تدفع الحرب على غزة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ثلاثة أشهر الفلسطينيين المسيحيين إلى الهجرة، سواء من قطاع غزة المحاصر والمستهدف، أو من الضفة الغربية المحتلة. هذا ما أكده كاهن رعية الروم الأرثوذكس في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية الأب عيسى ثلجية في مقابلة مع وكالة الأناضول، أتت بالتزامن مع احتفال الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الشرقي بعيد الميلاد.
وقال ثلجية إنّ "رسالة السيد المسيح جاءت لنشر السلام والمحبة، وبُعثت من هنا من مغارة الميلاد في بيت لحم إلى العالم، لكنّ السلام مغيّب اليوم في أرضه". وشدّد على أنّ الوضع اليوم وسط الحرب على غزة "صعب جداً. ثمّة مجازر تُرتكَب بحقّ الأطفال، الناس يُقتلون ويعيشون من دون طعام ولا شراب ومن دون مأوى، وكلّ ذلك من دون سبب".
وأشار ثلجية إلى أنّ "الحروب مدمّرة لكلّ الناس"، مضيفاً أنّ الحرب القائمة على أرض مقدّسة تدفع الفلسطينيين، بمن فيهم المسيحيون، إلى الهجرة.
وعبّر كاهن رعية الروم الأرثوذكس في مدينة بيت لحم عن مخاوف حقيقية على وجود المسيحيين في فلسطين، موضحاً أنّ "أعداد المسيحيين في قطاع غزة تتناقص بصورة كبيرة من جرّاء الحروب المدمّرة (التي سبق أن شنّها الاحتلال الإسرائيلي)، وهنا في بيت لحم كذلك من جرّاء الحصار والوضع الاقتصادي المتردّي".
وتابع ثلجية: "رسالتنا اليوم (في خلال عيد الميلاد) من مهد المسيح أن يعمّ السلام وتتوقّف الحروب، وأن يفتح العالم عيونه وقلوبه لوقف الظلم". وأكد ثلجية أنّ "النور الذي انتشر من هنا (بيت لحم) يرجع إلى العالم، وهو أملنا. وهدفنا أن نعيش بسلام وأمن وأمان في كلّ العالم".
وأسف الكاهن الفلسطيني إذ إنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفت في قطاع غزة المساجد والكنائس والمستشفيات والمنازل، ولم يعد أيّ مكان آمناً.
"صامدون هنا" على الرغم من الحرب على غزة
وشدّد ثلجية على أنّ "صلاتنا اليوم مع غزة وقلوبنا معهم (أهل غزة)، ومع كلّ المظلومين في العالم الذين يعيشون القهر والظلم ويعيشون من دون أمن وأمان".
وعلى الرغم من المصاعب والحروب القائمة، أكد ثلجية: "نحن هنا صامدون في بيت لحم وقطاع غزة وكلّ فلسطين"، فيما توجّه إلى العالم، قائلاً إنّ "الوقت حان لوقف الحرب. يكفي هذا الدمار".
ومنذ صباح أمس السبت، تُقام احتفالات عيد الميلاد في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم، علماً أنّ المسيحيين المحتفلين هم الروم الأرثوذكس والسريان والأقباط والأحباش.
وتكتسب مدينة بيت لحم التاريخية قدسيّتها، إذ تحتضن كنيسة المهد التي يعتقد المسيحيون أنّ السيد المسيح وُلد في الموقع الذي قامت عليه.
وبحسب معطيات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، فإنّ 45 ألف مسيحي يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، من بينهم 40 ألفاً في الضفة الغربية المحتلة و850 في قطاع غزة المحاصر و4 آلاف في مدينة القدس المحتلة.
(الأناضول، العربي الجديد)