قصها، وفي أوان خاصة بالزراعة. والنباتات التي لا نستطيع زراعتها بغير موسمها نزرعها بخيام بلاستيكية". يتابع: "نعمل على زراعة أربعين سطحاً، لكن لدينا إمكانية لزراعة عشرين سطحاً أخرى في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة ومخيم عين الحلوة، بحسب اهتمام الناس".
أما المزارع الفلسطيني السوري في المشروع عمر أحمد أبو زينب، والمتحدر من مدينة حيفا، واللاجئ من سورية (مدينة حلب) منذ تسع سنوات، يقول: "في سورية، كنت أعمل في التعليم، وكنت أدرس اللغة العربية في مدارس الدولة. لكن في لبنان، صرت أعمل بالأشغال اليدوية والزراعة، وقد تعلمتها من خلال مشاهدة الفيديوهات على موقع يوتيوب".
بداية، عمل في الأشغال اليدوية في مؤسسة بيت أطفال الصمود، ومركز إنسان، قبل الانتقال إلى مؤسسة جفرا حيث يشارك بمشروع الزراعة. يتابع: "نهتم بزراعة شتلات الزينة، وأنواع مختلفة من الخضار، ووزعت الشتلات على الأشخاص الذين تمت الموافقة على طلباتهم وخضعوا للتدريب على كيفية الاعتناء بالشتلات". يضيف: "الهدف من المشروع هو دعم الناس اقتصادياً، من خلال الأكل مما ينتجونه بدلاً من الشراء، وتوزيع ما فاض على الجيران، الذين هم بدورهم يستطيعون الحصول على تلك الخضار مجاناً. بالإضافة إلى الاستفادة من تلك الخضار، فهناك هدف آخر من زراعتها وهو تحسين البيئة وإضفاء اللون الأخضر على المخيم".