كرة القدم في مخيمات غزة.. ركلات من السعادة تتجاوز الاحتلال

05 مارس 2024
نجح أطفال مخيم في رفح جنوبي غزة في انتزاع شيء من التسلية (الأناضول)
+ الخط -

وسط أجواء السعادة المؤقتة نجح أطفال مخيم البدائي في رفح جنوبي غزة، في انتزاع شيء من التسلية، واقتناص لحظات من الفرح عبر ممارسة ألعاب مختلفة، بينها كرة القدم المفضلة لديهم، فيما يتجاوزون صخب القصف وهدير الطائرات الحربية الإسرائيلية ويتجاهلونها.

فبينما ترتفع أصوات هتافات الأطفال بعد انتصارهم في مباراة كرة القدم التي نظموها في أحياء المخيم الذي يؤويهم وبين أزقته العشوائية، تعكس وجوههم إصرارهم على الحياة ومواساة النفس، رغم قسوة الظروف التي يعيشونها تحت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 5 أشهر.

ألعاب أطفال غزة تتحدى الاحتلال: لن نيأس

وفي مشهد مثير، يتمكن علاء مسلم (11 عاماً) من تسجيل هدف الفوز بعد تمريرة رائعة من زميله، حيث يستقبل الكرة ببراعة بقدمه اليسرى ويسددها بيمناه بقوة إلى داخل الشباك، مما يمنح فريقه التقدم في المباراة، ويجلب الفرحة إلى قلوب زملائه في الفريق.

بعد الهدف بدقائق قليلة انتهت المباراة الودية بفوز فريق مسلم الذي أطلق عليه اسم "غزة"، بأربعة أهداف مقابل ثلاثة لفريق "المجدل".

وليواصلوا حياتهم رغم الحرب، أنشأ الفلسطينيون النازحون مخيمات مؤقتة تضم خيامًا صنعت من أقمشة مهترئة ونايلون في رفح المكتظة بالنازحين.

هذه المخيمات، رغم افتقارها لأبسط مقومات الحياة، تمثل ملاذًا مؤقتًا للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث تعيش في ظروف صعبة أملًا في تجنّب ويلات القصف الذي يستهدف المباني والمنازل في كل أرجاء القطاع.

الطفل علاء مسلم نزح من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة مع أسرته المكونة من 7 أفراد، يشير إلى أهمية لعب كرة القدم باعتبارها وسيلة للترفيه عن أنفسهم في ظل الحرب والقصف المستمر، قائلًا: "نلعب كرة القدم لنحاول تخفيف الضغط عن أنفسنا في هذه الظروف القاسية، نحاول أيضًا أن نلهو بألعاب مختلفة مثل إطلاق الطائرات الورقية في السماء ولعبة البنانير".

الطفل الفلسطيني يعبّر عن أمله في أن تنتهي الحرب بأسرع وقت ممكن، قائلًا: "نشعر بالملل من هذا الوضع الدائم، نحاول أن نحتفظ بروح الأمل والتفاؤل بأن هذه الحرب ستنتهي".

البنانير.. ترفيهه مجاني في زمن الحرب

بجانب مسلم، على قطعة أرض رملية فارغة، يرسم رفيقه وليد درابيه (9 أعوام) مثلثًا، ويضع في داخله البنانير الملونة، المعروفة محليًّا بـ "القلول".

والقلول أو البنانير كرات صغيرة مصنوعة من الزجاج، وتعتمد اللعبة على رسم شكل هندسي غالبًا ما يكون مثلثاً أو دائرة، ويوضع عدد من البنانير داخل الشكل.

ويقذف اللاعب البنورة بأصبعي الإبهام والسبابة محاولًا إصابة البنانير داخل الشكل، فإن نجح يفُز بالبنورة التي أصابها، أو أكثر والتي خرجت من حيز الشكل الهندسي الذي يحمل اسم "المور" بحسب الأطفال.

وتلك اللعبة الشعبية تشكل مصدر فرح لدرابيه وللأطفال الآخرين للانشغال قليلًا عن مآسي الحرب، وللتعويض عن غياب الوسائل الترفيهية.

يجتمع العشرات من النازحين الأطفال حول درابيه الذي نزح من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتملأ السعادة وجوههم.

يقول درابيه: "نلعب البنانير لنحاول تخفيف الضغط عن أنفسنا"، متمنيًا أن تنتهي الحرب ويعود إلى منزله ليتمكن من اللعب مع رفاقه الذين تركهم في الحي ولا يعرف مصيرهم.

طائرات ورقية تزاحم قذائف الاحتلال في سماء غزة

وعلى بعد مسافة قريبة من المخيم، يقف الطفل خالد شنن (12 عامًا) على تلّ رملي، ويطلق في عنان السماء طائرته الورقية التي صنعها للتو.

لا يستطيع خالد إخفاء علامات الفرحة والسعادة التي تطغى على وجهه بمجرد إطلاق الطائرة الورقية في الهواء، قائلًا: "الحرب دمرت حياتنا ودمرت بيتي، ولكن على الرغم من ذلك نحن نرغب في العودة ووضع خيمة فوق الركام والجلوس داخلها".

ويضيف بحزن: "ليس لدينا ملابس هنا، ونقيم في خيمة، لقد تعبنا كثيرًا من تداعيات الحرب وآثارها".

وفي تصريحات سابقة، قال مدير عام مكتب الإعلام الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة، لـ "الأناضول" إن مدينة رفح تضم نحو مليون و300 ألف نسمة، يعيشون ظروفًا صعبة جراء الحرب.

ومؤخرًا، بحثت حكومة الحرب الإسرائيلية خطة "إجلاء" الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم التحذيرات الدولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين الذين لا مكان آخر يذهبون إليه بعدما أجبروا على النزوح من كل مناطق القطاع تحت وطأة الحرب المستعرة منذ نحو 5 شهور.

يأتي ذلك في حين تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربًا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون