كيف تتحدث مع الأطفال عن القضايا الحساسة؟

04 فبراير 2023
طفل يشاهد فيلماً على هاتفه (أوكتارينا/ Getty)
+ الخط -

عادة ما يتعرّض الأطفال في العديد من المجتمعات لعلاقات سامة تفرضها مؤثرات خارجية، كبرامج التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. ويتأثر الأطفال بالأفكار النمطية التي تطرح حول قضايا معاصرة، بما في ذلك الإجهاض، الذكورية، تغير المناخ وغيرها، ما قد تكون له تأثيرات سلبية على الأجيال المستقبلية.

وبحسب تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فإن العلاقات السامة الناتجة عن  مواقع التواصل الاجتماعي أو التلفزيون زادت بشكل كبير عام 2022. وأظهرت السلطة التنظيمية والمنافسة المعتمدة من الحكومة للبث والاتصالات السلكية واللاسلكية والصناعات البريدية في المملكة المتحدة (OFCOM) أن هناك ما يقارب 300 شكوى حول السلوك المعادي للنساء جرى نشرها في أحد البرامج، ما ترك تأثيرات سلبية على الأطفال.

هذا الواقع يفرض على الأهل توعية أطفالهم مسبقاً حول هذه القضايا، وهو ما تطرحه المعالجة النفسية كاثي برس، الساعية إلى تقديم بعض النصائح للتعامل مع الأطفال، والتي تشير إلى أهمية دور الأهل ليس في النهي عن مشاهدة أو التعرف على المفاهيم الخاطئة فحسب، بل بتوجيه أولادهم وتعريفهم بالنماذج الإيجابية. وتطرح برس، وغيرها من المتخصصين، بعض الآليات التي يمكن استخدامها في هذا الإطار:

1 - مقارنات إيجابية

في ما يتعلق بقضايا العنف ضد المرأة، يمكن للأهل تقديم نماذج إيجابية عن الأبطال الرياضيين. هناك نموذجان مختلفان في هذا الصدد: بطل ملاكم الكيك بوكسينغ الأميركي ــ البريطاني أندرو تيت، الذي جمع عدداً كبيراً من المتابعين عبر الانترنت، واعتقل مؤخراً في رومانيا بتهمة الاتجار بالبشر. بالإضافة إلى ما سبق، يدعو إلى الهيمنة الذكورية ويرحب بالعنف ضد المرأة. في المقابل، هناك لاعب الركبي كيفين سينفيلد، الذي يملك الكثير من الخصائص الجسدية التي يعجب بها الفتيان. وفي الوقت نفسه، يسعى إلى التوعية حول الأمراض العصبية. بالتالي، يمكن للأهل استغلال النماذج الإيجابية بدلاً من الصراخ في وجه الأطفال لمتابعتهم نماذج سيئة، وتحفيزهم على تقديم نماذج إيجابية.
ويرى المعالج النفسي ستيفن بوريل أن توبيخ الأطفال لمتابعتهم مشاهد عنفية على وسائل التواصل الاجتماعي له انعكاسات على صحتهم النفسية، ويؤدي إلى تفاقم مشاعر الضحية. يقول: "ليس خطأ الأولاد وجود أشخاص مثل تيت. بدلاً من ذلك، تُمكن مساعدة الأطفال على التفكير بشكل نقدي". 

2 - تأثيرات غير مباشرة

تقول المعالجة النفسية والباحثة في كيفية التحدث إلى الأطفال عن تغير المناخ كارولين هيكمان: "لا بد من الابتعاد عن الأفكار التي تتحدث عن انقراض البشرية، وانتهاء الحياة، وتأثيرات المناخ التدميرية على البشر. وبدلاً من ذلك، على الأهل مساعدة الأبناء على دراسة التأثيرات على الحيوانات أو الطبيعة". تضيف: "على الأهل التحدث عن كيفية تأثير تغير المناخ على حيواناتهم، وسيقوم الطفل تلقائياً ببناء آليات للتفكير النقدي حول كيفية مواجهة تغير المناخ".
وتوضح هيكمان أنه في إحدى الدراسات، طلبت من الأطفال تقديم آرائهم حول كيفية التحدث بقضايا المناخ. فسألتها فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات أن تكون صادقة معهم من دون أن تخبرهم بالأشياء السيئة دفعة واحدة. وتعطي مثالاً آخر حول التأثيرات المناخية. وتقول: "على سبيل المثال، لا تتحدثوا عن البصمة الكربونية مع الأطفال، وتأثير الطيران، إذ قد ينعكس ذلك على رغبتهم بالسفر والاكتشاف. بدلاً من ذلك، يمكن التركيز على ما تنتجه الطائرات الخاصة من انبعاثات كربونية".

