كيف استطاعت ولاية أوهايو الأميركية الإقلال من إهدار الطعام؟

02 يناير 2023
إعادة تدوير الطعام المتبقي والمتعفن لاستخدامه كسماد (Getty)
+ الخط -

لا يخفى على أحد محاولات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تفعيل أدواتها السياسية والدبلوماسية لمواجهة التغيرات المناخية، إلا أن هذه الأدوات لاتزال تواجه تحديات عديدة، يتعلق جزء منها بالثقافة المحلية، وغياب الاستراتيجيات على المستوى الوطني لإدارة النفايات العامة، والحد من إهدار الطعام، وهو ما دفع ولاية أوهايو الوسطى إلى اتباع سياسات جديدة لإعادة تدوير الطعام، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

الصورة
صناعة السماد من بقايا الطعام (Getty)
صناعة السماد من بقايا الطعام (Getty)

إهدار 108 مليارات رطل من الطعام

في الولايات المتحدة، وبحسب بيانات نشرها موقع Feeding America، يتم إهدار ما يقرب من 108 مليارات رطل من الطعام في الولايات المتحدة. وهذا يعادل 130 مليار وجبة وأكثر من 408 مليارات دولار من المواد الغذائية التي يتم التخلص منها. وبشكل أدق، فإن الأميركيين يهدرون ما يقرب من 40 في المائة من إجمالي المواد الغذائية.
عادة، عندما يتم التخلص من بقايا الطعام في مكبات النفايات، فإنها تتسبب في انبعاث غازات ضارة، منها غاز الميثان. بحسب الأمم المتحدة، فإن 67 مليون طن متري من الميثان ينبعث سنوياً بسبب هدر الطعام. وهذا يمثل 20 في المائة من انبعاثات الميثان، ولذا فإن فكرة إعادة التدوير دفعت ولاية أوهايو إلى ابتكار طرق عديدة.

الأميركيون يهدرون ما يقرب من 40 في المائة من إجمالي المواد الغذائية 

تعد ولاية أوهايو من الولايات الأميركية التي بدأت تعي أهمية المساعدة على تغيير السياسات الخاصة بالحد من انبعاث الغازات السامة. فكان أحد هذه الابتكارات، تحويل الطعام المتعفن، أو الأطعمة الزائدة التي يتم التخلص منها في مكب النفايات، إلى سماد يمكن استخدامه في الأراضي الزراعية. وقد أظهرت دراسة في عام 2021 أنه تم تحويل 51 في المائة من نفايات المنطقة من مكب النفايات من خلال إعادة التدوير وتحويلها إلى سماد، وهي نسبة مهمة وعالية جداً مقارنة مع باقي الولايات.

الصورة
(Getty)
ما يهدر من الطعام في أميركا يعادل 130 مليار وجبة (Getty)

 لكن هذه السياسة، وبحسب كيلي أوكيفي الذي تولى عمله في عام 2015 كمدير للابتكار والبرامج في هيئة النفايات الصلبة في وسط أوهايو، لم تكن فعالة بما فيه الكفاية، ولذا نظر أوكيفي إلى الأساليب التي يمكن من خلالها تخفيف كمية الطعام التي يتم التخلص منها. بحسب أوكيفي، فإن مجرد إنشاء نظام سماد لن يفي بالغرض للحد من إهدار الطعام، بل يجب توعية الناس حول أهمية الشراء والهدر.
ولتحقيق هذه الغاية، كانت إحدى أولى خطوات الهيئة هي إطلاق حملة توعية عامة ثم قياس تأثيرها في مدينة واحدة.

67 مليون طن متري من الميثان ينبعث سنوياً بسبب هدر الطعام

بعد عدة أشهر من تقديم حملتها، استعانت الهيئة بباحثين من جامعة ولاية أوهايو، لإرسال استطلاعات الرأي إلى سكان منطقة Upper Arlington، إحدى ضواحي كولومبوس الغنية. ومع ذلك، فإن الاستطلاعات لا يمكن الاعتماد عليها دائماً، لذلك استعانت الوكالة بشركة GT Environmental، وهي شركة استشارية محلية، للمتابعة بالبيانات الثابتة. وبالفعل، في عام 2021 بدأ دان غرايتر، أحد كبار المديرين في شركة GT Environmental بزيارة 200 منزل لفحص القمامة، وقد تم تقسيم النفايات إلى عناصر مختلفة، مثل المنتجات وبقايا الطعام ونفايات غير غذائية، وغيرها. 
جاءت النتائج إيجابية، وأظهرت خفضا في هدر الطعام، ما أدى إلى توسيع نطاق التجربة لتشمل المدينة برمتها.

الاقتصاد في الشراء يقلل هدر الطعام

بدأت حملة التوعية من خلال منشورات تم توزيعها على وسائل التواصل الاجتماعي، وإرسال رسائل إخبارية عبر البريد الإلكتروني لتوعية السكان، بأهمية شراء كميات بسيطة من الأطعمة. 
ومن ثم توسعت الحملة لإظهار انعكاس هدر الطعام على ميزانية الأسرة، بحسب تاي مارش، الذي شغل منصب المدير التنفيذي للهيئة، ركزت الحملة على التكاليف الصعبة التي تتكبدها الأسرة، على سبيل المثال، تم إخبار العائلات أن هناك نحو 1500 دولار تنفقها الأسرة المتوسطة في وسط أوهايو كل عام على طعام لا يأكلونه، و22 مليون جالون من الغاز تُستخدم سنويًا لنقل الطعام الذي يتم التخلص منه.
بعد ثلاثة أشهر، استطلع الباحثون مرة أخرى رأي السكان، وبحث غرايتر مرة أخرى داخل صناديق قمامة السكان لقياس تفاعلهم، وتبين انخفاض عدد السكان الذين يهدرون الطعام بمعدل 23 في المائة. 

وصف برايان رو، أستاذ الاقتصاد الزراعي والبيئي والإنمائي ورئيس جمعية نفايات الطعام التعاونية بولاية أوهايو النتائج بـ"المشجعة". وقال: "نحن نعلم أن هذه الحملة تعمل لصالح هذا المجتمع"، مشيراً إلى أن سكان المدينة يميلون إلى أن يكونوا أثرياء ومتعلمين تعليماً عالياً، "لكننا لا نعرف بالضرورة كيف سيتم ترجمة ذلك إلى مجتمعات أخرى".
تشير الدراسات القليلة المتاحة عن حملات التوعية العامة في أماكن أخرى إلى أنها يمكن أن تحدث فرقًا: في تورنتو الكندية تم تقليل هدر الطعام بنسبة 30 في المائة، وفي بريطانيا بنسبة 18 في المائة.
 من شأن سياسة ترشيد الطعام، ووقف الهدر مساعدة الولايات المتحدة في الحد من الجو أيضاً، بالإضافة إلى الحد من تأثيرات التغيرات المناخية، يمكن أن يساعد ترشيد الطعام في إطعام الملايين، بحسب منظمة Feeding America. ونقلاً عن وزارة الزراعة الأميركية، يعاني أكثر من 34 مليون شخص، من بينهم 9 ملايين طفل، في الولايات المتحدة من انعدام الأمن الغذائي.
 

المساهمون