كورونا والمناخ والنزاعات فاقمت الأزمات الغذائية في عام 2020

05 مايو 2021
غياب الأمن الغذائي ازداد حدّة (ألكسندر شنايدر/ Getty)
+ الخط -

حذّرت الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، في تقرير نُشر يوم الأربعاء، من أنّ غياب الأمن الغذائي الحاد ازداد حدّة في عام 2020 المنصرم، تحت تأثير النزاعات والأزمات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب جائحة كورونا وحوادث مناخية، متوقعة أن يكون عام 2021 "صعباً". وتضمّ الشبكة خصوصاً منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأغذية العالمي، وفق "فرانس برس".

وزاد عدد الذين يواجهون الجوع الحاد في 55 دولة بعشرين مليون شخص إضافي، ليصل الرقم الإجمالي إلى أكثر من 155 مليون شخص يعانون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي خلال 2020، مقارنة بالعام الذي قبله في الدول التي شملها التقرير الصادر عن الأمم المتحدة بشراكة مع منظمات دولية أخرى. 
وحذر كبير الخبراء الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، من عواقب ذلك، مؤكداً أن هذه الأرقام فقط في 55 دولة شملها المسح، وهي الدول التي تخضع للمراجعة وفقاً للشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية. وأكد حسين، خلال مؤتمر صحافي بمناسبة صدور التقرير، أن الأسباب المؤدية إلى ذلك لم تتغير خلال السنوات الخمس الماضية، وأغلبها ينحصر في عدد من الأمور، وهي الصراعات وانعدام الأمن والظواهر المناخية الحادّة والصدمات الاقتصادية الناجمة جزئياً عن انتشار فيروس كورونا وتبعاته.
وأما عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بسبب الأزمات والصراعات، فيصل إلى قرابة 100 مليون شخص، تضاف إليها أربعون مليوناً بسبب التبعات والصدمات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، فضلاً عن 16 مليوناً بسبب الظواهر المناخية. 
وتوقع التقرير أن تستمر المعاناة من نقص الغذاء الحاد بالنسبة إلى أكثر من 142 مليون شخص في تلك الدول. ولفت التقرير إلى أن قرابة 133 ألف عانوا من أعلى مستويات الحاجة، أو المرحلة الخامسة، وكانوا بحاجة إلى تدخل فوري للحيلولة دون انتشار الوفيات وانهيار كامل لسبل العيش. ويشير التقرير إلى أن 28 مليون شخص آخر في 38 دولة كانوا خطوة واحدة عن تلك المستويات، أي الدرجة الرابعة بحسب التصنيف. وأدت الإجراءات الطارئة إلى إنقاذ الأرواح للحيلولة دون انتشار المجاعة على نطاق واسع كذلك. ويبقى اليمن من بين البلدان الأكثر تضرراً، إضافة إلى بوركينا فاسو وجنوب السودان. ولا يوثق التقرير حالات الجوع المزمن.
أما الدول والمناطق العشر التي تتصدر القائمة، فهي بوركينا فاسو واليمن وأفغانستان وسورية والسودان وشمال نيجيريا وإثيوبيا وجنوب السودان وزيمبابوي وهايتي. ويعيش قرابة 103 ملايين شخص من الذين يعانون من مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في المناطق والدول العشر تلك، ما يشكل أكثر من 65 بالمئة من العدد الإجمالي. ويُظهر التقرير بوضوح أن الصراع والجوع يعزز بعضهما بعضاً، ويؤكد ضرورة معالجتهما معاً للتوصل إلى أي حل جذري لأيٍّ منهما.
وعلى الرغم من أن الأغلبية الساحقة لهؤلاء الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من الدول التي شملها المسح، يعيشون في القارة الأفريقية، 98 مليوناً، إلا أن دولاً كاليمن وأفغانستان وسورية وهايتي تعاني كذلك من أزمات حادة، وزاد عدد هؤلاء الذين يعانون فيها بعد انتشار جائحة كورونا. ولاحظ التقرير زيادة خلال السنوات الخمس الأخيرة في عدد هؤلاء الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد من 94 مليوناً إلى147 مليوناً، وقرابة نصف هؤلاء هم من الأطفال دون سن الخامسة، أي أكثر من 75 مليوناً.
وأكد التقرير أن جائحة كورونا عرّت الثغرات الصحية والاجتماعية، بما فيها هشاشة النظم الغذائية الدولية، ودعا إلى ضرورة التعامل مع تلك الثغرات بشكل طارئ لجميع سكان الكرة الأرضية لضمان الحصول على تغذية آمنة وصحية ومستدامة لمليارات البشر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030.

وقد صرّح مدير قسم الطوارئ في "فاو" دومينيك بورجون لوكالة "فرانس برس"، بأنّ "هذه الأرقام تظهر خطورة الوضع وضرورة التحرك السريع والمنسّق". وأضاف أنّ "الرد لا يجب أن يكون إنسانياً فقط، بل أن يعمل على معالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي". كذلك أوضح أنّ "السبب الرئيسي للأزمة الغذائية المحتدة التي واجهها 100 مليون شخص في عام 2020 كان مرتبطاً بالنزاعات وانعدام الأمن"، في مقابل 77 مليوناً في عام 2019. وهذه النزاعات هي التي سبّبت ستّاً من أكبر عشر أزمات غذائية في العام الماضي، في جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن وأفغانستان وسورية ونيجيريا وجنوب السودان. وبالنسبة إلى أربعين مليون شخص، كانت الأزمات الاقتصادية السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي في مقابل 24 مليوناً في عام 2019. وأكّد بورجون أنّ "الجائحة أدّت إلى تفاقم نقاط ضعف النظم الزراعية على كل المستويات"، وقد أدّى التأثير الاجتماعي والاقتصادي لأزمة كورونا إلى تفاقم الأزمات في هايتي والسودان وزيمبابوي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبالنسبة إلى 15 مليون شخص، كانت "صدمات مناخية" السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي لديهم، وهو عدد أقل بكثير مما سجّل في 2019، مع 34 مليوناً. وأدّت العواصف الاستوائية والأعاصير والفيضانات خصوصاً إلى زيادة المشاكل الغذائية في أميركا الوسطى وهايتي. وتابع بورجون قائلاً إنّ المؤشرات ليست جيدة لعام 2021، مضيفاً: "يمكننا أن نرى بالفعل أنّه سيكون عاماً صعباً".

ويتنبأ التقرير، وفق ما أوردته "فرانس برس" بأن "تبقى النزاعات السبب الرئيسي لأزمات الغذاء، فيما سيواصل كورونا والقيود الصحية التي تنجم عنه زيادة انعدام الأمن الغذائي الحاد في الاقتصادات الهشة".

المساهمون