3 - مقاومة الأفكار العنصرية

تشرح مؤلفة كتاب "إحضار العرق: كيفية تربية طفل لطيف في عالم متحيز"، أوجو آسيكا، كيف يمكن للأهل شرح الفروقات العنصرية التي تتعرض لها فئات في المجتمع، وخصوصاً السود. في هذا الإطار، تقترح أن يظهر الآباء حقيقة أن هناك حواجز لا يواجهها الأشخاص البيض التي يتعين على الآخرين مواجهتها، بدلاً من الإشارة إلى وجود عنصرية بين البيض والسود. ويساعد ذلك في تحفيز شعور الطفل بالمسؤولية.
تحتوي ألعاب كثيرة على العنف (واكيل كوهسار/ فرانس برس)
تحتوي ألعاب كثيرة على العنف (واكيل كوهسار/ فرانس برس)
من جهة أخرى، يمكن اعتماد أسلوب الإسقاط. على سبيل المثال، بدلاً من القول إن هذا الشخص أو الطفل له رائحة كريهة، أو إن شكله غريب، على الأطفال أن يسألوا أنفسهم عن أثر هذه الأسئلة على نفسيتهم. فكيف سيشعرون إذا ما وجه أحدهم إليهم هذا السؤال؟

4 - فهم الأساسيات المتعلقة بالجنس

يُنصح دائماً بتجنب استخدام الأسماء "اللطيفة" للأعضاء التناسلية، أي التي تسبب الإحراج، كما تقول يوان ريد، المؤسسة المشاركة لموقع التثقيف الجنسي Outspoken Sex Ed. بحسب ريد، "عندما يفهم الطفل الأساسيات المتعلقة بالجسد، والإنجاب وتطوير النشاط الجنسي، يكون من الأسهل بكثير مناقشة الجنس والرضا والإباحية".  كما أن جعل الجنس من المحرمات يمنع الطفل من الوثوق بأهله إذا رأى محتوى مؤلماً.
ويمكن أن يتعرض الأطفال للمواد الإباحية في سن صغيرة. لذلك، يجب على الأهل أن يطلبوا من أبنائهم إغلاق المحتوى، والتحدث معهم عن هذه المشاهد، حتى يحصلوا على المعلومات الصحيحة. وعندما يصل الأطفال إلى سن البلوغ ويصبحون أكثر رغبة في التعرف على الجسد والجنس، يأتي دور الأهل بتقديم شروحات كافية من دون خجل.

5 - احترام الاختلاف

يعدّ رهاب المتحولين جنسياً مشكلة كبيرة، وخصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي. في هذا الإطار، ينصح المعالج النفسي ومؤسّس "The Queer Therapist"، كريس غرانت، بضرورة التحدث مع الأطفال حول حرية الأفكار واحترامها، وتعزيز التسامح، واحترام الاختلاف.

6 - الاختيار حق

الصيف الماضي، عندما انتشرت أخبار عن أن المحكمة العليا الأميركية قد ألغت الحق الدستوري الفيدرالي بالإجهاض، كان لدى العديد من الشباب أسئلة. وتوضح منسقة تنمية الموارد في مؤسسة بروك الخيرية لصحة الشباب، هيلين درينغ تورنر، إنه يمكن تفسير الإجهاض للأطفال الصغار من دون شرح الأبعاد. لكن مع تقدم الأطفال في العمر، يمكن شرح المزيد.
وتقول عميدة الجامعة المفتوحة والمديرة المشاركة لموقع Abortion Talk، ليزلي هوغارت، إن إنجاب طفل ليس نتيجة مباشرة للجنس ولكنه اختيار.
المساهمون