"كوكتيلات" نزلات البرد تهدد صحة التونسيين

15 ديسمبر 2022
مفعول سريع لحقن "الكوكتيلات" في إزالة أعراض نزلات البرد (جديدي وسيم/ Getty)
+ الخط -

يختار تونسيون علاج نزلات البرد الموسمية عبر "كوكتيلات" أدوية تتضمن مضادات للالتهابات، وينتشر استعمالها في فصل الشتاء، رغم التحذيرات الطبية من الإقبال عليها، بينما تزداد أزمات ارتفاع أسعار الأدوية وحتى فقدانها، وعدم إخضاعها لمراقبة مثالية من قبل السلطات الصحية، ويستمر كثيرون في اللجوء إلى أشكال من التطبيب والعلاج الذاتي بحثاً عن الشفاء بأقل تكلفة.
ويعتبر تونسيون حقن "الكوكتيلات" بين الأدوية الأكثر نجاحاً في علاج نزلات البرد الشتوية، نظراً إلى مفعولها السريع في إزالة الأعراض، وتخفيف الأوجاع التي ترافق نزلات البرد.
ويقرّ رئيس مرصد النزلة الوافدة، الدكتور أمين سليم، بسرعة مفعول حقن "الكوكتيلات" التي تحتوي على مضادات للالتهاب تخفف آلام نزلات، وتخفّض حرارة الجسم، لكنه يحذّر من تداعيات خطيرة لهذا النوع من العلاج الذاتي الذي يقبل عليه التونسيون بكثافة، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا ينصح الأطباء باستخدام حقن الكوكتيلات، لأنها يمكن أن تشكل خطراً على الصحة، بسبب احتمال تأثير مكوناتها على أمراض أخرى لا يمكن أن تشخصها أماكن التمريض".
ويتحدّث عن "تحذيرات متكررة يطلقها الأطباء لتجنب أخذ حقن الكوكتيلات، من دون أن تجد أي صدى لدى المرضى بسبب ضعف تكلفة هذا الصنف من الدواء الذي يعتقد شعبياً بأنه ناجح جداً مقابل الأدوية الأخرى التي توصف للمصابين بنزلات البرد الموسمية".
ويلمّح إلى وجود بدائل في الصيدليات التقليدية للمضادات التي تتضمنها حقن "الكوكتيلات"، بينها وصفات زيت وليمون لمقاومة السعال وتقرحات الحلق، إلى جانب الأغذية المشبعة بفيتامين "سي" الذي يساعد في تقوية جهاز المناعة.
وحول انتشار أمراض نزلات البرد الموسمية التي يتعرض لها التونسيون في هذه الفترة، يقول سليم: "يتم حالياً تشخيص فيروسات متعددة تتسبب في نزلات البرد التي تخلّف أعراضاً مشابهة بكورونا. وكشفت نتائج تحاليل أجراها المختبر المركزي في مستشفى شارل ديغول بتونس العاصمة انتشار فيروس إتش وان أند وان وإتش تري أند تو"، مرجحاً تصاعد موجات النزلات الموسمية الشتوية في الأسابيع المقبلة، خصوصاً لدى الأطفال الذين ينقلون العدوى خاصة في مؤسسات الرعاية والمدارس، مقابل مواصلة فيروس كورونا انتشاره بدرجة أقل حدة من السابق، بعدما تسبب في أكثر من 25 ألف وفاة في البلاد.

وزاد الإقبال على التداوي الذاتي لدى التونسيين في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع تكلفة العلاج في القطاع الخاص، والانتظار الطويل للحصول على مواعيد في المؤسسات الصحية العمومية. كما أثرت الأزمة الاقتصادية على قدرة المواطنين على التداوي والإنفاق عموماً.
ورغم انخراط أكثر من 3 ملايين تونسي في تأمينات صحية مختلفة، لكنهم يدفعون 30 في المائة من تكلفة العلاج من حساباتهم الخاصة، في غياب صيغ لاسترجاع المصاريف من صندوق التأمين على المرض.
ويشتري 61 في المائة من التونسيين الأدوية مباشرة من الصيدليات من دون الحصول على وصفات طبية. ويرتفع الاستهلاك المفرط للأدوية خلال فترة الشتاء تحديداً، حين يرفع تقلب الطقس نسبة الأمراض، بحسب ما أفادت دراسة أجراها معهد الاستهلاك الحكومي عام 2019.

تعطى حقن "الكوكتيل" خارج المؤسسات الصحية  (جديدي وسيم/ Getty)
تعطى حقن "الكوكتيلات" خارج المؤسسات الصحية (جديدي وسيم/ Getty)

وتؤكد الكاتبة العامة لنقابة الصيادلة ثريا النيفر، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "حقن هذا الصنف من الأدوية ممنوع بحسب القانون المتعلّق بتنظيم المواد السمّية الصادر عام 1969، والصيادلة يمتنعون عن تقديم هذه الحقن التي يقبل عليها التونسيون بحثاً عن علاج سريع من النزلات الشتوية".
وأشارت إلى أن "مجلس هيئة الصيادلة سبق أن أحال على مجلس التأديب صيدليات تجاوزت قوانين المهنة عبر تقديم هذا الصنف من الأدوية، علماً أن حقن الكوكتيلات تحديداً تخلّف آثاراً صحية سلبية بينها المساهمة في تنمية الفيروسات التي تنقل عبر العدوى من شخص إلى آخر، والتسبب في جلطات قلبية ودماغية، وهي ممنوعة للمصابين بالسكري وضغط الدم".

وتنبّه الكاتبة العامة لنقابة الصيادلة من مخاطر استسهال هذا الصنف من الحقن التي وصفت أخذها بأنه "جريمة في حق الأفراد والصحة العامة"، في وقت يشدد فيه الخبراء على أن التلقيح يظل الحل الأنسب للحد من خطورة نزلات البرد الموسمية، إلى جانب مواصلة الالتزام بالتدابير الوقائية.
تجدر الإشارة إلى أنه في العام الماضي، استوردت السلطات الصحية 300 ألف جرعة لقاح ضد نزلات البرد الموسمية في بداية فصل الشتاء في إطار الإجراءات الاحترازية المتخذة للتعامل مع المسألة الصحية.

المساهمون